انتعاش الحركة السياحية في لبنان وسهرات رأس السنة تعمّ مناطقه

عدد الوافدين إليه قد يصل في نهاية العام إلى مليوني شخص

الفنان كاظم الساهر يلتقي محبيه في لبنان ليلة رأس السنة في {كازينو لبنان}
الفنان كاظم الساهر يلتقي محبيه في لبنان ليلة رأس السنة في {كازينو لبنان}
TT

انتعاش الحركة السياحية في لبنان وسهرات رأس السنة تعمّ مناطقه

الفنان كاظم الساهر يلتقي محبيه في لبنان ليلة رأس السنة في {كازينو لبنان}
الفنان كاظم الساهر يلتقي محبيه في لبنان ليلة رأس السنة في {كازينو لبنان}

بين حالة الانتعاش التي تشهدها حجوزات الفنادق في بيروت ومحاولات الإنعاش التي تساهم فيها بلدان أوروبية، يشهد لبنان حركة سياحية جيدة. فحسب أرقام رسمية صادرة عن وزارة السياحة في لبنان وقطاع الفنادق، هناك نسبة حجوزات في فنادق بيروت تصل إلى 80 في المائة.
فيما تلامس الـ70 في المائة في منطقة جونية وبين 35 و50 في المائة في المناطق الجبلية المتوسطة. أمّا ذروة هذه الحجوزات تحققها الفنادق القريبة من مراكز التزلج في لبنان لتصل إلى 90 في المائة.
«لا فروقات كبيرة بين حركة الحجوزات في الفنادق بين العام الماضي والحالي». يوضح وديع كنعان رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» ويتابع: «التحسن الوحيد الذي طرأ عليها هو انفتاح العالم الأوروبي على لبنان كالفرنسيين الذين يسجلون توافدا ملحوظا من قبل مواطنيهم ولا سيما أصحاب العقد السادس إثر رفع الحظر عن السفر إلى لبنان الذي أصدرته الدولة الفرنسية مؤخرا. كما أنّ إدراج لبنان من قبل الفاتيكان على لائحة بلدان الحج الدينية لعام 2019، ساهم في إنعاش الحركة السياحية وتطويرها، ولتؤكد بذلك بأنّ بلدنا ينعم بحالة استقرار أمنية جيدة».
وحسب كنعان فإن مبادرة الفاتيكان ترجمت على الأرض من خلال توافد مجموعات أوروبية ملحوظة. أمّا الحجوزات المتعلقة ببلدان الخليج العربي فهي لا تزال خجولة بانتظار فك حظر السفر إلى لبنان من قبلها بعد تأليف الحكومة اللبنانية، كما أكّدت مصادر رسمية في دولتي الإمارات والسعودية.
«عادة لا يتوافد إلى لبنان في هذا الموسم من السنة أعداد كبيرة من أهل الخليج». يوضح كنعان في سياق حديثه ويشرح: «من يقصدنا بينهم هم مواطنون نعتبرهم من أهل البلد كونهم تربوا وترعرعوا في ربوعه ويعدون لبنان كبلدهم الثاني».
ويؤكد كنعان أنّ ورقة التعاون التي جرت ما بين وزارتي الخارجية والسياحة في لبنان لإيصال وجه بلدنا الجميل بعيداً عن التشويهات التي طالته من هنا وهناك، وصلت أصداؤها الإيجابية إلى دول الغرب والشرق عبر سفرائها في لبنان، فلعبت دوراً كبيراً في هذا الانفراج السياحي الذي نشهده اليوم. ويختم: «إننا وحسب وزارة السياحة في لبنان نتوقّع أن يصل عدد الوافدين إلى البلاد مع نهاية العام إلى نحو مليوني شخص».
وتعمّ لبنان في مناسبة أعياد رأس السنة الحفلات الغنائية والموسيقية في مختلف مناطقه التي يحييها نجوم من لبنان وآخرين من بلدان عربية ويتقدمهم كاظم الساهر. ويقدم هذا الأخير حفلين في المناسبة أحدهما في كازينو لبنان مع الفنان ملحم زين وثان في «سي سايد بافيون»، وتشاركه فيه الفنانة نوال الزّغبي. وتتراوح أسعار الحفلين ما بين 400 و800 دولار للشخص الواحد. ومن الفنانين المشاركين في إحياء حفلات رأس السنة أيضا في 31 الجاري، كل من مايا دياب ومروان خوري. سيسهران مع محبيهما في فندق «لورويال - ضبية» بأسعار بطاقات تبدأ بـ220 دولاراً للشخص الواحد. كما يحيي الفنان ملحم زين حفله الثاني في فندق فينيسيا وسط بيروت إلى جانب نوال الزغبي، وتكلفة البطاقة الواحدة تتراوح ما بين 350 و650 دولارا.
ويغيب عدد كبير من نجوم الغناء عن سهرات العيد المحلية أمثال راغب علامة وإليسا وهيفاء وهبي وعاصي الحلاني ونجوى كرم وميريام فارس، ليتوزعوا على حفلات تقام في المناسبة في بلدان عربية عدّة كالإمارات العربية وتونس وسوريا والأردن ومصر.
ومن الحفلات الأخرى التي يشهدها لبنان ليلة رأس السنة، مع نادر الأتات وسعد رمضان وأدهم النابلسي ومجد موصللي في فندق كمبينسكي - بيروت والأسعار تبدأ من 200 إلى500 دولار.
وكذلك زياد برجي وناجي الأسطا وليال عبود الذين يشاركون معا في سهرة العيد في «فندق كورال بيتش - بيروت» بأسعار بطاقات تتراوح ما بين 200 و400 دولار.
ويلتقي كل من معين شريف ووديع الشيخ ونانسي نصر الله محبيهم في حفل يقام في «فندق لانكستر ايدن باي» بأسعار بطاقات مشابهة (200 و400 دولار). ويلتقي زياد برجي أيضا مع ربيع بارود وجاد نخلة في حفل آخر يحييه في «أطلال بلازا طبرجا» وتتراوح أسعار بطاقات الحفل بين 125 و250 دولارا للشخص الواحد.
ومن السهرات التي ينتظرها اللبنانيون في هذه المناسبة لناصيف زيتون وهشام حداد وآدم الذين يجتمعون في سهرة تقام في «فندق الهيلتون» وبأسعار مقبولة تبدأ بـ190 وصولاً إلى 350 دولاراً للشخص الواحد. ومن بين الفنانين المشاركين في حفلات العيد في لبنان حسين الديك وحازم الشريف وأيمن زبيب ومحمد اسكندر ومحمد مجذوب الذين يحيون حفلاتهم بين مدينتي بيروت وجبيل.
ومن المناطق اللبنانية التي تحتفل بأعياد رأس السنة بلدة بزمار التي تستضيف الفنان علاء زلزلي في فندقها، فيما يحيي أدهم نابلسي حفل العيد في مجمع «اده ساندز» في جبيل.
أمّا اللبنانيون الذين سيعتمدون البرامج التلفزيونية عنوانا لسهراتهم ليلة العيد، فقد خصّصت لهم قناة «إل بي سي آي» باقة برامج منوعة، فيشاهدون نهاية قصّة إنسانية مع الإعلامي مالك مكتبي ضمن برنامجه «أحمر بالخط العريض»، فيما يرافقهم الإعلامي ميشال قزّي نهاراً مع برنامج الألعاب والجوائز القيّمة من الاستديو ويواكبه على الأرض مباشرة إيلي جلادة ليتنقل بين مناطق لبنانية كثيرة ويوزع جوائز الرابحين مباشرة على الهواء. كما يُطلّ هشام حداد في سهرة فنيّة شعبيّة فولكلوريّة يتخللها إطلالة لماغي فرح لمعرفة ماذا يحمل العام الجديد لعالم الأبراج، وتفاصيل كتابها الجديد لعام 2019. ويختم اللبنانيون عامهم مع الاسكتشات الكوميديّة الطريفة برفقة «كوميدينز» من عائلة «ال بي سي آي»، وفي مقدمها فريق برنامجي «لهون وبس» و«كثير سلبي».
أمّا قناة «إم تي في» فقد أعدت برمجة خاصة بهذا اليوم من بدايته حتى نهايته بحيث تصل الليل بالنّهار مع طوني بارود. فيتلقى اتصالات هاتفية مباشرة من المشاهدين ضمن برنامج ألعاب ويقدم لهم جوائز قيمة. فيما يختتم المقدم ألبير تحومي السهرة في جولة على عادات وتقاليد العيد في مناطق لبنانية يرافقها الربح والمسابقات. كما يلخص لنا كل من دنيز رحمة فخري وداني حداد الأحداث السياسية والفنية لعام 2018.
ومن البرامج الأخرى المعدّة من قبل المحطة نفسها «جردة حساب» مع عالم الفلك ميشال حايك، وسهرة فنية مع المطرب جورج وسوف يحاوره فيها المقدم التلفزيوني بيار رباط.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».