هكذا يتحوّل الأطفال المهاجرون إلى وقود للجماعات الإرهابية في ليبيا

«المنظمة الدولية للهجرة» أكدت أن أعداد الصغار غير المصحوبين بذويهم يتعدى 30 ألف طفل (2 ــ 2)

طفل من إريتريا يرفع يديه شكراً لله بعد أن تمكّن من الوصول إلى أوروبا إثر إنقاذه من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
طفل من إريتريا يرفع يديه شكراً لله بعد أن تمكّن من الوصول إلى أوروبا إثر إنقاذه من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
TT

هكذا يتحوّل الأطفال المهاجرون إلى وقود للجماعات الإرهابية في ليبيا

طفل من إريتريا يرفع يديه شكراً لله بعد أن تمكّن من الوصول إلى أوروبا إثر إنقاذه من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
طفل من إريتريا يرفع يديه شكراً لله بعد أن تمكّن من الوصول إلى أوروبا إثر إنقاذه من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)

أنهك ملف الهجرة غير المشروعة الحكومات المتعاقبة في ليبيا، منذ إسقاط نظام معمر القذافي في عام 2011، ولم تفلح في الحد من تنامي الظاهرة، التي تشير أدلة موثقة إلى أنها باتت تشكل خطراً يهدد مستقبل البلد المنقسم سياسياً، وبخاصة في ظل تدفق الآلاف من الأطفال غير المصحوبين بذويهم بين مدنه وبلداته، وهو ما يزيد من فرص وقوعهم فريسة لعصابات إجرامية، أو جماعات إرهابية.
وفي ظل عدم وجود جهاز أمني قوي، وجيش موحد في البلد المترامي جغرافياً، تنحصر مواجهة هذه الظاهرة في شكل مداهمات فردية ومطاردات لأوكار العصابات المتاجرة بالبشر في شرق البلاد، وبالمثل تفعل الأجهزة الأمنية في غربها. لكن حكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس، المُعترف بها دولياً، تؤكد في معرض الدفاع عن نفسها لمواجهة الاتهامات الدولية بأن «ليبيا ليست إلا معبراً» للمهاجرين، وأنها تتعرض لظلم من دول «المنبع» الأفريقية والآسيوية، ودول أوروبا التي تعتبر مقصد كل هؤلاء المهاجرين القصّر، وليست ليبيا.
مخاطر العصابات و«داعش»
لم تكن تدرك المهاجرة الإريترية، التي ماتت أثناء ولادة رضيعها، أنها ستتركه وحيداً لدى جماعات مسلحة، أو أنه قد ينخرط يوماً بين صفوفها. فعلى مقربة من تحقيق «الحلم المؤجل» بالفرار إلى أوروبا، فاضت روح تلك المهاجرة الإريترية، وهي تضع طفلها الرابع في مخبأ سري لإحدى عصابات الاتجار بالبشر، كانت تحتجزها فيه مع أبنائها الثلاثة ومئات المهاجرين، على مقربة من مدينة صبراتة الليبية، المطلة على ساحل البحر المتوسط.
هذه الواقعة التي حدثت داخل عنبر مسقوف برقائق الصاج، يُطلق عليه محلياً اسم «كمبو»، كشفت عنها السلطات الأمنية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد فرار عصابة مسلحة، مصطحبة معها جموع المهاجرين، ومُخلفة وراءها جثة السيدة، وبعض المهاجرين المرضى والمصابين.
وتعد مدينة صبراتة منصة مهمة لاستقبال وفود المهاجرين من أعمار وجنسيات مختلفة، والدفع بهم إلى عرض البحر، ولا تقل أهمية عن مدينتي زوارة، أو القرة بوللي، في نظر المهربين. ورغم كل محاولات التضييق والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها سلطات طرابلس، بالاتفاق مع الحكومة الإيطالية لوقف عمليات التهريب، فإن عيون القادمين من مسارات تهريب مختلفة، لا تزال تتجه إلى «الشط الثاني»، ولا يزال البحر يبتلع مزيداً منهم كل أسبوع على الأقل.
الحادث السابق، وغيره من الحوادث المؤلمة، كشف عنه صالح قريسيعة، مدير الإعلام بغرفة عمليات محاربة «داعش» في صبراتة، الذي كشف لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «عصابات تهريب المهاجرين في المدينة تجمّع ضحاياها في الـ(كمبوهات) لفترات طويلة، انتظاراً للظروف المواتية كي يتم الدفع بهم إلى البحر المتوسط».
وسرد قريسيعة وقائع مثيلة لوفاة السيدة الإريترية، فقال: «في أحيان كثيرة تموت الأم المهاجرة، وبخاصة إذا كانت مريضة، وتترك صغارها بمفردهم دون عائل، وأحياناً تموت سيدة حامل وهي تلد، ويظل رضيعها لدى عصابة التهريب». مبرزاً «وقوع مشاجرات كثيرة بالرصاص بين المهربين، وتكون النتيجة موت الأم أو الأب، أو كلاهما فيبقى الأطفال ليواجهوا مصيراً مجهولاً».
وأوضح قريسيعة، بصفته مطلعاً على أدبيات التنظيم «الإرهابي» وكيفية تجنيده لضحاياه، أن «عصابات التهريب تتولى هؤلاء الأطفال، وتستثمرهم بمعرفتها... فالصبيان المراهقون يتم التغرير بهم دينياً وإدماجهم في صفوف (داعش)، والفتيات الصغيرات يتم استغلالهن جنسياً من طرف أفراد عصابات التهريب، ومثل هذه الجرائم تكون سبباً في نقل الأمراض المُعدية».
دوريات الصحراء والساحل
في الصحراء الشاسعة للشرق الليبي، تتناثر جثث أطفال مهاجرين غير نظاميين، تطايرت أجسادهم النحيلة من مؤخرات حافلات كانت تقلّهم «إلى المجهول»، بينما في الغرب، حيث عاصمة «الحُكم» طرابلس، يصطف هؤلاء المهاجرون الصغار على قارعة الطرق للتسول، بعدما تقطعت بهم السبل في الوصول إلى سواحل البلاد، في رحلة دامية لم تخل من الابتزاز والتعذيب والاغتصاب.
وبعيداً عن الساحل الليبي، المطل على البحر المتوسط بطول 1800 كيلومتر، الذي تدفع إليه عصابات الاتجار بالبشر أفواج الطامحين في الهجرة، «تضبط الدوريات الأمنية التي تجوب صحراء طبرق وما حولها في الشرق الليبي، مهاجرين بينهم أطفال كثر غير مصحوبين بذويهم». وفي هذا الصدد، كشف وهّاب الهنداوي، أحد أعضاء «جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية» في مدينة القبة، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «الدوريات الصحراوية غالباً ما تعثر على أطفال من دول أفريقية، وبخاصة من مصر وتشاد»، مبرزاً أن «كل عملية تهريب مهاجرين نضبطها، نجد بينهم أطفالاً بمفردهم تتراوح أعمارهم ما بين 12 و15 عاماً».
وتابع وهّاب، الذي يعمل في هذه الدوريات المتحركة: «أحياناً نجد صغاراً سقطوا من العربات في الصحراء، فتكسرت سيقانهم وأضلعهم، أو أشرفوا على الموت، فنُحوّلهم إلى المستشفيات للعلاج قبل اتخاذ أي إجراء معهم».
وفي موازاة الدوريات الأمنية في الصحراء الشرقية، تشنّ الأجهزة الأمنية حملات على معاقل الجماعات المتاجرة بالبشر، بالقرب من الساحل الليبي، في مدن زوارة، والزاوية، والخمس، وصبراتة لضبط أفواج المهاجرين، وفي هذا السياق يكشف العقيد عبد السلام عليوان، مدير إدارة الفروع بجهاز الهجرة غير الشرعية بطرابلس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن أنهم يعثرون باستمرار على أطفال كثيرين غير مصحوبين بذويهم في كل عملية إنقاذ.
لكن مثل هذه المداهمات لم تمنع انتشار الأطفال المهاجرين في شوارع العاصمة بهدف التسول، وهي الظاهرة التي اشتكى منها بعض مواطني طرابلس، الذي أصبحوا يرون أن بلادهم أصبحت امتداداً لشبكات تستخدم الأطفال لأغراض خاصة.
يقول حميد الوافي، الناشط المدني الليبي، لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت أعداد هؤلاء الصغار كبيرة؛ فقد تشاهد عشرة أطفال دفعة واحدة، أعمارهم ما بين 5 و7 سنوات، غالبيتهم من تشاد والنيجر وغانا، يتسولون في نقطة واحدة بأحد شوارع طرابلس».
وينتشر هؤلاء الأطفال في أماكن عدة بالعاصمة، بداية من منطقة قصر بن غشير، إلى امتداد طريق السواني حتى السراج، أحد أحياء طرابلس، وتزيد أعدادهم بكثرة في منطقة أبو سليم والهضبة، وغوط الشعال وقرقارش.
لذلك؛ يتخوّف الناشط الليبي، من «استغلال هؤلاء الأطفال في تجارة الأعضاء البشرية»، مبرراً ذلك بـ«افتقاد الرقابة والأمن، وعدم وجود معالم حقيقية للدولة»، متسائلاً: «من يضمن عدم حدوث ذلك؟».
شبكات التسول
تفشي ظاهرة انتشار الأطفال المهاجرين في شوارع العاصمة الليبية، دفعنا أثناء إعداد التحقيق للتوجه إلى عميد بلدية طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال، الذي أقر لـ«الشرق الأوسط» بـ«تفشي ظاهرة التسوّل وانتشارها في العاصمة»، وقال إنه «سينفذ حملة أمنية لمكافحتها».
وفي حملة شارك فيها جهاز مكافحة الهجرة، ووزارة الشؤون الاجتماعية منتصف ديسمبر الحالي ألقي القبض على عدد كبير من المتسولين، وأوضحت النتيجة التي أعلنتها البلدية، أن 85 في المائة من المتسولين، الذين قبض عليهم من جنسيات أجنبية، منذ إطلاق الحملة التي استهدفت الشوارع الرئيسية داخل طرابلس، وأن عدد الليبيين الذين تم اعتقالهم لا يتجاوز 15 في المائة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم.
وقالت السلطات المحلية، إنها قبضت في الحملة نفسها على 48 متسولاً، بينهم رجال ونساء وأطفال من مختلف الأعمار والجنسيات، في حين لاذ الباقون بالفرار عند قدوم الأجهزة الأمنية.
غير أن الحقوقي الليبي جمال المبروك، رئيس «منظمة الإغاثة والتعاون الدولية»، أوضح لنا أن «عمليات التسول التي يمارسها أطفال المهاجرين تشرف عليها شبكات دولية من جنسيات عدة، والمداهمات الأمنية أسفرت عن العثور على مبالغ مالية كبيرة مع عدد من الأطفال». مبرزاً أن «بعض المتسولين عندما يجمّعون مبلغاً من المال يدفعون به إلى عصابات التهريب قصد نقلهم إلى الشط، ومن هناك يركبون الزوارق إلى أوروبا».
في السياق نفسه، لفت المبروك إلى أن المنظمة بصدد الانتهاء من دراسة ميدانية موسعة، تتعلق بحصر المهاجرين داخل المجتمع الليبي، موضحاً أنهم توصلوا من خلال الدراسة، التي أجريت على عشر بلدات غرب طرابلس: «إلى وجود عدد من الأطفال غير المصحوبين بذويهم، كما تبين لباحثي المنظمة وجود أطفال آخرين مع عائلاتهم، ويعملون أيضاً في التسول، وظروفهم المعيشية سيئة، ولا تتوفر لهم فرص تعليمية أو للعلاج».
وأوضح المبروك لـ«الشرق الأوسط»، أن «مدن الجنوب تضم حالياً أعداداً كبيرة من الأطفال غير المصحوبين بذويهم»، وأرجع ذلك إلى سببين: الأول عدم وجود مؤسسات فاعلة للدولة في تلك المدن، وثانياً النشاط الكبير لشبكات التهريب هناك؛ نظراً لحدود البلاد الواسعة والمفتوحة».
مطالب حقوقية
بعيداً عن الانتهاكات التي تقع في حق الأطفال المهاجرين في الشارع الليبي، أوضح رئيس «منظمة الإغاثة والتعاون الدولية» أن فريق الباحثين رصد خلال زيارته الأخيرة إلى مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين «أبو رشادة» بمنطقة غريان (شمال غربي ليبيا)، أعداداً كبيرة من الأطفال، تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، «محتجزين مع مجموعات الشباب، وتثبتنا من تعرض هذه الفئة المستضعفة لانتهاكات جسدية من كبار السن، كما وجدنا هناك أطفالاً حديثي الولادة، ليس لهم سند، بعد فقد أمهاتهم». ونوّه رئيس منظمة الإغاثة إلى أن فريقه لفت نظر المسؤولين عن المركز لهذا الإجراء المخالف للمعايير الإنسانية، فتمت الاستجابة بتوفير أماكن إقامة بديلة للأطفال. كما أبرز المبروك أن منظمة الإغاثة تتواصل مع «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسف) لوضع برنامج لتثقيف وتوعية الضباط والعاملين في مراكز إيواء المهاجرين بحقوق الأطفال المهاجرين.
ونظراً لكثرة الانتهاكات التي شهدها مركز إيواء «أبو رشادة»، فقد تم إغلاقه مع أربعة مراكز أخرى، عبر قرارات صدرت تباعاً من رئيس جهاز الهجرة العميد علي بشر، وهي مركز «شهداء النصر» بالزاوية، و«الشقيقة» في غريان، و«درج»، و«الجفرة».
جهود المنظمات الدولية
مخاوف وقوع أطفال المهاجرين في براثن تنظيم داعش، كانت محور تحذيرات «المنظمة الدولية للهجرة»، و«منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)»، و«المفوضية السامية لشؤون اللاجئين»، الذين رأوا أن هذه الفئة المستضعفة باتت «معرّضة أكثر من غيرها لخطر الاتجار بالبشر، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال الجنسي». وفي هذا السياق، أطلع عثمان البلبيسي، رئيس المنظمة الدولية للهجرة لدى ليبيا، «الشرق الأوسط» على تقدير لعدد الأطفال غير المصحوبين بذويهم في ليبيا، وقال: «إنهم يمثلون 6 إلى 7 في المائة من بين كل مجموعة يتم ضبطها من المهاجرين»، لافتاً إلى أن «الوصول إلى هذه الأرقام جاء بناءً على تقديرات ومقابلات للأطفال والمهاجرين غير الشرعيين، وتتبع رحلاتهم من الدول الأفريقية، ومقارنة الرحلات بعضها ببعض».
وقال رئيس «المنظمة الدولية للهجرة»: «سبق أن رصدنا أعداد الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم داخل الأراضي الليبية، بقرابة 30 ألف طفل (وفق تقدير جرى منتصف عام 2018)». لكنه أبرز أن «الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى من ذلك بكثير». ووضعت المنظمات الثلاث ضمانات إجرائية لتنفيذ مجموعة شاملة من التدابير لحماية الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم، أو المنفصلين عنهم، واللاجئين الذكور والإناث الأصغر من 18 سنة، والموجودين في ليبيا. ووفق إحصائيات للمنظمات الثلاث، فإن عام 2017 شهد وصول ما يزيد على 119 ألفاً بين مهاجر ولاجئ إلى إيطاليا، قادمين من ليبيا عبر طريق وسط البحر المتوسط، بينما فارق الحياة ما لا يقل عن 2832 مهاجراً أو لاجئاً. وسجّل عدد الواصلين إلى إيطاليا انخفاضاً حاداً منذ يوليو (تموز) عام 2017، مقارنة بالفترة نفسها في 2016، على الرغم من الارتفاع الاعتيادي في الأعداد خلال أشهر الصيف، وقد استمر هذا التراجع عام 2018 عندما وصل قرابة 21 ألف مهاجر ولاجئ إلى إيطاليا، بينما وصل 234 لاجئاً إلى مالطا بحلول سبتمبر (أيلول) 2018، لكن رغم انخفاض عدد الواصلين، فإن الرحلات أصبحت أكثر خطورة.
ونجحت المنظمات الثلاث في إعادة طفلة تدعى صوفيا، فقدت والدتها تحت أمواج المتوسط، إلى والدها في غرب أفريقيا. لكن حالة صوفيا التي لا يتجاوز عمرها سبع سنوات، تنطبق تماماً على مئات من أمثالها، الذين عطّلت الأمواج خطة انتقالهم مع ذويهم إلى أوروبا في موجات متلاحقة من الهجرة غير الشرعية. وفي هذا الإطار يؤكد خفر السواحل الليبي، أنه لا يمر أسبوع دون إنقاذ مئات المهاجرين من الغرق، بينهم أطفال فقدوا أقاربهم في مياه البحر.
حدود المسؤولية
في هذا البلد الذي يموج بالفوضى، منذ الانتفاضة التي أسقطت نظام القذافي عام 2011، بات من الصعب أن تجد مسؤولاً يخضع للمحاسبة على تقصير أو فشل، رغم اتهامات طالت غالبية رجال الحكم في البلاد بالفساد. فالمبررات موجودة والتعليلات متاحة، أقلها أن تجد من يقول: «إذا كان أهل البلد يتعرضون للاستهداف والاغتيال، فلن تجد من يبكي على مواطنين تسللوا عبر حدوده على خلاف القانون».
ولأن هناك حكومة معترف بها دولياً، مكلفة حماية البلاد واللاجئين، سعينا للتواصل مع وزارتي الداخلية و«شؤون النازحين والمهجرين» للاستفسار حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع هؤلاء الأطفال، فجاءت الإجابات لتؤكد أن «ليبيا مجني عليها في هذه القضية... والعالم الخارجي اكتفى بالاتهامات دون وضع حلول جذرية، مثل تنمية الدول الأفريقية، أو إيجاد فرص عمل لهؤلاء المهاجرين، بهدف منعهم من مغادرة أوطانهم، والمجازفة بأرواحهم في رحلة تنتهي حتماً بهلاكهم في مياه المتوسط».
يقول العميد محمد علي بشر، رئيس جهاز الهجرة غير الشرعية لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يستهدف إغلاق جميع مراكز الإيواء نهائياً، بعد تكثيف رحلات العودة الطوعية للمهاجرين».
ورغم تزايد عمليات اعتقال بعض المهاجرين، وإنقاذ غيرهم من الغرق في مياه البحر المتوسط، فإن بشر يرى أن «أعداد المهاجرين في تناقص»، في إشارة إلى من هم داخل مراكز الإيواء.
وتابع بشر متحدثاً عن الأضرار التي لحقت ببلاده بسبب عمليات الهجرة، وما أنفقته عليها رغم معاناتها، وأرجع استمرار تدفق المهاجرين إلى «المسافات المترامية لبلاده، التي تستفيد منها عصابات المتاجرة بالبشر، وعدم وجود بوابات حدودية تصد المعتدين».
غير أن عبد الرحمن غندور، الممثل الخاص لـ«يونيسف» في ليبيا، قال: إنه «بغض النظر عن الوضعية القانونية والظروف والأسباب الكامنة وراء ترحال الأطفال، يظلّ الطفل طفلاً، وقد يؤدي الحرمان والأذى، الذي يعيشه خلال رحلته المحفوفة بالمخاطر، إلى زعزعة الأسس التي يرتكز عليها نموّه الجسدي والعاطفي»، وذهب إلى «أن التعاون القائم بين المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية اللاجئين ضروري لإيجاد حل دائم لكل طفل».
مطلب أممي للسلطات الليبية
في مواجهة هذه الظاهرة، طالبت البعثة الأممية السلطات الليبية بسرعة الإفراج عن جميع المهاجرين واللاجئين المحتجزين بشكل تعسفي، مع منح الأولوية للأشخاص الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال، وبخاصة غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم، والأسر والحوامل والمرضعات، والناجون من الاتجار بالبشر والتعذيب والاغتصاب، والأشخاص ذوو الاحتياجات الصحية البدنية والعقلية الخاصة، وذوو الإعاقة.
ودعت البعثة السلطات الليبية إلى تعديل التشريعات الليبية، بما في ذلك القانون رقم 6 لسنة 1987، والقانون رقم 19 لسنة 2010، بما يكفل إلغاء تجريم الدخول والإقامة والخروج غير القانوني من البلاد، وإنهاء ممارسة الاحتجاز الإلزامي أو التلقائي للمهاجرين، مع ضمان التعاطي مع أي مخالفات تتعلق بالهجرة على أنها «مخالفات إدارية بدلاً من جنائية».
وانتهت البعثة إلى ضرورة إعداد قانون لمكافحة الاتجار بالبشر، وتنفيذه بشكل فعال يضمن حماية الناجين والضحايا، وملاحقة مرتكبي الاتجار، وذلك عبر إجراءات تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.



السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
TT

السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)

لا يُعدّ دوي المدافع ولا انفجارات القذائف أو البراميل الناسفة القادمة، أو حتى الرصاصات العمياء، شيئاً جديداً في السودان، الجديد أنه انتقل من «الهوامش» إلى العاصمة الخرطوم، فاضطرت الحكومة وقيادة الجيش للانتقال إلى عاصمة بديلة تبعد نحو ألف كيلومتر على ساحل البحر الأحمر عند بورتسودان.

كان يُنظر للحروب السابقة على أنها تمرد ضد الدولة، لكن أسبابها تكمن في الصراع بين «المركز» الذي يحتكر كل شيء، و«الهامش» الذي لا يحصل على شيء، وأنها «حرب مطالب وحقوق».

لكن الحرب، خلال حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير البلاد، تحولت من حرب مطلبية إلى «حرب دينية» بين الشمال «المسلم»، والجنوب «المسيحي» أو «اللاديني»، وانتهت بـ«فصل جنوب السودان»، وإعلان ميلاد دولة جديدة انضمت للأمم المتحدة، فمن أين تأتي الحروب والعواصف لتدمر السودان؟

يرجع المحللون جذور الحروب السودانية إلى الافتقار لـ«مشروع وطني»، وإلى عدم الاعتراف بالتنوع الإثني والثقافي الناتج عن عدم وجود منظومة سياسية ثقافية اقتصادية موحدة تعترف بهذا التنوع.

ورغم أن الحرب الحالية هي حرب بين جيشين «نظاميين»، لكن جذورها تتصل «بمتلازمة التهميش وعدم الاعتراف بالتنوع»، التي أدت للتمرد الأول قبيل إعلان الاستقلال 1955 بقيادة قوات «أنانيا 1»؛ وهي تسمية محلية لثعبان الكوبرا.

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ملوحاً بعصاه إثناء إلقائه خطاباً في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور في سبتمبر 2017 (أ.ف.ب)

اتفاق «نيفاشا»

انطفأت الحرب الأولى باتفاق أديس أبابا 1972، لكنها اشتعلت مرة أخرى في عام 1983، تحت راية «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة الزعيم الجنوب سوداني الراحل جونق قرنق دمبيور، على أثر إعلان الرئيس الأسبق جعفر النميري «أحكام الشريعة الإسلامية».

وانتقلت من كونها ضد متمردين إلى حرب «جهادية»، جيش الإسلاميين المقاتلين على أساس ديني، ورفعوا رايات الجهاد ضد مَن وُصفوا بـ«أعداء الدين»، فاستمرت الحرب سنوات، وراح ضحيتها أكثر من مليونيْ مواطن.

لم يحقق الجيش ومؤيدوه «المجاهدون» انتصاراً حاسماً، فاضطروا إلى الرضوخ للضغوط الدولية، ووقَّعوا اتفاق سلام في ضاحية نيفاشا الكينية؛ «اتفاق السلام الشامل أو اتفاق نيفاشا».

قضى «نيفاشا» بمنح جنوب السودان «حق تقرير المصير»، وخيّره بين البقاء في السودان الموحد أو الانفصال، وحدد فترة انتقالية قدرها خمس سنوات.

خلال الفترة الانتقالية، شغل زعيم الحركة الشعبية الراحل جونق قرنق دمبيور منصب النائب الأول للرئيس لأيام قلائل، قبل أن يلقى مصرعه في حادثة تفجر المروحية الرئاسية الأوغندية الغامض، ليخلفه نائبه رئيس جنوب السودان الحالي سلفاكير ميارديت.

استفتي شعب جنوب السودان 2010 على الوحدة أو الانفصال، وجاءت النتيجة لصالح الانفصال، فولدت من رحِم الحروب جمهورية جنوب السودان، وخسر السودان ثلث مساحته الجغرافية، وربع عدد سكانه، و75 في المائة من ثرواته وموارده.

انتقلت النيران إلى إقليم دارفور غرب البلاد، وتمردت مجموعات جديدة تحت مزاعم التهميش والاضطهاد باسم «حركة تحرير السودان» في عام 2003.

وأخذت طابعاً «عِرقياً»، بعدما استعانت الحكومة في حربها ضد الحركات المتمردة ذات الأصول الأفريقية، بمجموعات قبلية عُرفت وقتها بمجموعة «الجنجويد» ذات الأصول العربية، ومِن قادتها، للمفارقة، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الذي أصبح قائد ما يُعرف بقوات «الدعم السريع».

راح ضحية حرب دارفور نحو 300 ألف، واتهمت الحكومة، برئاسة عمر البشير، بجرائم تطهير عِرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أصدرت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس السابق عمر البشير، و3 من معاونيه الكبار وهم في الحكم، لا تزال سارية.

مقاتلون من «حركة تحرير السودان» في دارفور في مارس 2024 (أ.ف.ب)

تبضع بين العواصم

في مايو (أيار) 2006، وقّعت الحكومة الإسلامية اتفاق سلام في مدينة أبوجا مع «حركة تحرير السودان»، لكن الحركة انشقت إلى حركتين، يقود التي وقَّعت اتفاق أبوجا حاكم إقليم دارفور الحالي مني أركو مناوي.

رفض تيار عبد الواحد محمد النور الاتفاق، واعتصم بجبل مرة في وسط دارفور، وواصل الحرب ولا يزال، بينما حصل مناوي على منصب مساعد الرئيس عمر البشير، ثم عاد للتمرد زاعماً أنه كان مجرد «مساعد حلّة»، وليس مساعد رئيس، ومساعد الحلة هو معاون سائقي الشاحنات الذي يُعِدّ الطعام للسائق.

تنقلت المفاوضات مع الحركات الدارفورية المتشظية بين عدة عواصم، ففي يوليو (تموز) 2011 وقَّعت مع بعضها في قطر «وثيقة سلام الدوحة»، ونصت على تقاسم الثروة والسلطة، لكن الحرب لم تتوقف.

ثم وقَّعت حركات مسلَّحة مع الحكومة الانتقالية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 اتفاق سلام السودان في جوبا، أبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، ونصَّ الاتفاق على تقاسم السلطة والثروة، وبموجبها تولَّى جبريل إبراهيم وزارة المالية، ومني أركو مناوي منصب حاكم إقليم دارفور.

جنود سودانيون من «قوات الدعم السريع» في ولاية شرق النيل بالسودان، يونيو 2019 (أ.ب)

الجنوب الجديد

كأنما لا بد من جنوب ليحاربه الشمال، اشتعلت حرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وهما منطقتان منحهما اتفاق نيفاشا حق المشورة الشعبية، للبقاء في السودان أو الانضمام للجنوب، وعادت إلى الحرب «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال».

انشقت الحركة الشعبية الشمالية، التي تُعدّ امتداداً للجنوبية، وتضم مقاتلين سودانيين انحازوا للجنوب إبان الحرب الأهلية، إلى حركتين بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الحالي مالك عقار، الموقِّع على اتفاق سلام جوبا، بينما بقيت الأخرى، بقيادة عبد العزيز، تسيطر على منطقة كاودا بجنوب كردفان، وتَعُدّها «منطقة محرَّرة»، وتخوض معارك متفرقة ضد الجيش السوداني، ولا تزال.

لم يَسلم شرق السودان من متلازمة الحروب السودانية، فقد كان مرتعاً لحروب المعارضة المسلَّحة ضد حكم البشير في تسعينات القرن الماضي، ونشأت فيه مجموعات مسلَّحة مثل «مؤتمر البجا»، و«الأسود الحرة»، قاتلت هي الأخرى ضد المركز في الخرطوم، قبل أن تُوقِّع اتفاقاً في العاصمة الإريترية عُرف بـ«أسمرا لسلام شرق السودان»، ونال هو الآخر حصة في السلطة والثروة.

أطاح السودانيون بنظام حكم الإسلاميين، بقيادة الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، عبر احتجاجات شعبية استمرت أشهراً عدة، وأجبروا قيادة الجيش على تنحية البشير.

ومع ذلك، تواصلت الاحتجاجات والاعتصامات، حتى قرر «المجلس العسكري الانتقالي»، برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، فض الاعتصام باستخدام القوة، ما أسفر عن مقتل المئات من المعتصمين، ما عده كثيرون من «أفظع الجرائم» بحق المدنيين.

واستمر الضغط المدني السلمي، فاضطر العسكريون لتوقيع «وثيقة دستورية» نصّت على شراكة مدنية عسكرية، في أغسطس (آب) 2019، وجرى تشكيل حكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتكوين مجلس سيادة انتقالي برئاسة البرهان، ونائبه حميدتي.

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة، في الخرطوم في 22 سبتمبر2021 (غيتي)

حرب الجنرالات

في 25 أكتوبر 2021، أطاح قائد الجيش بحكومة حمدوك المدنية، بانقلاب عسكري، واضطر تحت الضغط الشعبي السلمي مرة أخرى، لتوقيع ما عُرف بـ«الاتفاق الإطاري» مع المدنيين، ونص على «حكم مدني» يعود بموجبه الجيش إلى ثكناته، وإزالة أي فرصة لـ«تمكين نظام الإسلاميين».

لكن أنصار النظام السابق أحبطوا «الاتفاق الإطاري»، واستخدموا آليات «الدولة العميقة» في تأجيج الخلافات بين الجيش و«الدعم السريع»، فاشتعلت الحرب.

لم تفلح جهود إزالة التوتر والتحشيد العسكري، وفي صبيحة السبت، منتصف أبريل 2023، فوجئ السودانيون بالرصاص «يلعلع» في جنوب الخرطوم عند «المدينة الرياضية»، معلناً الحرب المستمرة حتى اليوم.

يتهم «الدعم السريع» الجيش بمهاجمة معسكراته على حين غِرة، ويقول إن الجيش حاصر مطار مروي شمال البلاد، وإنه كان يخطط للانقضاض على السلطة، بينما «تسود رواية أخرى» بأن «خلايا الإسلاميين» داخل الجيش هاجمت «الدعم السريع»، ووضعت قيادته أمام الأمر الواقع؛ «الاستسلام أو الحرب».

حسابات خاطئة

كان مخططاً للحرب أن تنتهي في ساعات، أو على أسوأ تقدير أيام معدودات، بحساب التفوق التسليحي للجيش على «الدعم السريع»، لكن الأخير فاجأ الجيش وخاض حرب مدن كان قد تمرَّس عليها، ففرض سيطرته على معظم الوحدات العسكرية للجيش، وأحكم الحصار على البرهان في القيادة العامة، بل سيطر على المقرات الحكومية؛ بما فيها القصر الرئاسي والوزارات.

اضطرت الحكومة للانتقال إلى بورتسودان، واتخاذها عاصمة بديلة بعد سيطرة «الدعم السريع» على الخرطوم، بينما ظل قائد الجيش محاصَراً داخل قيادته لأكثر من ثلاثة أشهر، قبل أن يفلح في الخروج منها وينتقل إلى بورتسودان ليتخذها عاصمة له.

اتسعت سيطرة قوات «الدعم السريع» لتشمل إقليم دارفور، باستثناء مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، ومعظم ولايات الغرب باستثناء بعض حواضرها، ثم استسلمت له ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وشملت عملياته ولايات أخرى، وسيطر تقريباً على نحو 70 في المائة من البلاد.

بعد نحو عامين من القتال، استعاد الجيش زمام المبادرة، وحقق تقدماً في بعض المناطق؛ الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، وسنار، لكن «الدعم السريع» لا يزال مسيطراً على مساحات واسعة من البلاد، ويقاتل بشراسة في عدد من محاور القتال، وما زالت الحرب سجالاً.

جنوب الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك بين البرهان وحميدتي (أ.ف.ب)

أسوأ كارثة إنسانية

قتلت الحرب عشرات الآلاف وخلقت «أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ»، وفقاً للأمم المتحدة، ونزح أكثر من 11 مليون شخص داخلياً، ولجأ نحو 3 ملايين لبلدان الجوار، ويواجه نحو 25 مليون شخص أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 45 مليوناً، حالة من «انعدام الأمن الغذائي الحاد».

أطراف الحرب لا يزالون يرفضون العودة للتفاوض، فمنذ فشل «إعلان جدة الإنساني»، فشلت محاولات إعادة الطرفين للتفاوض؛ لتعنُّت الجيش وأنصاره.

سيناريوهات

يرجع عضو مجلس السيادة السابق، ونائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» الهادي إدريس، اندلاع الحروب في السودان إلى عدم الاتفاق على «مشروع وطني نهضوي» لحكم البلاد منذ الاستقلال.

ويقول إدريس، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسباب الرئيسية لحروب السودان هي الفشل في إنفاذ برامج تنمية متوازنة، وتحقيق العدالة، وسيادة ثقافة الإفلات من العقاب، وعدم حسم القضايا الاستراتيجية مثل علاقة الدين بالدولة، والهوية الوطنية، وقضية الجيش الواحد وابتعاده عن السياسة.

ويرى إدريس أن العودة إلى «جذور الأزمة» مدخل صحيح لجعل «الحرب الحالية» آخِر الحروب. ويضيف: «علينا معالجة أسباب وجذور الحروب، في الاتفاق المقبل لإيقاف وإنهاء الحروب».

أما القيادي في «التجمع الاتحادي» محمد عبد الحكم فيرى أن جذور الحروب تتمحور حول «التنمية المتوازنة والمواطنة المتوازنة». ويضيف: «يظل عدم معالجة التهميش والتنمية المتوازنة وحفظ حقوق الشعوب، وتغيير الأنظمة الاستبدادية المتسلطة، بحكم ديمقراطي تعددي، أُسّاً لنشوبِ أعتى وأطول الحروب السودانية».

ويرهن عبد الحكم إنهاء الأزمات المتتالية في السودان بإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، عن طريق تكوين جيش مهني قومي موحد بـ«عقيدة قتالية» تُلزمه بحماية الدستور والنظام المدني، وتُخضعه للسلطة التشريعية والتنفيذية، وتُعلي قيم المحاسبة وردع محاولات تسييس الجيش.