مصر: مقتل 40 «إرهابياً» غداة تفجير حافلة سياحية

ارتفاع عدد ضحايا هجوم الجيزة إلى 4

مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلال تجوله أمس بمستشفى الهرم التخصصي لتفقد أحوال ضحايا الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلال تجوله أمس بمستشفى الهرم التخصصي لتفقد أحوال ضحايا الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
TT

مصر: مقتل 40 «إرهابياً» غداة تفجير حافلة سياحية

مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلال تجوله أمس بمستشفى الهرم التخصصي لتفقد أحوال ضحايا الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية خلال تجوله أمس بمستشفى الهرم التخصصي لتفقد أحوال ضحايا الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)

أعلنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية المصرية، أمس، مقتل 40 «إرهابيا»، وذلك غداة هجوم استهدف حافلة سياحية قرب منطقة الأهرامات، بمحافظة الجيزة، وأسفر عن مقتل سائحين اثنين لحظة التفجير، فيما ارتفعت الحصيلة، أمس، إلى 3 سائحين من دولة فيتنام، ومرشد سياحي مصري، وإصابة 10 آخرين.
ولم تشر «الداخلية المصرية» إلى علاقة بين «الإرهابيين» الذين أعلنت مقتلهم يوم أمس ومنفذي «هجوم الأتوبيس السياحي»، لكنها أفادت، في بيان رسمي، بأن «معلومات توافرت لقطاع الأمن الوطني حول قيام مجموعة من العناصر الإرهابية بالإعداد والتخطيط لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية، تستهدف مؤسسات الدولة، خصوصاً الاقتصادية، ومقومات صناعة السياحة، ورجال القوات المسلحة والشرطة، ودور العبادة المسيحية».
وشرحت الداخلية أن قواتها نفذت «عمليات متزامنة في محافظتي الجيزة وشمال سيناء، بناءً على معلومات الأمن الوطني، وتم توجيه عدة ضربات أمنية، ومُداهمة أوكار تلك العناصر، عقب استئذان نيابة أمن الدولة العليا».
وأكدت أنه في أثناء «التعامل معهم، قتل 14 إرهابياً بمنطقة مساكن أبو الوفا، بالحي 11، بدائرة مدينة 6 أكتوبر، بمحافظة الجيزة، و16 إرهابياً بمنطقة مساكن أبناء الجيزة، بطريق الواحات، بمحافظة الجيزة، و10 إرهابيين بمنطقة مساكن (ابنى بيتك)، بمدينة العريش محافظة شمال سيناء».
وأفادت بأنه «تم العثور بحوزتهم (الإرهابيين) على كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر مختلفة الأعيرة، وعبوات ناسفة، وأدوات ومواد تصنيع المتفجرات، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، فيما تتولى نيابة أمن الدولة العليا التحقيقات».
وعدت الداخلية المصرية أن «قطاع الأمن الوطني تمكن من توجيه ضربات حاسمة أفشلت المخططات الخارجية التي تقف خلف المجموعات الإرهابية للقيام بعمليات لترويع المواطنين في أعيادهم، ونجح في التعامل مع العناصر الإرهابية، مما أسفر عن مقتل 40 عنصراً إرهابياً، قبل تنفيذ مخططاتهم الرامية إلى زعزعة أمن البلاد والنيل من مقدراتها».
وتعهدت بـ«استمرار جهودها في ملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة في تنفيذ العمليات العدائية والتي تحاول استهداف مؤسسات الدولة».
وكان هجوم إرهابي قد استهدف حافلة سياحية تقل 14 شخصاً بمنطقة المريوطية، في الهرم، بالجيزة، مساء أول من أمس، وانفجرت عبوة ناسفة، قالت مديرية أمن الجيزة إنها «عبوة بدائية الصنع، وكانت مخفية بجوار سور بشارع المريوطية، وانفجرت في أثناء مرور الأتوبيس الذي كان يقل السياح «من دولة فيتنام»، مما أسفر عن مقتل اثنين من السياح لحظة الهجوم (ارتفع عدد الضحايا إلى 4، بينهم مصري)، وجرح 10 من السائحين، بالإضافة إلى سائق الحافلة، ومندوب شركة السياحة».
وقرر النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، تولي نيابة أمن الدولة العليا، ونيابة جنوب الجيزة الكلية، التحقيقات في القضية.
وفي ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أجرت النيابة «معاينة للوقوف على أسباب وكيفية وقوع حادث الانفجار، كما انتقلت إلى مستشفى الهرم التي يوجد بها المصابون لسؤالهم والاستماع إلى شهادتهم عن سبب وكيفية وملابسات وقوع الحادث»، وكذلك بدأ خبراء الأدلة الجنائية والطب الشرعي والمفرقعات معاينة جثامين الضحايا.
ويعاني القطاع السياحي في مصر ركوداً كبيراً منذ عام 2015، على خلفية حادث تفجير طائرة روسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، ومقتل 224 شخصاً كانوا على متنها، لكن حركة الطيران الروسي عادت إلى العاصمة القاهرة، رسمياً، في أبريل (نيسان) الماضي، فيما لا تزال السلطات المحلية تترقب استئناف الرحلات إلى الوجهات السياحية في البحر الأحمر ومنتجعات شرم الشيخ والغردقة.
وجلب هجوم مساء أول من أمس عدداً من الإدانات الدولية والعربية، فضلاً عن تأكيد المساندة والدعم للقاهرة في «حربها ضد الإرهاب»، وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية إدانتها الشديدة للهجوم، وأعرب روبرت بالادينو، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في بيان صحافي نشرته السفارة الأميركية بالقاهرة أمس، عن «التعازي العميقة لعائلات القتلى... متمنياً الشفاء العاجل للمصابين».
وأكد المتحدث أن «بلاده تقف مع جميع المصريين في الحرب ضد الإرهاب، وتؤيد الحكومة المصرية في تقديم مرتكبي هذا الهجوم إلى العدالة».
كما أدان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بـ«أشد العبارات، حادث التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة السياح الفيتناميين».
وتوجه أبو الغيط بخالص التعازي والمواساة لجمهورية مصر العربية، رئيساً وحكومة وشعباً، ولعائلات الضحايا، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
وصرح السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، بأن «أبو الغيط أكد وقوف جامعة الدول العربية وتضامنها الكامل مع جمهورية مصر العربية في جهودها لمكافحة الإرهاب، وفي كل ما من شأنه إدامة حالة الأمن والاستقرار التي تعيشها مصر حالياً».
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن مثل هذه الأعمال الإجرامية تستدعي العمل مجدداً على أن تتضافر جهود جميع الدول العربية من أجل القضاء على ظاهرة الإرهاب البغيضة، واجتثاثها من جذورها، بالنظر إلى الخطر والتهديد الذي تمثله على مختلف الدول، وعلى أمن واستقرار المجتمعات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.