لم تعد المستعمرات البشرية على سطح القمر مجرد صفحة من صفحات الخيال العلمي أو «مهمة مستحيلة»، إذ أعلنت وكالة الفضاء الروسية أخيراً عن «برنامج القمر» الذي يعرض مراحل مشروع بناء محطة مأهولة على سطحه بحلول عام 2030، وبينما تشير التصريحات الرّسمية إلى أنّ العمل على الشق التقني من المشروع يجري من دون أي عقبات، فإنّ العمل على تحديد «قدرة الإنسان على التحمل» في مهام من هذا النوع، تبقى مسألة شائكة يحاول العلماء والمختصون التعامل معها ضمن الظروف المتاحة.
لهذا الغرض كان لا بدّ من محطة تشبه نوعاً ما المحطة المأهولة التي يُخطّط لبنائها على سطح القمر، وضمن ظروف قاسية تحاكي لجهة العامل النّفسي الظروف التي قد يعيشها رواد الفضاء خلال عملهم في تلك المحطة، لا سيما في قضايا مثل «القدرة على البقاء في عزلة، وقدرة الطّاقم على البقاء بحال المرض أو مواجهة مشكلة ما في المحطة مثل حريق أو تسرب هواء وما إلى ذلك، من دون توفّر إمكانية الاتصال مع الأرض لأشهر طويلة». أي أنّ الدراسات تجري لمعرفة حدود قدرة التحمل النفسي للإنسان في تلك الظروف.
لهذا الغرض جرى اختيار محطة «الشرق» الروسية التي تقع على حواف القطب الجنوبي، حيث سيقيم هناك فريق من العلماء في ظروف تحاكي ظروف الإقامة في المحطة المأهولة على القمر، وسيعكفون على دراسة قدرة الإنسان على التحمل لجهة العمل في عزلة مطلقة عن العالم لفترة طويلة وفي ظروف معقدة للغاية، وكيف يتعامل مع المشكلات التي قد تواجهه من دون أن تتوفّر أي فرصة للحصول على مساعدة من «الأرض».
كما سيتدرّب رواد الفضاء في تلك المحطة على التحمل في ظروف «قلة الحركة»، والبقاء لفترة طويلة في مجال مغلق (داخل المحطة)، ذلك أنّهم لن يتمكّنوا من مغادرة المحطة إلّا عند الضرورة القصوى، وحتى إن غادروها فلن يجدوا أمامهم سوى فضاء مفتوح من دون أي اتّصال مع «العالم الخارجي»، أي مع كوكب الأرض في هذه الحالة.
ويقول العلماء إنّ الاختبارات ستحدّد قدرة الإنسان، وستساعد على اختيار أفضل المرشحين للقيام بتلك المهمة، وأن يكونوا «أول مستوطنين» على القمر.
عزلة في القطب الجنوبي من أجل أول مستعمرة روسية على سطح القمر
عزلة في القطب الجنوبي من أجل أول مستعمرة روسية على سطح القمر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة