حكومة بولسونارو تتولى مهامها في البرازيل

توقعات بخصخصة المؤسسات وإلغاء بعض برامج المساعدات الاجتماعية

بولسونارو برفقة وزرائه الجدد في القصر الرئاسي ببرازيليا أمس (رويترز)
بولسونارو برفقة وزرائه الجدد في القصر الرئاسي ببرازيليا أمس (رويترز)
TT

حكومة بولسونارو تتولى مهامها في البرازيل

بولسونارو برفقة وزرائه الجدد في القصر الرئاسي ببرازيليا أمس (رويترز)
بولسونارو برفقة وزرائه الجدد في القصر الرئاسي ببرازيليا أمس (رويترز)

في مطلع عام 2003، خرج البرازيليون بأعداد غفيرة إلى الساحات يحتفلون بتنصيب النقابي اليساري لولا دا سيلفا رئيساً للجمهورية في أجواء من الترقّب الكبير لحدوث تغييرات جذرية في المسارين السياسي والاجتماعي لكبرى الدول الأميركية اللاتينية.
وتغيّرت البرازيل مع لولا، ودارت عجلاتها السياسية والاقتصادية نحو اليسار طوال عشرة أعوام، عندما بدأ الفساد ينخر كل المؤسسات على كل المستويات ممهّداً لتغيير جذري آخر لم يتأخر طويلاً. وها هم البرازيليون اليوم يحتشدون بمئات الآلاف للاحتفال بتغيير جذري آخر في الاتجاه المعاكس، مع وصول اليميني المتطرّف جايير بولسونارو إلى سدّة الرئاسة، محفوفاً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو ونظيره المجري المتطرّف فيكتور أوروبان بعد أن سحب الدعوات التي كان الرئيس السابق ميشال تامر قد وجهها إلى رؤساء فنزويلا، وكوبا، ونيكاراغوا لحضور حفل تنصيبه.
كان واضحاً من نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها بولسونارو بنسبة 55 في المائة من الأصوات على منافسه فرناندو حدّاد، أن البرازيليين يتطلعون إلى التغيير، أياً كانت وجهته، شريطة التخلّص من حكم حزب العمّال الذي كان مرمى سهام بولسونارو طوال الحملة الانتخابية.
وللمرة الأولى منذ أشهر، تخلّى الرئيس المنتخب عن هجماته القاسية على خصومه السياسيين في الكلمة التي ألقاها أمام البرلمان، فدعا النوّاب إلى الاتحاد من أجل «إعادة بناء الوطن وتحريره من الجريمة والفساد والخنوع العقائدي والسياسات الاقتصادية العبثية»، في حين كانت تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب وردود بولسونارو عليها تنذر بتحوّل جذري في سياسة البرازيل الخارجية. فقد وجّه ترمب رسالة إلى الرئيس البرازيلي، جاء فيها: إن «الولايات المتحدة بجانبك»، ردّ عليها بولسونارو بقوله: «معاً، بحماية الله، سنحمل الازدهار والتقدم لشعبينا».
وقال بولسونارو في خطاب التنصيب، إنه سيحكم مستلهماً نصّ الدستور ومحبّة الله، ليضيف: «البرازيل والله فوق كل شيء»، رافعاً علم بلاده أمام الآلاف من مؤيديه، ومؤكداً أن «رايتنا لن تكون حمراء أبداً»، في إشارة إلى حزب العمّال واليسار.
وكان لافتاً غياب المعارضة للمرة الأولى عن حفل التنصيب، حيث اعتبرت في بيان أن «الحقد الذي يظهره الرئيس المنتخب لحزب العمّال ينبع من مشروعه الهادف إلى إقامة دولة بوليسية، والقضاء على المنجزات التاريخية التي حققها الشعب البرازيلي».
ويتزامن وصول بولسونارو إلى رئاسة القوة الاقتصادية الثامنة في العالم مع خروج البرازيل من مرحلة طويلة من الركود الاقتصادي وبداية فترة واعدة من النمو في بلد هو السادس في العالم من حيث المساحة وعدد السكان.
والى جانب الرئيس المنتخب، حَلَفَ اليمين نائبه الجنرال المتقاعد هاملتون موراو، الذي ينتظر أن يلعب دوراً فاعلاً في الإدارة الجديدة، إلى جانب سبعة عسكريين سابقين يتولّون حقائب أساسية في الحكومة التي تضمّ 22 وزيراً، بينهم سيّدتان.
الترقّب في ذروته، داخل البرازيل وخارجها، بانتظار القرارات الأولى التي ستصدر عن الإدارة الجديدة بعد الوعود التي أطلقها بولسونارو خلال حملته الانتخابية، من خصخصة المؤسسات والشركات العامة، وإلغاء معظم برامج المساعدات الاجتماعية، والسماح باستغلال مساحات واسعة من غابة الأمازون وترخيص بيع الأسلحة للمدنيين وإطلاق يد أجهزة الأمن لمكافحة الجريمة.
وعلى الصعيد الدولي، تخشى الأمم المتحدة أن ينفّذ بولسونارو وعوده بالانسحاب من اتفاقية باريس حول تغيّر المناخ ومن اتفاقية الهجرة، في حين ليس معروفاً بعد إذا كان سيحدد تاريخاً لتفعيل قراره نقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، أو أنه سيكتفي بالإعلان الذي صدر عنه منذ أيام. وتفيد معلومات بأن بولسونارو يميل إلى التريّث في تفعيل قرار نقل السفارة بعد تنبيهات عدد من كبار رجال الأعمال للتداعيات الاقتصادية السلبية التي قد تنشأ عن هذه الخطوة؛ نظراً للمصالح التجارية والمالية الضخمة للبرازيل مع عدد من الدول العربية.
لكن الترقّب الأكبر على الصعيد الداخلي يدور حول التحركات المقبلة للماكينة القضائية بعد أن عيّن بولسونارو على رأسها في وزارة العدل القاضي الذي دفع بغريمه السياسي الأول لولا دا سيلفا إلى السجن وحرمه من الترشّح للانتخابات الرئاسية. ومن المنتظر أن يكون أول المستهدفين الرئيس السابق ميشال تامر الذي وصل إلى رئاسة الدولة بعد عزل ديلما روسّيف عام 2016 بتهمة الفساد. وكان تامر قد استطاع الإفلات من العزل والمحاكمة بفضل تأييد غالبية الأعضاء في مجلس الشيوخ الذين كان يخشى معظمهم المصير نفسه في حال رفع الحصانة عنهم. ويتوقّع المراقبون أن تتسارع الإجراءات القضائية لملاحقة تامر فور سقوط الحصانة الرئاسية عنه؛ مما سيفتح الباب أمام مسلسل من المحاكمات التي قد تقضي على الكثير من خصوم بولسونارو.
ألغاز وتوقعات كثيرة تحيط بالخطوات الأولى التي سيقدم عليها الرئيس البرازيلي الجديد، والتي ليس معروفاً بعد ماذا سيكون وقعها وتأثيرها على شعبيته.
ومما لا شك فيه أنها ستكون مرهونة بمسار الاقتصاد الذي، إذا نما بوتيرة ثابتة، سيتيح له هامشاً أكبر من المناورة ويشعر بمزيد من الثقة للمضي في تغيير قواعد اللعبة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».