تزاحم عسكري في محيط منبج وأجوائها

تركيا تكثف تعزيزاتها العسكرية استعداداً لعملية شرق الفرات

عربات عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منبج شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
عربات عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منبج شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

تزاحم عسكري في محيط منبج وأجوائها

عربات عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منبج شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
عربات عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منبج شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

كثفت تركيا خلال الساعات الماضية من تعزيزاتها العسكرية في مناطق الحدود مع سوريا وفي محيط مدينة منبج التي تبعد 30 كيلومتراً عن الحدود، وسط أنباء عن قصف من جانب الفصائل الموالية لها لبعض مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، كما دخل رتل عسكري أميركي إلى المدينة، تزامناً مع تحليق طائرات أميركية في أجوائها.
ووسط حالة من التزاحم في محيط منبج حيث حشدت تركيا قواتها إلى جانب فصائل الجيش الوطني المكون من فصائل مسلحة موالية لها، في مواجهة قوات النظام السوري، واصل الجيش التركي الدفع بالمزيد من القوات والآليات العسكرية إلى مناطق الحدود في إطار الإعداد للعملية العسكرية المرتقبة في شرق الفرات، التي أكدت مصادر عسكرية أن تركيا عازمة على المضي في تنفيذها.
ووصلت تعزيزات عسكرية جديدة، أمس (الأحد)، إلى ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا، حيث دخل رتل عسكري محمل بمدافع وصل إلى قضاء «كيزل تبه» بولاية ماردين قادما من ولاية شانلي أورفا المجاورة، ومن ثم تحرك مباشرة نحو قضاء «نصيبين» المحاذي مباشرة لسوريا. وفي وقت سابق أمس، أرسل الجيش التركي 50 شاحنة محملة بدبابات ومدافع إلى ولايتي شانلي أورفا وغازي عنتاب الحدوديتين مع سوريا.
وكانت أنقرة أرسلت، ليل السبت - الأحد، تعزيزات جديدة إلى منطقة إيلبايلي في ولاية كليس من أجل نشرها في المناطق الحدودية مع سوريا، ضمت مركبات عسكرية وناقلات جند مدرعة وشاحنات محملة بالعتاد.
في غضون ذلك، تواترت أنباء عن استهداف فصائل موالية لتركيا من قوات درع الفرات، مواقع وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لمجلس منبج العسكري، شمال منبج.
وأفاد موقع مقرب من الإدارة الذاتية، بأن مسلحي درع الفرات استهدفوا، الليلة قبل الماضية، مرتين، عدداً من مواقع قوات مجلس منبج العسكري. وأضاف أن الفصائل استهدفت بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة مواقع مقاتلي مجلس منبج العسكري بالقرب من قرية المحسنلي على خط نهر الساجور، وأن الهجوم لم تتبعه أي مواجهات بين الجانبين.
وفي الوقت ذاته، اتجه رتل عسكري تابع لقوات التحالف الدولي، الذي تقودها الولايات المتحدة، إلى قاعدة «عون الدادات»، شمال منبج أمس.
وأفادت مصادر محلية بأن رتلا عسكريا أميركيا مكونا من ثلاث عربات مصفحة، اتجه نحو القاعدة الأميركية في قرية عون الدادات بريف منبج الشمالي، قادماً من مناطق شرق الفرات، وترافق مع تحرك الرتل تحليق مروحيتين أميركيتين فوق مدينة منبج، دون معرفة سبب توجه الرتل إلى المنطقة المذكورة.
في غضون ذلك، بدأ الجيش الأميركي إخلاء بعض ثكناته ومخازنه شمال سوريا، تنفيذاً لقرار الرئيس دونالد ترمب الانسحاب من سوريا في غضون 100 يوم. ولم تدخل قوات النظام السوري منبج، لكنها انتشرت في مناطق قريبة تمثل خطوط مواجهة مع مسلحي المعارضة السورية الذين تدعمهم تركيا.
وقال مصدر عسكري في مجلس منبج العسكري لـ«رويترز» إن مناقشات مع الحكومة السورية أفضت إلى اتفاق بشأن الحاجة لمنع «الاحتلال التركي لمنبج». وأضاف المصدر أن انتشار جيش النظام في منطقة منبج حتى الآن، هو انتشار «جزئي»، مشيرا إلى أن مزيدا من عمليات الانتشار في المنطقة ستأخذ في الحسبان الوجود الأميركي.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأنه لا صحة لما تردد عن تسلم قوات النظام السوري السيطرة على سد تشرين على نهر الفرات. ونفت مصادر موثوقة، للمرصد، صحة الأنباء التي نشرت حول تسليم قوات سوريا الديمقراطية سد تشرين على نهر الفرات، قرب مدينة منبج، لقوات النظام.
وأكدت المصادر أن منطقة السد القريبة من منبج شهدت صباح أمس تخريج دفعة من قوات الدفاع الذاتي التابعة لقوات سوريا الديمقراطية. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن المرصد، قوله إن هذه الشائعات تأتي بعد نحو 48 ساعة من انتشار قوات النظام على خطوط التماس بين مناطق تواجد القوات التركية والفصائل الموالية لها من جانب، وقوات مجلس منبج العسكري وجيش الثوار من جانب آخر، في ريفي منبج الشمالي والغربي.
ووفقاً للمرصد، فإن القوات التركية والفصائل الموالية لها قسمت جبهة منبج إلى 3 قطاعات رئيسية، أولهما يمتد من منطقة السكرية إلى منطقة السد يتمركز عليها مقاتلو فرقة الحمزات، والقطاع الثاني هو منطقة العريمة ومدخل منبج، يقوده السلطان مراد، فيما القسم الشمالي الشرقي تقوده قوات أحرار الشرقية ويمتد من قرية قيراطة إلى منطقة السد على امتداد نهر الفرات، على أن لا تدخل هذه الفصائل إلى مدينة منبج.
إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أمجد عثمان، إن «مجلس سوريا الديمقراطية» دائما يؤكد على أن حل الأزمة في سوريا يجب أن يكون بين السوريين، وأن تكون هناك رعاية دولية لأي حل يتم التوصل إليه.
وأضاف عثمان في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن «روسيا دولة أساسية ومؤثرة في الملف السوري، ويجب عليها ألا تنجر لخدمة مصالح وأجندات دول إقليمية في المنطقة، وأن تبقى على موقفها في مراعاة مصالح الشعب السوري بالدرجة الأولى».
في السياق ذاته، بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، العلاقات بين البلدين والتطورات في سوريا ومكافحة الإرهاب.
وذكر بيان للرئاسة التركية أن إردوغان وميركل بحثا في الاتصال الهاتفي العلاقات الثنائية إلى جانب التطورات الأخيرة في سوريا وحركات الهجرة غير النظامية إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب. ولفت إلى اتفاق الجانبين على مواصلة الاتصال الوثيق من أجل متابعة نتائج القمة الرباعية حول سوريا التي عقدت في إسطنبول أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فضلاً عن متابعة مرحلة ما بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.