مع ارتفاع وتيرة الأحداث المتلاحقة في المشهد العربي، وبروز جهود لحل الأزمات والتوصل إلى توافق عربي وإعادة بعض الدول العربية علاقاتها مع سوريا، ومحاولات حل أزمة اليمن من خلال مفاوضات السويد، والإعداد لثلاث قمم خلال 3 أشهر؛ عربية تنموية في بيروت، وعربية - أوروبية في مصر، وعربية في تونس، كشف الأمين العام المساعد للجامعة العربية، السفير حسام زكي، كثيراً من كواليس العمل داخل أروقة الجامعة العربية وغرفها المغلقة التي تتعلق بترتيب أولويات المرحلة والتخلص من مراحل الخلاف والأزمات العربية عبر اتصالات وزيارات يقوم بها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إلى الدول العربية.
وأكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أن إدارة أي خلاف تحتاج إلى الحكمة والدبلوماسية والنظر إلى ما بعد الخلاف، مشيراً إلى قرارات الجامعة العربية في دعم اليمن والشرعية وتمكينها على الأرض وفرض سيطرتها، كما أشاد بالتنسيق بين الجامعة ومبعوثي الأمم المتحدة في كل من سوريا وليبيا، وركز على دور الشعب والقيادات في حل الأزمات بعيداً عن فرض حلول من الخارج أو تدخلات أجنبية وإقليمية، كما تحدث عن تطوير منظومة الجامعة العربية وقدرتها على حل الأزمات العربية.
- كيف ترون نتائج مفاوضات السويد؟ وهل يمكن أن تحقق السلام في اليمن؟
- كل ما من شأنه مساعدة اليمن في الاستقرار واستئناف الحياة الطبيعية والتوصل إلى الانسجام المجتمعي يسعد الأمانة والأمين العام، وهناك قرارات اتخذها مجلس الجامعة معروفة؛ أبرزها دعم الشرعية والحكومة وتعزيز وجودها ميدانياً في اليمن وكل ما يتصل بهذا الأمر من تفاصيل، أما فيما يتعلق بالمبعوث الأممي فلا يصح على الإطلاق أن يعمل مبعوث أممي على حل أزمة عربية بخطورة الوضع في اليمن ويتجاهل الجامعة العربية وأمينها العام، وهذا يعني أنه لا يريد أن يتعرف حتى على موقفها وقراراتها، في حين أن المبعوثين الأمميين لكل من سوريا وليبيا دائما التنسيق مع الجامعة وأحياناً يحضران بعض الاجتماعات الوزارية، وسبق للأمين العام أن أثار هذا الموضوع مع السكرتير العام للأمم المتحدة بانعدام التنسيق والتواصل مع الجامعة العربية واعتباره سلوكاً غير مبرر.
- هل ترى أن الجهود المبذولة حالياً لحل أزمة اليمن تساعد في الوصول إلى السلام والاستقرار؟
- إذا خلصت النيات بين الجميع ومتابعة الوضع من كل جوانبه، وهذا يحتاج إلى استمرار الدعم العربي، وفى النهاية اليمنيون هم أبناء شعب واحد، يجب أن يتم النظر إليهم هكذا مهما اختلفت مواقفهم السياسية والمذهبية.
- هل ترى أن مصير كل من اليمن والعراق وسوريا وليبيا أصبح مرهوناً بالدول الإقليمية وتدخلاتها خصوصاً تركيا وإيران؟
- للأسف هذه التدخلات أسهمت في تعقيد الأزمات، ونأمل بمرور الوقت أن يتراجع النفوذ الإقليمي والدولي لأنه يطيل أمد الأزمات ويعقدها، كما يجب أن تعطى الفرص لشعوب هذه الدول لتقرير مصيرهم بالشكل المناسب الذي يؤدي إلى تمكين أبناء الدول من السيطرة على سيادة بلادهم.
- ما زال قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا يثير علامات استفهام واسعة... كيف ترى ذلك؟
- أي جلاء لقوات أجنبية عن الأراضي العربية يعد خطوة مهمة على طريق إعادة السيادة إلى الدولة التي يوجد بها أي قوات أجنبية، ويجب ألا يكون مقدمة لدخول قوات أخرى، لأن أي تدخل إقليمي أو دولي ينتقص من سيادة سوريا، ولن يكون جزءاً من الحل، ولا بد أن يعود أهل سوريا إلى بلادهم وفق صيغة طوعية محددة، لأنه لن يعيد بناء سوريا سوى السوريين، ولأن الوضع الراهن ليس في مصلحة الاستقرار وإنما مزيد من الفوضى.
- هل يشهد العام الجديد (2019) انفراجة في الأزمات العربية الراهنة خصوصاً اليمن وسوريا وليبيا؟
- أتمنى أن يشهد العام الجديد تطوراً إيجابياً للملفات الثلاثة رغم صعوبتها وتعقيداتها الإقليمية والدولية، وأرى أن الدول العربية تسعى لأن يشهد عام 2019 اختراقات إيجابية باتجاه الحل وصولاً إلى إحراز التقدم المطلوب وتحقيق التسويات التي تسهم في فرض الأمن والاستقرار.
- هل تم تأمين التكاليف المالية للقمم الثلاث المزمع عقدها خلال الثلاثة أشهر المقبلة؛ وهي قمة تنموية عربية في بيروت وقمة عربية في تونس وقمة عربية - أوروبية في مصر؟
- التحضير للقمم الثلاث يتم على أعلى مستوى لضمان نجاحها، والوضع المالي مؤمن تماماً ولا يوجد ما يهددها، أما فيما يتعلق بضعف الموازنة للجامعة خصوصاً فيما يتعلق بالأنشطة والفعاليات، فنتمنى أن تصل نسبة السداد لكل الدول الأعضاء إلى مائة في المائة، ونرى أن الوضع الراهن استثنائي، وهو أن الجامعة تعمل بنصف مواردها والأمل أن تعود الدول للانتظام في دعم مؤسسة عربية مهمة يجب أن تقوم بدورها وفاعليتها على الأرض، وفقاً للتحديات الراهنة.
- تنقية الأجواء العربية وتقريب وجهات النظر في الملفات الجوهرية باعتبار أن تراكم الخلافات سبب رئيسي في تعقيد الأزمات وإطالة أمدها... هل سيقوم الأمين العام قريباً بهذه المهمة؟
- الأمين العام عندما يزور الدول العربية ويلتقي القادة ووزراء الخارجية إنما يهدف إلى تنقية الأجواء، وهو يدرك أن بعض الخلافات قد وصلت إلى مرحلة من التعقيد إلى درجة لا تتيح القيام بهذا الدور، ومع هذا لا يتوانى عن فتح هذه الملفات بعيداً تماماً عن الأضواء العربية، ويناقش كل شيء أملاً في تحقيق انفراجة وسط أجواء يشوبها نوع من تصلب المواقف، وبالتالي هو يقوم بدور بعيداً عن دائرة الضوء الإعلامية حتى لا ترتد بالسلب على ما يقوم به.
- مواجهة الإرهاب الذي بدأ يخترق سيادة الدول العربية... هل من إجراءات جديدة؟
- الجامعة العربية وضعت آليات مستقرة لمواجهة الإرهاب من خلال قرارات وتنسيق مواقف بين وزراء العدل والداخلية، إضافة إلى وجود لجنة خبراء متخصصة في مكافحة الإرهاب تعمل وفق اتفاق ودعم عربي - عربي.
- ألا ترى أن هذه الآلية تتصف بالنظرية أكثر منها عملية على أرض الواقع؟
- ليست نظرية وإنما الأشكال والنماذج التي نراها في العمليات الإرهابية أخيراً وجدت في دول فاشلة ولا توجد بها سلطة حاكمة مركزية للتعامل مع الأشكال الجديدة التي استفحلت خلال فترة وجيزة جعلت من الصعوبة بمكان مكافحة الإرهاب بالأساليب التقليدية، فكان ولا بد من وضع أساليب غير تقليدية، أما أن «داعش» في ليبيا غير «داعش» في المشرق العربي، فكلها تسميات لتنظيمات وكيانات قديمة متجددة تقوم على فكر متشدد يهدف إلى نشر الفوضى ونسف الدول وكياناتها وهياكلها ودق الأسافين بين الدول والسكان، وما بين الدول العربية ككل والعالم الخارجي، وبالتالي يجب أن يتعاون الجميع لمكافحة هذه النماذج الجديدة.
- لماذا تأخرت خطوات تطوير منظومة الجامعة العربية رغم انتقاد دورها؟
- الجامعة العربية تستطيع أن تواكب سياسياً كل التطورات، وأن تتدخل في أي أزمة، فإذا منحت الفرصة تتمكن وبشكل جيد من القيام بدورها وتتدخل لمصلحة وجهة النظر العربية وتفرض الحل العربي، أما أن يكون الحديث عن أن الجامعة غير مدعوة للمشاركة في حل الأزمات حتى يتم التطوير، فهذا أمر غير واقعي لأن التطوير يسير ولن يتوقف، وهناك عدة لجان تعمل بعد تقرير الأخضر الإبراهيمي. صحيح أن نتائج هذه اللجان وإن كانت تعمل بوتيرة بطيئة، فإنها تحاول إنجاز عملها وتعقد اجتماعاتها بانتظام وصولاً إلى التوافق المطلوب، وهل يتضمن التطوير تعديلاً في الهياكل أو الميثاق... إن المنظومة العربية تتضمن موضوعات كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها، وبالتالي كلها تحتاج دائماً إلى تطوير وتحديث، وهذا الموضوع ينبغي ألا يتوقف، ولكن عبر التوافق، كما نص عليه ميثاق الجامعة العربية.
- ألا ترى أن غياب التوافق العربي بين الدول العربية أضعف من قوة القرار العربي؟
- لا توجد منظمة في العالم ليس بين دولها خلاف، وقد شاركت وتابعت مؤتمرات في منظمات إقليمية ودولية في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، ولكن كل هذه الكيانات تستطيع ولديها القدرة على إيجاد الحلول والتوافق عندما تنحي المشكلات جانباً وتركز على الموضوعات التي تحقق من خلالها نتائج تقلص أعباء الخلافات، وبالتالي هذا هو المطلوب، كما أن إدارة الخلاف تحتاج إلى الحكمة والدبلوماسية والنظر إلى ما بعد الخلاف وتحديد الرؤية المستقبلية للعمل المشترك الذي يحقق مصالح الجميع ويحافظ على تماسكها.
حسام زكي لـ «الشرق الأوسط»: التوافق العربي ضرورة لمواجهة التحديات والتدخلات
مساعد الأمين العام للجامعة أكد أن القمم العربية الثلاث مؤمنة
حسام زكي لـ «الشرق الأوسط»: التوافق العربي ضرورة لمواجهة التحديات والتدخلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة