كانت فتاة غلاف من الدرجة الأولى خلال حقبة التسعينات. حملت ألقابا كثيرة منها «دوناتيلا فيرساتشي بوليوود»، و«السيدة الأولى لعالم الموضة في الهند»، و«ملكة الموضة الهندية» وغيرها من الألقاب. إنها ريتو بيري التي مثلت مسيرتها المهنية مصدر إلهام للكثير من الشخصيات الطموحة في عالم الموضة والأزياء في الهند.
في عام 1998، حققت ريتو أول إنجاز لها على المستوى الدولي، عندما أصبحت أول هندية تقدم مجموعتها الأولى باسم «أسبوع الأزياء الراقية» في باريس. وباتت لاحقاً المديرة الفنية للدار الفرنسية «جون لوي شيرير. ويصح القول بأنها كسرت حاجزاً راسخاً في عالم الموضة والأزياء كان عصياً على أكثر الهنود آنذاك.
تقول ريتو في مقابلة مع كاتبة هذه السطور: «لم يكن كثير من المصممين الهنود آنذاك، يُنظمون حتى عروض في باريس، وكانت رئاسة دار أزياء فرنسية، حلماً بعيد المنال لأي مصمم هندي». وفي عام 2010، حصلت ريتو على وسام الفنون والآداب برتبة فارس، الذي يعد واحداً من أهم وأرفع الجوائز المدنية التي تمنحها الحكومة الفرنسية.
انشغلت ريتو مؤخراً بالمشاركة في عدد من المشروعات إضافة إلى تصميم الأزياء من أجل العلامة التجارية الخاصة بها. وقد تمكنت بجهدها من تأسيس «رابطة الفخامة»، التي تفتح باب الهند أمام العلامات التجارية الفاخرة من دول مختلفة. وتركز فكرة الرابطة على توفير مساحة من المعرفة والكفاءة، بحيث شكل في دورته الأخيرة التي نُظمت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، فرصة لالتقاء صناع القرار والفنانين والمعنيين في المجال من صناع ومستهلكين إلى جانب ممثلي الحكومة. وخلال هذه الفعالية، قالت ريتو: إن «توعية العالم بالثراء المعرفي الموجود داخل ورش العمل تعد جزءاً من رسالة الموضة، كما توفر فرص عمل للشباب الهندي».
قصة ريتو
تمكنت بطلَّاتِها الأنيقة على مدى سنوات، من ترك بصمة خاصة بها. خصوصاً أنها بدأت في وقت كانت الموضة والأزياء بالهند في طور النشأة. ومنذ ذلك الحين باتت تظهر في أسبوع الموضة في باريس، وصممت ملابس للكثير من الشخصيات الشهيرة حول العالم، منهم نيكول كيدمان وآندي مأكدويل الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية، وبيل كلينتون الرئيس الأميركي السابق، وتشارلز أمير ويلز، وليتيسيا كاستا الممثلة وعارضة الأزياء الفرنسية، وإليزابيث سكارليت جاغر الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية ذات الأصول الإنجليزية، وجيري هول الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية.
كما عملت مستشارة لمتجر «هارودز» في العاصمة البريطانية لندن، إلى جانب الكثير من العلامات التجارية العالمية مثل «فولفو»، و«شواروفسكي»، و«هوندا موتورز». ونظراً لما حققته من نجاحات، احتفت بها مجلة «تايم» من بين «الأشخاص المؤثرين» في مجال المال والأعمال على المستوى العالمي. وتعترف بأن لقاءها ببطلها فرنسوا لوساج سيد التطريز الفرنسي الراحل، شكل نقطة تحول في مسيرتها المهنية، فقد جمعت بينهما «علاقة ود وتآلف». وتقول عنه: «إذا كان أساس عالم الأزياء الراقية هو التطريز، يمكن للمرء القول إن لوساج هو أساس هذا العالم». سرعان ما تحول لقاؤها معه في باريس، الذي لم يتجاوز العشر دقائق، إلى اجتماع امتد لساعتين، منحها بعده لوساج فرصة العمر بالعمل معه.
تقول ريتو: «أشعر بشغف نحو التطريز، وأعتقد أنه يضفي ألقاً وبهاء على الملابس». وتضيف: «يعتمد أسلوبي على إبراز الأنوثة الناعمة، والطابع الرومانسي مع قليل من البهرجة». وتوضح أن هذا طبيعي بحكم أنها مصممة هندية وبالتالي يمثل التطريز جزءاً أساسياً من الأناقة. عن باريس تقول ريتو، إنها «مدينة أزياء السهرة الساحرة، وملاذ الخبراء وأصحاب الذوق الرفيع، ولا يمكن مقاومة أي شيء فيها. ولا يستطيع المرء في هذه المدينة أن يفوت هذا المزيج الرائع من الفتنة المعجزة والإغواء الفرنسي الذي يجمع بين الجمال والمغامرة. إنها مدينة ملهمة بالفعل».
لكنها ترى في الوقت ذاته أن الوقت قد حان ليرسخ عالم الأزياء في الهند بصمته على الساحة الدولية، قائلة: «إن التاريخ يخبرنا بأن الهند كانت دوماً مصدر إلهام للمصممين حول العالم. وهو يمر اليوم بمرحلة مثيرة للاهتمام، فالهند تتمتع بإمكانيات كبيرة، وفيها عدد كبير من المصممين الموهوبين الذين ينتظرون اكتشافهم. بيد أن هناك بعض الثغرات التي ينبغي سدها، ومنها تأثر الهنود الكبير بالغرب، ومحاولة تقليدهم، التي تنتج عنها ملابس لا تلائم الشخصية الهندية. كما ترى أن المصممين العالميين يتطلعون إلى الهند ليستلهموا منها أعمالهم، ويستعينون بحرفيين منها لتنفيذ مجموعات أزيائهم الراقية. وتشير: «لقد استوحى مصممون عالميون الكثير من أعمالهم من ثقافتنا الثرية وتراثنا المميز من ثقافتنا الثرية وتراثنا المميز، من إيف سان لوران إلى كريستيان لاكروا، وجون بول غوتييه. ومن الطبيعي إذن الاهتمام بالهند والاحتفاء بمصمميها في عواصم الموضة العالمية». وذكرت في معرض حديثها عن آيديولوجيتها في التصميم قائلة: إن «إضفاء الطابع الهندي على الأزياء العصرية، هو ما أستمتع به كثيراً، حيث يمثل عملي مزيجاً من الطابع الهندي والغربي». وتحب ريتو استخدام النسيج المقصب، وأقمشة الجاكارد، والشيفون والجورجيت، وتمنح تلك الأقمشة طابعاً حسياً، تمزج فيه بين سحر العالم القديم من التطريز التقليدي وبين الأشكال العصرية من أجل الخروج بنتيجة مثيرة.
من الأقمشة التي لا تخفي حبها لها، قماش الـ«كادي» الذي يبرز دائماً في تشكيلاتها. وكانت أول مجموعة طرحتها من هذا القماش العضوي. تقول: «أحب الكادي، فقد استخدمته في تشكيلتي الأولى التي أطلقتها في عام 1990، والسبب أنه قماش فاخر منسوج يدوياً بحيث يحمل روح غازله. وتتابع: «أحبه كثيراً وأرى فيه تعدداً وتنوعاً. إنه واحد من الأقمشة الخفيفة المريحة خاصة في فصل الصيف، عدا أنه يحمل بصمة الهند، ولا يُخلف تصنيعه أي نتائج ضارة. فهو صديق للبيئة ويتحلل بشكل طبيعي، ولا ينبعث منه الكربون. لقد أصبحت عبارة «تبنوا الكادي اليوم» شعاري كشكل من أشكال الإسهام على سطح هذا الكوكب». لكن مواهب ريتو لا تقف عند هذا الحد، فهي تحب القراءة وتدون خواطرها بشكل منتظم. وقد ألفت كتباً كثيرة منها «العقل العنيد»، الذي روت فيه رحلتها بالصور. واتخذت قراراً واعياً بجعله حقيقياً قدر الإمكان، فهو يسرد قصة إنجازاتها وفشلها أيضاً. ومن كتبها الأخرى «101 طريقة لتبدو في أفضل حال»، و«الذباب المضيء - قصة خرافية». ويعد الكتاب الأخير الأعلى سعراً من بين الكتب التي ألفها الهنود. مما لا شك فيه أنها من محبي الطعام أيضاً، فحسابها على موقع «إنستغرام» مليء بصور أطباق باريسية لذيذة. مع ذلك يبدو أنها تعشق إلى جانب الملابس والطعام، شيئاً آخر هو الجواهر، فحبها للخواتم والقطع العتيقة واضح للغاية. فمما لا شك فيها أنها من رائدات الأعمال، ومبدعة ذات قدرة على القيادة، ولا تتوقف لحظة واحدة ولا حتى لالتقاط أنفاسها إذا كان الهدف هو تطوير نفسها.