يوم انتخابي دامٍ في بنغلاديش... والشيخة حسينة نحو فوز «ساحق»

المعارضة ترفض النتائج وتطالب باقتراع جديد

الشيخة حسينة ترفع علامة النصر بعد الإدلاء بصوتها برفقة أختها وابنتها في دكا أمس (أ.ف.ب)
الشيخة حسينة ترفع علامة النصر بعد الإدلاء بصوتها برفقة أختها وابنتها في دكا أمس (أ.ف.ب)
TT

يوم انتخابي دامٍ في بنغلاديش... والشيخة حسينة نحو فوز «ساحق»

الشيخة حسينة ترفع علامة النصر بعد الإدلاء بصوتها برفقة أختها وابنتها في دكا أمس (أ.ف.ب)
الشيخة حسينة ترفع علامة النصر بعد الإدلاء بصوتها برفقة أختها وابنتها في دكا أمس (أ.ف.ب)

تتّجه رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة نحو تحقيق فوز ساحق في انتخابات عامة نُظّمت أمس، شابتها أعمال عنف أسفرت عن مقتل 14 شخصا على الأقل وسط اتهامات من المعارضة بالتزوير ودعوات لإبطال النتائج.
وأظهرت نتائج أوليّة أوردتها القناة 24 التي تجمع النتائج من أنحاء البلاد، أنّ حسينة تحقق تقدماً واضحاً إذ فازت بـ61 مقعدا مقابل واحد فقط للمعارضة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وفاز مرشحو حزب رابطة عوامي الحاكم بعشرات آلاف الأصوات في بعض الدوائر الانتخابية، وفق ما ذكرت المحطة التلفزيونية.
في المقابل، وصف تحالف الأحزاب التي تنافس حزب حسينة الانتخابات بـ«المهزلة» وحض لجنة الانتخابات على إبطال النتائج. وقال زعيم الائتلاف المعارض الذي يقوده حزب بنغلاديش القومي كمال حسين للصحافيين: «نطالب بإجراء انتخابات جديدة في ظل حكومة محايدة في أقرب وقت ممكن». وترافق الاقتراع مع أعمال عنف دامية شابت الحملة الانتخابية، وتواصلت أمس رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي نُشر بموجبها 600 ألف عنصر أمن في أنحاء البلاد. وقُتل عشرة أشخاص في مواجهات اندلعت بين مؤيدي حزب رابطة عوامي الحاكم وأنصار حزب بنغلاديش القومي المعارض، بحسب الشرطة، بينما قتلت قوات الأمن التي أكدت أنها كانت تحرس مراكز الاقتراع ثلاثة أشخاص آخرين. وقُتل أحد عناصر الشرطة الاحتياطيّة بعدما هاجمه ناشطون من المعارضة، وفق ما ذكر مسؤولون.
ويُنسب إلى حسينة (71 عاما) تعزيز النمو الاقتصادي في الدولة الآسيوية الفقيرة خلال حكم استمر عقدا من دون انقطاع، واستقبال اللاجئين الروهينغا الفارين من ميانمار المجاورة. لكنها متهمة بالتمسك بالسلطة والتضييق على المعارضة، ولا سيما مع الحكم الذي صدر بحق زعيمة المعارضة خالدة ضياء بالسجن 17 عاما.
واتّهم تحالف المعارضة أمس حزب حسينة بحشو صناديق الاقتراع، واستخدام وسائل أخرى لتزوير النتائج التي ستعلن رسميا اليوم. وتحدث الناطق باسم حزب بنغلاديش القومي، سيّد معظم حسين العال، للصحافيين عن «تجاوزات» في الاقتراع لملء 221 من مقاعد البرلمان الـ300 التي يجري التنافس عليها. وقال العال إن الناخبين مُنعوا من دخول مراكز الاقتراع. وتم إجبار الناخبات على وجه الخصوص على التصويت لصالح «المركب»، في إشارة إلى شعار رابطة عوامي.
من جهته، قال الناطق باسم لجنة الانتخابات في بنغلاديش، أسد الزمان، لوكالة الصحافة الفرنسية إن الهيئة «تلقّت شكاوى عدة عن حصول تجاوزات»، مشيرا إلى أن التحقيق جار في هذا الشأن. وأمرت السلطات مشغلي الهواتف الخلوية بوقف خدمات الإنترنت السريعة تزامنا مع الانتخابات «لمنع انتشار شائعات» يمكن أن تثير أعمال عنف. وتوقف كذلك بث قناة مستقلة، وتعرض سبعة صحافيين لاعتداءات متفرقة.
إلا أن عملية التصويت في دكا جرت بهدوء عموما، مع انتشار قوات الأمن في الشوارع وإغلاق معظم الطرق.
وقال الناخب عبد السلام (98 عاما) من مركز اقتراع في العاصمة «لم أتخلّف يوما عن التصويت طوال حياتي. ستكون هذه آخر انتخابات أشهدها على الأرجح، وأريد مرشحا مناسبا لبلدي».
لكن الناخبين في المناطق الريفية تحدثوا عن تعرضهم للترهيب. وأفاد أطيار رحمن أنه تعرض للضرب من قبل أنصار الحزب الحاكم في منطقة نارايان غانج وسط البلاد. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «قالوا لي ألا أشغل نفسي (بالتصويت) سندلي بصوتك عنك».
وقالت المعارضة إن الاضطرابات هدفها ثني الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم، بينما تحدث مسؤولون في مراكز الاقتراع عن نسب مشاركة ضئيلة في أنحاء البلاد. ومع سقوط قتلى أمس، يرتفع إلى 18 عدد الأشخاص الذين أكدت الشرطة مقتلهم منذ إعلان إجراء الانتخابات في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني). وذكرت الشرطة أنها أطلقت النار على أنصار للمعارضة اقتحموا مركز تصويت في بلدة بشكالي (جنوب)، وقتلوا أحدهم «دفاعا عن النفس».
وفي حادث منفصل، قُتل شخص برصاص الشرطة بعد محاولته سرقة صندوق اقتراع. وتحتاج حسينة للفوز بـ151 مقعدا لتحقيق الغالبية في مجلس النواب، لكن الخبراء يقولون إن أي فوز يمكن أن تشوبه اتهامات بالتضييق على حملة معارضيها.
وتفيد المعارضة أن أكثر من 15 ألفا من ناشطيها اعتقلوا خلال الحملة الانتخابية، ما قوض قدرتها على حشد قاعدة أنصارها. ونددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ومجموعات دولية أخرى بعمليات القمع، مؤكدة أنها أشاعت جوا من الخوف قد يثني أنصار أحزاب المعارضة عن الإدلاء بأصواتهم.
وأعربت واشنطن كذلك عن قلقها إزاء مصداقية الانتخابات في الدولة ذات الغالبية المسلمة، فيما دعت الأمم المتحدة إلى مزيد من الجهود الكفيلة إجراء انتخابات نزيهة. واعتقلت السلطات 17 من مرشحي المعارضة بتهم يقولون إنها ملفقة، فيما رفضت المحاكم التي تعتبرها المعارضة خاضعة لسيطرة الحكومة، ترشح 17 آخرين.
وتنقلت القيادة في بنغلاديش في العقود الثلاثة الماضية بين الشيخة حسينة وخالدة ضياء اللتين كانتا حليفتين قبل أن تصبحا خصمين.
وترفض حسينة اتهامها بنزعة سلطوية لكن المحللين يقولون إن حكومتها شنت حملة القمع، خشية تصويت الناخبين الشبان لصالح حزب بنغلاديش القومي. كما واجهت حكومتها انتقادات في وقت سابق هذا العام لتصديها بقسوة لمظاهرات طلابية حاشدة استمرت لأسابيع.
وحسينة هي ابنة الرئيس الأول لبنغلاديش الشيخ مجيب الرحمن. وفازت بسهولة في انتخابات عام 2014 التي قاطعها حزب بنغلاديش القومي مشككا بنزاهتها. واتهمت منظمات حقوقية إدارتها بخنق حرية التعبير من خلال تشديد قوانين الإعلام وإخفاء معارضين قسرا.
والأحد، أفاد مسؤولون أنه تم حجب بث قناة «جامونا تي في» الإخبارية الخاصة منذ مساء السبت. وقال رئيس تحرير المحطة فهيم أحمد إن «مشغلي محطات أوقفوا بث «جامونا تي في» من دون توضيح الأسباب». ولا يزال من الممكن متابعة القناة عبر الإنترنت. ويعرف عن القناة المملوكة من قبل مجموعة «جامونا» تغطيتها المستقلة.
ويذكر أن سلمى إسلام، التي تنتمي للعائلة المالكة للمجموعة الأكبر في بنغلاديش، شاركت في انتخابات الأحد كمرشحة مستقلة في وجه رجل أعمال نافذ من الحزب الحاكم. لكن شركة كبيرة مشغلة لمحطات الخدمة المدفوعة في دكا أفادت أن بث القناة توقف لأسباب تقنيّة لا سياسية.
وفي السياق ذاته، أفاد سبعة صحافيين أنهم تعرضوا لاعتداءات من قبل أنصار الحكومة في حوادث متفرقة أصيب عدد منهم خلالها بينما تم تخريب معداتهم. ومنع ناشطون مؤيدون للحكومة صحافيين، بينهم اثنان من وكالة الصحافة الفرنسية، من التقاط الصور في بعض مراكز الاقتراع.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.