التاريخ الثقافي المنسي لشبه القارة الهندية

التاريخ الثقافي المنسي  لشبه القارة الهندية
TT

التاريخ الثقافي المنسي لشبه القارة الهندية

التاريخ الثقافي المنسي  لشبه القارة الهندية

عن المهمش والمنسي والملتبس ثقافيا واجتماعيا وسياسيا في تاريخ شبه القارة الهندية، صدر حديثًا عن «مجموعة النيل العربية للنشر» بالقاهرة، كتاب «شبه القارة الهندية... في القرن التاسع عشر والعشرين... الهند وباكستان وبنغلاديش»، للدكتور محمد عبد القادر محمد سليمان.
يتناول الكتاب تاريخ شبه القارة الهندية الحديث من منتصف القرن التاسع عشر حتى استقلال الهند 1947. وبالرصد والتحليل العلمي الموثق يرسم مؤلفه صورة متكاملة لمراحل الكفاح الوطني في فترات تاريخية متتابعة تنبع من رؤية للقادة الهنود أمثال غاندي ونهرو وأبو الكلام آزاد ومحمد علي جناح. وتتمثل أهمية الكتاب في محاولته تقديم إجابات شافية عن كثير من التساؤلات الخاصة بالأحداث السياسية على الساحة الهندية التي تشغل بال القراء والدارسين وكل المهتمين بالدراسات الآسيوية. وهو يستعرض عبر فصوله التسعة والعشرين تاريخ مجيء الأوروبيين ونمو القارة البريطانية في الهند والعلاقات البريطانية مع دول الجوار في أثناء حكم شركة الهند الشرقية، والتغييرات الدستورية وأثرها على السياسات الاقتصادية بالإضافة لليقظة الثقافية والاجتماعية في الهند والثورات التي حدثت قبل عام 1857 ضد الجيش الإنجليزي، وبذور نشأة الهند الحديثة.
يقول الكاتب: «قمت بعمل بحث متخصص عن تلك الحقبة لما استشعرته من أهمية وتميز، فنرى مثلا أنه لاكتشاف التراث الثقافي المنسي والضائع للهند، وكذلك المظهر المدهش للنهاية الدينية والاجتماعية بالهند في القرن التاسع عشر»، لافتا إلى ظهور روح المبادرة في هذا المجال عن طريق بعض الموظفين الباحثين الإنجليز، ثم تابع الباحثون الهنود مسارهم، ويعتبر السير ويليام جونز الرائد في اكتشاف التراث الثقافي للهند، وقد أتى للبلد قاضيا للمحكمة العليا في القرن الثامن عشر. ويقول المؤلف إنه قبل مجيء جونز إلى هذه الأرض كان قد برع في العبرية والعربية والفارسية، وخلال وجوده في الهند تعلم السنسكريتية.
ويذكر المؤلف أن الأدب السنسكريتي بفضل ويليام جونز أصبح مألوفًا لدي كثير من الباحثين، كما أنه اهتم بإنجازات الهنود القدامى في مجال العلم، وقد لاحظ قبل موته في عام 1794 أن الهنود عرفوا أساسيات الجاذبية الأرضية في أوقات مبكرة، ونصح جونز المبشرين البروتستانتيين باحترام العادات والتقاليد الدينية للهند وعدم اعتبار اللاهوت الهندي والأخلاقيات الهندية شيئا وضيعا وأدنى من المسيحية.


مقالات ذات صلة

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يوميات الشرق دور النشر شهدت إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يعايش الزائر لـ«معرض جدة للكتاب 2024» مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف عبره أحدث الإصدارات الأدبية، ويشهد العديد من الندوات وورش العمل والجلسات الحوارية.

إبراهيم القرشي (جدة)
يوميات الشرق يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

تنظم هيئة المكتبات «ملتقى القراءة الدولي» الهادف لتعزيز العادات القرائية، من 19 إلى 21 ديسمبر (كانون الأول) بقاعة المؤتمرات في «مركز الملك عبد الله المالي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)
لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)
TT

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)
لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

منذ عام 2016 لمع نجم تمارا حاوي بصفتها مدربة تمثيل لوالدتها رندة كعدي. درست تمارا المسرح ونالت شهادات عليا في إعداد الممثل، فتبادلت معها آفاقَ مدارس تمثيلية مختلفة.

تقول تمارا لـ«الشرق الأوسط»: إن «والدتي متأثرة بمدرسة (ستانيسلافسكي) لأسلوب التمثيل الواقعي. أما أنا فيطبعني أسلوب المسرح المعاصر. وجَمعُنا بين هاتين المَدرَستين ولّد تكاملاً في الخبرات بيننا».

تصف تمارا مشوارها مع والدتها بارتكازه منذ بدايته على كيمياء قوية سَرت بينهما. وكلّ شخصية تجسّدها تمارا اليوم يسبقها مُشاورات ونقاشات بينهما. «نُقيِّم الدور ونقف على تفاصيله. نُحضّر له قبل شهرٍ من موعد التّصوير. وبعد أن نصل إلى نقاط مشتركة نبدأ العمل».

اشتهرت تمارا بمهنة التدريب التمثيلي إلى جانب أدائها أدواراً عدة في الأفلام السينمائية. تجاربها في عالم الدراما كانت أقل. فهل غوصها في مهنة التدريب لم توفّر لها فرصة تقديم دور العمر؟ تردّ: «أبداً، بل العكس صحيح، أحبّ التّمثيل، ولا أؤمن بمقولة (دور العمر). فلا بدّ أن يمرّ الممثل بتجاربَ وتحديات كثيرة حتى يصقل أداءه ومهنته. ولست ممّن يُصنّفون الممثل بأدوارٍ معينة. وبعد مروره في جميع هذه المحطات يستطيع حينها التفكير بدور العمر، وستُتاح له فرصة مشروعٍ سينمائي أو مسرحي أو تلفزيوني».

الفنانة اللبنانية تمارا حاوي (تمارا حاوي)

لعبت تمارا مؤخراً، دور فتاة اسمها «نور» في الفيلم القصير «ذنوب مخفية». وهو من إخراج سيرج الهليّل، وشارك في «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة». تخبر تمارا: «تأدية دور شخصية مركّبة، كانت تجربة جديدة بالنسبة لي. فـ(نور) فتاة في الـ32 من عمرها وتعاني من اضطراب نفسي». وتتابع: «يحمل الفيلم رسالة واضحة عن ضرورة الاهتمام بصحتنا النفسية. والمطلوب ممّن يعانون من مطبات نفسية أن يعبّروا عنها ويُخرجوا ما في داخلهم لاختصاصي نفسي أو لشخص مقرّب منهم».

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية. «شعرنا بأننا وصلنا إلى بيتنا وناسنا، وأن الفيلم يُعرض بين أهلنا الذين يتلقفون بسرعة حبكات نصوص أفلامنا اللبنانية. وتكمن أهمية الفيلم القصير في سرعة إيصال الرسالة. وعادةً ما تحمل موضوعات جريئة يتوق إليها صُنّاع السينما بدل الدراما».

تشير تمارا إلى أن التدريب على التمثيل لا يُشبه مهنة التمثيل بتاتاً. «عندما أدرّب أنطلق من نفسي، وأنفصل تماماً عن تمارا الممثلة، كي لا أؤثر على الطرف الآخر بوجهة نظر أو أسلوب معين. ما يشغلني حينها هو النص والممثل الذي يُجسد الدور. ويكمن هدفي في إضافة الأفضل على شخصية الممثل. وعندما أكون مدربة أملك وجهة نظر مغايرة تماماً عنّي بصفتي ممثلة. والمطلوب هو الانتباه بدقّة إلى شخصية الممثل ومدرسته وأسلوب تعبيره. كما علينا أن نكون حريصين على وجهة نظر المخرج والكاتب. أما المدرب فهو حلقة الوصل بين هذه العناصر الثلاثة مجتمعة».

ملصق الفيلم القصير «ذنوب مخفية» (تمارا حاوي)

وبالنسبة إلى أسلوبها التمثيلي، تقول إنه يحضّها على ممارسة تقنيات تُدركها عندها، فتلحق بخيالها الذي رسمت معه ملامح الشخصية وتُصقله بلغة الجسد وملامح الوجه بعيداً عن التكرار. وتضيف: «يُمنع على المدرّب أن يفرض طريقة تمثيل معينة على صاحب الدور. لذلك أنطلق معه، من خلال فهمي للشخصية وإيصال النص المكتوب ورؤية المخرج».

بالنسبة إلى الممثلين أصحاب الخبرة، ترفض تمارا أن يقال إن المدرب يعلّمهم. وتوضح: «نحن نساعدهم بوجهات نظرنا، وبنوعية أداءٍ معينٍ خشية أن يقعوا في فخ التكرار».

والأمر يختلف فيما يخصّ الممثلين المبتدئين: «علينا التّنبه هنا إلى كيفية التعاطي معهم بحيث لا نؤذي مشاعرهم ولا نحدّ من طموحاتهم».

لم تشأ تمارا منذ بداياتها تجسيد أدوار تمثيلية عادية في إنتاجات درامية تجارية بحتة. «ركّزتُ خلال سنوات على التمثيل المسرحي والسينمائي بشكل أكبر. وعندما دخلت الدراما كان عليّ أن أكون حذرة، فليس هناك استئذان من المُشاهد. لأن الممثل يدخل بيت المُشاهد عنوة، عكس المسرح والسينما، اللذين يُتيحان للجمهور حرية اختيار العمل وما يرغبون في مشاهدته».

تمارا موجودة حالياً في إسطنبول مع والدتها رندة كعدي، تمارس مهنتها مدربة لوالدتها على دور (الست نجوى) في مسلسل «القدر». وتُتابع: «سنتعرّف في هذه الشخصية إلى رندة كعدي بدور مختلفٍ، فهي تُجسّد شخصيةً ذات طبقاتٍ تمثيلية عدة، وتكون بمثابة امرأة متسلّطة عكس ما اعتدناه في أدوارها الدافئة والحنونة. وتلعب دوراً أساسياً في التّحكم بأفراد أسرتها. وتلوّن أداءَها بـ6 طبقات مختلفة متناغمة مع ملامح كل شخصية تقف أمامها».

لم تخُض بعد تمارا تجربة تسلّم التدريب التمثيلي لعمل درامي بأكمله. «لا أزال أعمل على طريقة التدريب الفردي مع صاحب الدور. فأحظى بوقت كافٍ للعمل بتركيز كبير على أهمية استيعاب النص. وشغفي التدريبي يُتيح لي إيصال حقيقة الشخصية المجسّدة إلى الآخر».

وعن الدور الذي يُمكن أن يتحداها ممثلةً تقول: «أحبّ الأدوار المركّبة أكثر من غيرها. وقد أدّيتها أكثر من مرة ضمن أدوار محورها حالات نفسية غير متزنة. وبينها ما يدور حول الإصابة بمرضي التّوحد وانفصام الشخصية. وإجادتي الرّقص تُساعدني في ترجمة الحالة بلغة جسدية متّقنة. مما يُسهم في تغيير الأداء التمثيلي».