ريتو بيري... سيدة الموضة الهندية

سجلت سابقة في باريس بحصولها على وسام الفنون والآداب برتبة فارس

ريتو بيري - من عرضها في  2014 ببومباي
ريتو بيري - من عرضها في 2014 ببومباي
TT

ريتو بيري... سيدة الموضة الهندية

ريتو بيري - من عرضها في  2014 ببومباي
ريتو بيري - من عرضها في 2014 ببومباي

كانت فتاة غلاف من الدرجة الأولى خلال حقبة التسعينات. حملت ألقابا كثيرة منها «دوناتيلا فيرساتشي بوليوود»، و«السيدة الأولى لعالم الموضة في الهند»، و«ملكة الموضة الهندية» وغيرها من الألقاب. إنها ريتو بيري التي مثلت مسيرتها المهنية مصدر إلهام للكثير من الشخصيات الطموحة في عالم الموضة والأزياء في الهند.
في عام 1998، حققت ريتو أول إنجاز لها على المستوى الدولي، عندما أصبحت أول هندية تقدم مجموعتها الأولى باسم «أسبوع الأزياء الراقية» في باريس. وباتت لاحقاً المديرة الفنية للدار الفرنسية «جون لوي شيرير. ويصح القول بأنها كسرت حاجزاً راسخاً في عالم الموضة والأزياء كان عصياً على أكثر الهنود آنذاك.
تقول ريتو في مقابلة مع كاتبة هذه السطور: «لم يكن كثير من المصممين الهنود آنذاك، يُنظمون حتى عروض في باريس، وكانت رئاسة دار أزياء فرنسية، حلماً بعيد المنال لأي مصمم هندي». وفي عام 2010، حصلت ريتو على وسام الفنون والآداب برتبة فارس، الذي يعد واحداً من أهم وأرفع الجوائز المدنية التي تمنحها الحكومة الفرنسية.
انشغلت ريتو مؤخراً بالمشاركة في عدد من المشروعات إضافة إلى تصميم الأزياء من أجل العلامة التجارية الخاصة بها. وقد تمكنت بجهدها من تأسيس «رابطة الفخامة»، التي تفتح باب الهند أمام العلامات التجارية الفاخرة من دول مختلفة. وتركز فكرة الرابطة على توفير مساحة من المعرفة والكفاءة، بحيث شكل في دورته الأخيرة التي نُظمت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، فرصة لالتقاء صناع القرار والفنانين والمعنيين في المجال من صناع ومستهلكين إلى جانب ممثلي الحكومة. وخلال هذه الفعالية، قالت ريتو: إن «توعية العالم بالثراء المعرفي الموجود داخل ورش العمل تعد جزءاً من رسالة الموضة، كما توفر فرص عمل للشباب الهندي».

قصة ريتو
تمكنت بطلَّاتِها الأنيقة على مدى سنوات، من ترك بصمة خاصة بها. خصوصاً أنها بدأت في وقت كانت الموضة والأزياء بالهند في طور النشأة. ومنذ ذلك الحين باتت تظهر في أسبوع الموضة في باريس، وصممت ملابس للكثير من الشخصيات الشهيرة حول العالم، منهم نيكول كيدمان وآندي مأكدويل الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية، وبيل كلينتون الرئيس الأميركي السابق، وتشارلز أمير ويلز، وليتيسيا كاستا الممثلة وعارضة الأزياء الفرنسية، وإليزابيث سكارليت جاغر الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية ذات الأصول الإنجليزية، وجيري هول الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية.
كما عملت مستشارة لمتجر «هارودز» في العاصمة البريطانية لندن، إلى جانب الكثير من العلامات التجارية العالمية مثل «فولفو»، و«شواروفسكي»، و«هوندا موتورز». ونظراً لما حققته من نجاحات، احتفت بها مجلة «تايم» من بين «الأشخاص المؤثرين» في مجال المال والأعمال على المستوى العالمي. وتعترف بأن لقاءها ببطلها فرنسوا لوساج سيد التطريز الفرنسي الراحل، شكل نقطة تحول في مسيرتها المهنية، فقد جمعت بينهما «علاقة ود وتآلف». وتقول عنه: «إذا كان أساس عالم الأزياء الراقية هو التطريز، يمكن للمرء القول إن لوساج هو أساس هذا العالم». سرعان ما تحول لقاؤها معه في باريس، الذي لم يتجاوز العشر دقائق، إلى اجتماع امتد لساعتين، منحها بعده لوساج فرصة العمر بالعمل معه.
تقول ريتو: «أشعر بشغف نحو التطريز، وأعتقد أنه يضفي ألقاً وبهاء على الملابس». وتضيف: «يعتمد أسلوبي على إبراز الأنوثة الناعمة، والطابع الرومانسي مع قليل من البهرجة». وتوضح أن هذا طبيعي بحكم أنها مصممة هندية وبالتالي يمثل التطريز جزءاً أساسياً من الأناقة. عن باريس تقول ريتو، إنها «مدينة أزياء السهرة الساحرة، وملاذ الخبراء وأصحاب الذوق الرفيع، ولا يمكن مقاومة أي شيء فيها. ولا يستطيع المرء في هذه المدينة أن يفوت هذا المزيج الرائع من الفتنة المعجزة والإغواء الفرنسي الذي يجمع بين الجمال والمغامرة. إنها مدينة ملهمة بالفعل».
لكنها ترى في الوقت ذاته أن الوقت قد حان ليرسخ عالم الأزياء في الهند بصمته على الساحة الدولية، قائلة: «إن التاريخ يخبرنا بأن الهند كانت دوماً مصدر إلهام للمصممين حول العالم. وهو يمر اليوم بمرحلة مثيرة للاهتمام، فالهند تتمتع بإمكانيات كبيرة، وفيها عدد كبير من المصممين الموهوبين الذين ينتظرون اكتشافهم. بيد أن هناك بعض الثغرات التي ينبغي سدها، ومنها تأثر الهنود الكبير بالغرب، ومحاولة تقليدهم، التي تنتج عنها ملابس لا تلائم الشخصية الهندية. كما ترى أن المصممين العالميين يتطلعون إلى الهند ليستلهموا منها أعمالهم، ويستعينون بحرفيين منها لتنفيذ مجموعات أزيائهم الراقية. وتشير: «لقد استوحى مصممون عالميون الكثير من أعمالهم من ثقافتنا الثرية وتراثنا المميز من ثقافتنا الثرية وتراثنا المميز، من إيف سان لوران إلى كريستيان لاكروا، وجون بول غوتييه. ومن الطبيعي إذن الاهتمام بالهند والاحتفاء بمصمميها في عواصم الموضة العالمية». وذكرت في معرض حديثها عن آيديولوجيتها في التصميم قائلة: إن «إضفاء الطابع الهندي على الأزياء العصرية، هو ما أستمتع به كثيراً، حيث يمثل عملي مزيجاً من الطابع الهندي والغربي». وتحب ريتو استخدام النسيج المقصب، وأقمشة الجاكارد، والشيفون والجورجيت، وتمنح تلك الأقمشة طابعاً حسياً، تمزج فيه بين سحر العالم القديم من التطريز التقليدي وبين الأشكال العصرية من أجل الخروج بنتيجة مثيرة.
من الأقمشة التي لا تخفي حبها لها، قماش الـ«كادي» الذي يبرز دائماً في تشكيلاتها. وكانت أول مجموعة طرحتها من هذا القماش العضوي. تقول: «أحب الكادي، فقد استخدمته في تشكيلتي الأولى التي أطلقتها في عام 1990، والسبب أنه قماش فاخر منسوج يدوياً بحيث يحمل روح غازله. وتتابع: «أحبه كثيراً وأرى فيه تعدداً وتنوعاً. إنه واحد من الأقمشة الخفيفة المريحة خاصة في فصل الصيف، عدا أنه يحمل بصمة الهند، ولا يُخلف تصنيعه أي نتائج ضارة. فهو صديق للبيئة ويتحلل بشكل طبيعي، ولا ينبعث منه الكربون. لقد أصبحت عبارة «تبنوا الكادي اليوم» شعاري كشكل من أشكال الإسهام على سطح هذا الكوكب». لكن مواهب ريتو لا تقف عند هذا الحد، فهي تحب القراءة وتدون خواطرها بشكل منتظم. وقد ألفت كتباً كثيرة منها «العقل العنيد»، الذي روت فيه رحلتها بالصور. واتخذت قراراً واعياً بجعله حقيقياً قدر الإمكان، فهو يسرد قصة إنجازاتها وفشلها أيضاً. ومن كتبها الأخرى «101 طريقة لتبدو في أفضل حال»، و«الذباب المضيء - قصة خرافية». ويعد الكتاب الأخير الأعلى سعراً من بين الكتب التي ألفها الهنود. مما لا شك فيه أنها من محبي الطعام أيضاً، فحسابها على موقع «إنستغرام» مليء بصور أطباق باريسية لذيذة. مع ذلك يبدو أنها تعشق إلى جانب الملابس والطعام، شيئاً آخر هو الجواهر، فحبها للخواتم والقطع العتيقة واضح للغاية. فمما لا شك فيها أنها من رائدات الأعمال، ومبدعة ذات قدرة على القيادة، ولا تتوقف لحظة واحدة ولا حتى لالتقاط أنفاسها إذا كان الهدف هو تطوير نفسها.


مقالات ذات صلة

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

لمسات الموضة كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

راما منذ الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات. صرحت دار الأزياء الفرنسية…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلتان هدى المفتي وسلمى أبو ضيف خلال حفل الافتتاح ومجوهرات من عزة فهمي (إنستغرام)

مجوهرات الفيروز والذهب... زواج يتجدد بلغة العصر

افتتاح المتحف المصري الكبير الذي تابعنا فعالياته مؤخراً أعاد لنا ذلك الافتتان لدرجة الهوس بكل ما هو مصري في مجالات فنية وإبداعية متنوعة. كما أعاد وهج حضارة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تمت ترجمت الفكرة في مجوهرات ناعمة بأحجار كريمة (أختين)

علامة «أختين» المصرية تنقش من الحناء مجوهرات عصرية

لم تكن نقوش الحناء يوماً مجرد زينة. كانت ولا تزال أيضاً لغة بصرية تجسد البركة التي تشهد على كل الاحتفالات، وتُنقش بلغة فنية تُعبر عن الهوية والانتماء، وأحياناً…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قلادة «سويتر برستيج» من «شانيل» الفائزة بالجائزة الأولى (شانيل)

«شانيل» تفوز بالجائزة الكبرى للمجوهرات الرفيعة في إمارة موناكو

حدث جديد شهدته إمارة موناكو وسينضم إلى روزنامتها الحافلة بالفعاليات العالمية المهمة، مثل سباق «فورمولا 1» ومعرض اليخوت، والأمسية الخيرية Bal De La Rose. …

«الشرق الأوسط» (لندن)

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.


راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
TT

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

صورة عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني، وزوجته، راما دواجي، تبدو لأول وهلة جديدة على المشهد السياسي الأميركي... ثنائي شاب من أصول مسلمة، ينتمي إلى جيل «زد» ويتحدث لغته بفصاحة وشجاعة لم ترَ لها نيويورك مثيلاً. فهما لم يتنازلا في أي مرحلة من مراحل الرحلة الانتخابية عن مبادئهما الإنسانية والسياسية والفكرية الداعمة للأقليات والضعفاء.

لكن من الناحية البصرية، لا تبدو هذه الصورة جديدة تماماً. تُذكّر بالرئيس الأميركي الراحل جون كيندي وزوجته جاكي... ثنائي لا يقل كاريزما وتأثيراً على جيل كامل كان يحلم وينتظر التغيير للأفضل. فضل كبير في تجميل صورة جون كيندي يعود إلى جاكي؛ السيدة الأولى التي وظّفت الجمال والأناقة سلاحاً ناعماً ومؤثراً في الوقت ذاته.

ملكت راما بجمالها ونعومتها وثقافتها قلوب ناخبي نيويورك (رويترز)

وكما شكّلت جاكي كيندي في ستينات القرن الماضي مرآة جيل آمَن بالحلم الأميركي، تبدو راما دواجي اليوم امتداداً لذلك الإرث وأكثر... فهي تنقله إلى مرحلة أعمق وعياً وصدقاً يمكن أن تتحول فيها الموضة صوتاً للإنسانية والأقليات.

راما من الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها. مثل جاكي؛ تتمتع راما بكاريزما وجمال فريد من نوعه، ومثلها أثرت على جيل كامل من الناخبين في زمنها؛ أي من جيل «زد»، وفق تصريح من زوجها، الذي استقطب المؤثرين في حملته الانتخابية للوصول إلى هذه الشريحة.

لم يكن لأصول راما العربية والمسلمة، فهي من والدين سوريين ووُلدت في الولايات الأميركية، تأثير سلبي على الناخبين. على العكس؛ ملكت قلوبهم بصدق مواقفها أولاً، وجمالها وأناقتها ثانياً.

وقفت راما إلى جانب زوجها تنظر إليه بصمت... لكن كل ما فيها كان يتكلم... من نظرات العيون إلى الأزياء (أ.ف.ب)

الصورة التي ستبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ، وهي تظهر إلى جانب زوجها زهران ممداني بصفته أول مسلم وأصغر عمدة يتولى هذا المنصب منذ عام 1892، جذبت اهتمام الولايات المتحدة، كما شدّت أنفاس العالم بأسره... كان فيها تصالح مع الماضي واستقبال للحاضر... وقفت فيها راما، ذات الـ28 عاماً، إلى جانبه صامتة، تنظر إليه بين الفينة والأخرى بنظرات إعجاب، شبّهها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بنظرات الأميرة الراحلة ديانا.

بلاغة الصمت

صمتها لم يَشفِ غليل البعض؛ لأنهم لم يجدوا فيه سمات الصورة النمطية للزوجة المسلمة التابعة لزوجها من دون أن يكون لها كيان خاص أو استقلالية... فراما فنانة لها وجود وتأثير على الساحة الفنية، وقالت بصمتها كل ما يلزم قوله عن هذه الاستقلالية، إضافة إلى انتمائها الثقافي والسياسي. فما ارتدته لم يكن مجرد اختيار عادي يليق بمناسبة يفترض فيها أن تكون بكامل أناقتها، بل كان بياناً سياسياً وإنسانياً وفنياً لا يعتذر عن أفكارها ورؤيتها ودعمها القضية الفلسطينية. إطلالتها أكدت أن الجيل الذي تنتمي إليه أعلى شجاعة من الجيل الذي سبقه في صدق تعبيره عن القضايا السياسية ونبل المشاعر الإنسانية.

عبّرت راما عن ثنائية انتمائها باختيار إطلالتها من مصمم فلسطيني - أردني ومصممة نيويوركية (رويترز)

قد تبدو إطلالتها بسيطة أول وهلة، لا سيما أنها بالأسود؛ «اللون الذي لا يخيب» وتلجأ إليه المرأة عندما تكون خائفة وتريد أن تلعب على المضمون، إلا إن بساطتها كانت خادعة وعميقة في آن؛ لأنها كانت محملة بالأفكار. اختارت «بلوزة» دون أكمام من الدينم الأسود، مطرزة بتخريمات منفذة بالليزر، من تصميم الفلسطيني - الأردني زيد حجازي، الذي أبرز فيها تفاصيل التطريز الفلسطيني التراثي وزخارف القرى الفلسطينية. زيد حجازي، الذي تخرج في معهد «سنترال سان مارتينيز» بلندن، يصف علامته بأنها «استكشاف لـ(الثقافات القديمة والمعاصرة)».

نسّقت دواجي «البلوزة» مع تنورة من المخمل والدانتيل، أيضاً بالأسود، من تصميم إيلا جونسون، وهي مصممة نيويوركية تشتهر بأسلوبها الرومانسي والحرفي، الذي يستهوي النخب الفنية والبوهيمية في بروكلين. الجمع بين مصمم فلسطيني ومصممة نيويوركية يشير إلى جذورها وانتمائها إلى ثقافتين: العربية والأميركية، ويقول إن الموضة ليست مجرد مظهر أنيق وأداة جذب أو قناع واقٍ، بل هي مواقف وأفعال، وترمز أيضاً إلى جيل من المهاجرين لم يعد يكتفي بالاندماج، بل يحلم بالتأثير والمشاركة في رسم ملامح الواقع الذي يعيشه.

ما أسلوب راما دواجي؟

تتميز راما بأسلوبها الخاص وإن كانت تميل إلى الأسود في المناسبات الرسمية (أ.ف.ب)

إلى جانب أنها فنانة ورسامة ومصممة رسوم متحركة، فهي تتمتع بأسلوب بوهيمي تعبر من خلاله عن شخصية مستقلة ومتحررة فكرياً، فهي تنتمي إلى جيل الإنترنت، والـ«تيك توك» وغيرها من المنصات الشبابية. هذا الجيل يراقب العالم بعين ناقدة... يُحلله ويحلم بتغييره للأفضل، بما في ذلك صناعة الموضة، التي يفهمها ويعشقها، لكنه في الوقت ذاته يريد إخراجها من قوالبها النخبوية والتقليدية. يبدو أن دواجي توافقهم الرأي، وإذا كانت إطلالتها ليلة النصر هي المقياس، فإن المتوقع منها طيلة فترة عمدية زوجها أن تتعامل مع الموضة بوعي إنساني بوصفها جسراً تلتقي عليه الحضارات والثقافات بصدق وشفافية.


أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات.

صرحت دار الأزياء الفرنسية في بيان أصدرته بالمناسبة بأنها «تُعرب عن امتنانها العميق لأوليفييه على كتابته فصلاً مهماً من تاريخها».

من جهته، أعرب روستينغ عن مشاعره قائلاً في بيانه الخاص: «أنا ممتن لفريقي الاستثنائي في (بالمان)، كانوا عائلتي التي اخترتها في مكان كان بمثابة بيتي طوال الـ14 سنة الماضية... سأظل دائماً أحتفظ بهذه التجربة الثمينة في قلبي».

أوليفييه روستينغ يودع دار «بالمان» بعد 14 عاماً (أ.ف.ب)

لم يكن تعيين «بالمان» لروستينغ «تقليدياً» في عام 2011. كان في الرابعة والعشرين من عمره، أي كان أصغر مدير إبداعي في باريس منذ إيف سان لوران، وأول مدير إبداعي من أصول أفريقية في دار أزياء أوروبية.

صغر سنه ساهم في إدخال الدار العالم الرقمي، حيث أطلقت في عهده أحد أول «فلاتر سناب تشات» الخاصة بالعلامات التجارية، وتطبيق خاص بها، وشراكة مبكرة مع «إنستغرام» للتسوق في عام 2019، من دون أن ننسى أنه أعاد إحياء خط الأزياء الراقية في «بالمان» بعد انقطاع دام 16 عاماً.

من تصاميمه لدار «بالمان» (غيتي)

من بين إنجازاتها الكثيرة أنه نشر ثقافتها لجيل كامل وقع تحت سحر جرأته الفنية، وإن كان البعض يرى أن السحر يكمن في تعاوناته مع نجمات عالميات، نذكر منهن كيم كارداشيان وجيجي حديد وكندال جينر وبيونسي وغيرهن.

روستينغ في عرضه الأخير لخريف وشتاء 2025 مع عارضاته (غيتي)

ولد أوليفييه في مدينة بوردو الفرنسية لأبوين أفريقيين تخليا عنه ليتم تبنيه في سن مبكرة من قبل زوجين فرنسيين. على المستوى المهني، درس في معهد «إسمود» في باريس قبل أن ينضم إلى دار «روبرتو كافالي» بعد التخرج، حيث تولى في نهاية المطاف قيادة قسم الأزياء النسائية. في عام 2009، التحق بدار «بالمان» ليعمل تحت إشراف المصمم كريستوف ديكارنين، وبعد عامين خلفه بصفته مديراً إبداعياً، وفي عام 2016، قاد الدار بسلاسة خلال عملية استحواذ مجموعة «مايهولا» القطرية عليها.

رغم أن صورة وجه المصمم وإطلالاته الاستعراضية ستبقى محفورة في الذاكرة، فإن تصاميمه المبتكرة هي أكثر ما يميزه في انتظار الفصل التالي من مسيرته.