«قراصنة الجسد»... بشر يزرعون إلكترونيات في أجسادهم للتمتع بقدرات خارقة

فتاة ترتدي زي الـ«سايبورج» حلم الجمع بين قوة الآلة وذكاء البشر في أحد المعارض الفنية («الشرق الأوسط»)
فتاة ترتدي زي الـ«سايبورج» حلم الجمع بين قوة الآلة وذكاء البشر في أحد المعارض الفنية («الشرق الأوسط»)
TT

«قراصنة الجسد»... بشر يزرعون إلكترونيات في أجسادهم للتمتع بقدرات خارقة

فتاة ترتدي زي الـ«سايبورج» حلم الجمع بين قوة الآلة وذكاء البشر في أحد المعارض الفنية («الشرق الأوسط»)
فتاة ترتدي زي الـ«سايبورج» حلم الجمع بين قوة الآلة وذكاء البشر في أحد المعارض الفنية («الشرق الأوسط»)

تصوَّر لو تلقيت عرضاً من جهة علمية لدس شريحة إلكترونية داخل جسدك... هذه الشريحة ستمنحك قدرات خاصة لا يتمتع بها باقي البشر، هل تقبل العرض؟! إذا كانت الإجابة بـ«نعم»، مرحباً بك في عالم «قراصنة الجسد».
يكشف تقرير نشره أخيراً موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن فئة من الساعين لتحديث قدراتهم الشخصية عبر قرصنة أجسادهم، ويعتمد هؤلاء عدة سبل من أجل الهدف السامي، ما بين إدراج الوسائط التكنولوجية تحت جلودهم، أو التزام أنظمة غذائية بالغة التطرُّف، أو حتى محاولة تغيير التركيبة الفريدة لحمضهم النووي.
بالنسبة لليفيو بابيتز، المدير التنفيذي لشركته «Cyborgnest» التي صممت الوسيط الذي تم استزراعه بجسده، طموحه كان استحداث حاسة بشرية جديدة تُضاف إلى الحواس الست المتعارف عليها، فقام بزرع وسيط إلكتروني يبعث بهزات بمجرد أن يواجه بابيتز اتجاه الشمال.
وفقاً لبابيتز، إن كان بعض الحيوانات يمكنها إدراك الاتجاهات والتمييز بينها، فلماذا لا يمكن للإنسان تطوير قدرة مماثلة، يطلق عليها «حاسة الشمال»، والوسيط الذي استضافه جسد بابيتز عبارة عن «شريحة بوصلة»، و«وصلة بلوتوث»، وتم تثبيته بطريقة الثقب إلى جلد بابيتز بقضيبين من التيتانيوم.
بابيتز البالغ من العمر 38 عاماً، يرى أن في مبادرته خطوة أولى نحو إحلال «نظام ملاحة» كامل بجسد الإنسان، ويأمل في أن يتمكن من أن يقضي ذلك على ما سماه بـ«جيل الشاشات».
ويشرح رؤيته قائلاً: «يسير المرء بالطريق فيما يحدق في هاتفه. يريد أن يتوجه إلى مكان ما، ولكن لا فكرة لديه عما يجري في العالم من حوله، لأن المرء يحدق بالشاشة طوال الطريق»، ويضيف: «تصور لو أنه لا حاجة بك لفعل ذلك. يمكنك التنقل بين العالم، وكأنك طائر، ويمكنك أن تحدد دوماً موقعك، حتى إن المكفوفين يمكنهم توجيه أنفسهم دون مساعدة».

المرونة البيولوجية

يبدو اختراع بابيتز غير تقليدي، ولكنه متواضع وعقلاني جداً إذا ما تمَّت مقارنته بريتش لي (40 عاماً)، وهو صانع خزائن من سانت جورج، بولاية يوتا الأميركية.
بريتش لي قام بإجراء تعديلات بالغة التطرف على جسده، ففي أصابعه، هناك شرائح مغناطيسية، بالإضافة إلى رقائق للاتصال من بعيد، التي يمكن برمجتها بحيث تعينه على عدد من المهام، من بينها الاتصال بمواقع إلكترونية بعينها أو فتح أبواب السيارة، ولديه رقائق «بيوثيرم» مستزرعة بساعده لمراقبة حرارة جسده بشكل دائم، وتلك التقنية في العادة ما يتم استخدامها مع الحيوانات الأليفة، ويضاف إلى ذلك كله، زرع سماعات بأذنيه.
كما أنه أيضاً يجري تجارب باستخدام تقنية «Crispr»، وهي أكثر أشكال القرصنة البيولوجية تطرفاً وإثارة للجدل. فيتم استخدام هذه التقنية من جانب العلماء لاستهداف التركيبة الجينية للإنسان بغرض تعديلها، وفيما ما زال العلماء يحاولون التأكد من حدود ومخاطر هذا النمط من القرصنة البيولوجية، لي يجري تجاربه الخاصة بالمنزل ويدرك أنه في حالة وقوع أي خطأ، فذلك قد يودي بحياته.
ويقول لي: «لدينا كل هذه المعلومات عن الهندسة الوراثية، وما أسعى لتحقيقه هو هذا المفهوم أنه يمكن للمرء تغيير تركيبته الجينية، أو حتى تعديلها تماماً، وبالقدر نفسه من السهولة الذي يحصل به على وشم على الجلد».
ويضيف شارحاً حلمه: «أتمنى أن أرى مجتمعاً مرناً بيولوجيا، حيث يمكن للمرء أن يستزيد من مثل هذه التعديلات».
وبالطبع يمكن لمثل هذه التجارب المنزلية أن تنتهي بشكل بالغ السوء، فإذا ما قام لي برفع سرواله، يمكن رؤية مجموعة من الإصابات الناتجة عن واقي قصبة الساق، الذي تم زرعه قبل أن تتم إزالته باستخدام أدوات تشبه «الكماشة» ودون تخدير، بعد أن تسبب في التهابات وتورُّم.

ارتجاج بالمخ

يرى لوك روبرت ماسون، وهو مدير لمنظمة «Virtual Futures» أن الحديث حول «القرصنة البيولوجية» محاط بكثير من الإثارة، وإن كان يعترف في الوقت ذاته بـ«أننا ما زلنا أبعد ما نكون عن تغيير الجسد البشري وفقاً للصورة التي يتم التبشير بها»، ويشرح أكثر قائلاً: «ما نراه اليوم هو مجرد أولى الخطوات التي اتخذها مجموعة من الرواد الشجعان، فالحقيقة أن هذه الأيام عبارة عن كثير من التجارب والألم وبقدر يفوق ما يتم الكشف عنه للرأي العام».
ويرى ماسون أن هناك كثيراً مما يمكن تعلمه من نتائج التجارب الذاتية التي يقوم بها قراصنة الجسد. فهناك جدل بأن قراصنة الجسد يمكن أن يصبحوا مسؤولين عن تقدم الأشكال التكنولوجية اللازمة لتحسين الأحوال الصحية للبشر.
ويكشف تقرير «بي بي سي» عن نماذج أخرى من القرصنة البيولوجية، ولكنها أقل حدة، وإن كانت ما زالت تندرج في إطار التجارب، ومن بين هذه النماذج ما تلتزم به كورينا إنجرام نوهير (33 عاماً)، وهي مُنظِّمة فعاليات أميركية تعيش في برلين، ولديها نظام يومي يتضمن الاستعانة بوسائط تكنولوجية، وإتباع حمية غذائية خاصة، فضلاً عن تناول أكثر من 20 مكملاً غذائياً في محاولة للحفاظ على أفضل أداء جسدي.
فإلى جانب خزانة تشبه الصيدلية، تحتفظ نوهير بجهاز «لوحة الطاقة» أو Power Plate، الذي يحدث هزات تصل إلى ما بين 30 و50 هزة في الثانية الواحدة بغرض منح تمارينها الرياضية تأثيراً أكبر. وفيما تتعرض لهذه الاهتزازات، تواجه نوهير الإضاءة ذات الأشعة تحت الحمراء بغرض توليد الكولاجين بخلايا جلدها.
كما تلجأ أيضاً للسير حافية القدمين بشوارع برلين شديدة البرودة. وتطلق على هذه العادة، النسخة الأرخص من تقنية العلاج بالتبريد أو Cryotherapy وتعترف بأن رجال الشرطة بشارعها يعتبرون المسألة كلها عبارة عن مزحة.
اكتشفت نوهير تقنيات القرصنة البيولوجية بعد أن تعافت من إصابة خطيرة بالارتجاج بالمخ، التي تركتها تعاني من صعوبة في الكلام. وكان مديرها بالعمل قد نصحها بتناول زيوت ذات مستويات متوسطة من الدهون الثلاثية، مما ساعد على تنشيط قدراتها العقلية، وكان بمثابة مدخلها إلى القرصنة البيولوجية.
تحكي نوهير: «فتحَتْ هذه الخطوة الباب على مصراعيه، وقلتُ لنفسي: إن كان لهذه الزيوت مثل هذا المفعول، فماذا أيضاً يمكنني أن أفعل؟»، وتشرح: «القرصنة البيولوجية بالنسبة لي هي أن أتولى زمام السيطرة على جسدي. هي أن يكون هناك طرق مختصرة تصل بك إلى حيث تريد، طرق مختصرة من أجل صحتك. أو هكذا أعتبر الأمر على الأقل».



رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
TT

رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)

زَرَع رجل إطفاء البهجة في نفوس عدد لا يُحصى من الأطفال خلال عطلة عيد الميلاد على مرّ السنوات، لكنَّ ديفيد سوندرز (50 عاماً)، يقول إنّ القيام بدور «بابا نويل» يُرخي أثراً سحرياً عليه أيضاً. بالنسبة إلى سوندرز المقيم في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا، فإنّ أداء دور «بابا نويل» يتجاوز التقاليد: «إنه مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة وتغذّيها الرغبة في نشر الفرح». بدأ سوندرز، وهو والد لـ5 أطفال، ذلك العمل الموسميّ منذ 16 عاماً. في ذلك الوقت، كان ابنه البالغ 6 سنوات يعاني مرضاً تسبَّب بتنقّله بين المستشفيات. نقلت عنه «فوكس نيوز» قوله لشبكة «إس دبليو إن إس»: «في كل مرّة كنّا نقصد المستشفى، كان يرى جميع الأطفال المرضى. وخلال المغادرة راح يقول لي: (أتمنّى لو نستطيع فعل شيء لطيف لهم). كنتُ أجيبه: (اكتشف ما تريد فعله، وسنحاول)».

مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة (مواقع التواصل)

تحوَّلت هذه الرغبة دعوةً غير متوقَّعة للأب والابن، اللذين بدآ في ارتداء زيّ «بابا نويل» وجنّيته المساعدة لإسعاد المرضى الصغار. حالياً، يُنجز سوندرز بين 100 إلى 150 زيارة منزلية كل عام؛ مُرفقةً ببعض الإعلانات التجارية وفيلمين لعيد الميلاد. قال: «أحبُّ إسعاد الناس. أستمتعُ برسم البسمة على وجوههم». وكلّ عام، كان يرى أطفالاً اعتاد رؤيتهم منذ أن كانوا رضَّعاً: «استمتعتُ بمراقبتهم وهم يكبرون. تحملهم بكونهم أطفالاً، ثم تشاهدهم يكبرون. أحياناً تعتقد أنهم لن يرغبوا في عودتك هذا العام، لكنَّ أمهاتهم أو آباءهم يتّصلون دائماً ويقولون: (إنهم لا يريدون أن يمرَّ عيد الميلاد من دونك)». ورغم أنّ دور «بابا نويل» مبهج عموماً، فإنَّ سوندرز أقرّ بمواجهة تحدّيات: «أرى بعض الأطفال المرضى أو الذين ليس لديهم الكثير. أحياناً يكون الأمر مُرهقاً عقلياً».

بدأ سوندرز عمله الموسميّ منذ 16 عاماً (مواقع التواصل)

وبعد 30 عاماً من كونه رجل إطفاء، يتطلَّع الآن إلى تحويل عمله الجانبي وظيفةً بدوام كامل. تابع: «عملي رجل إطفاء وظيفة رائعة. إنه أيضاً أحد تلك الأشياء المُرهِقة عقلياً وجسدياً، لكنْ كانت لديَّ مهنة جيّدة. جسدي يؤلمني، وأنا أكبُر في السنّ؛ لذلك حان الوقت للمضيّ قدماً. آمل أن تنمو هذه التجارة أكثر». سحرُ عيد الميلاد هو ما يستمرّ في إلهام سوندرز لإسعاد الأطفال والكبار على السواء: «أعتقد أنّ جميع الأطفال، وحتى البالغين، يريدون شيئاً يصدّقونه، خصوصاً في هذا العيد».