البرلمان المغربي يصادق على قانون التجنيد الإجباري

بهدف فتح فرص اندماج الشباب في الحياة المهنية والاجتماعية

TT

البرلمان المغربي يصادق على قانون التجنيد الإجباري

صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) بالإجماع على قانون الخدمة العسكرية الذي سيعيد العمل بالتجنيد الإجباري، وذلك بعد 11 عاما من إلغائه.
وقال عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف إدارة الدفاع الوطني، خلال جلسة عامة عقدت مساء أول من أمس، إن إعادة العمل بالخدمة العسكرية يأتي تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، وانسجاما مع أحكام الفصل 38 من الدستور الذي ينص على «مساهمة المواطنات والمواطنين في الدفاع عن الوطن، ووحدته الترابية تجاه أي عدوان أو تهديد».
وأعلن لوديي أن المغرب سيبدأ في تدريب وتكوين أول فوج من الشباب المستهدفين بمشروع الخدمة العسكرية، ابتداء من سبتمبر (أيلول) المقبل. وتوقع أن يجري تكوين 10 آلاف شاب سنويا، ستتم الاستعانة بهم وقت الحاجة.
ويسعى المغرب من خلال إعادة العمل بإلزامية الخدمة العسكرية إلى «تدريب قاعدة من القوات الاحتياطية من أجل اللجوء لها عند الضرورة للمساهمة في الدفاع عن الوطن، والتصدي لكل المخاطر الأمنية ومواجهة الكوارث الطبيعية، أو غيرها».
وأوضح لوديي أن مضامين مشروع القانون تمت صياغتها وفق مرتكزات، تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الدستور من خلال التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة، وكذا عبر استحضار أفضل الممارسات الدولية والتشريعات الوطنية السابقة في هذا المجال، مشيرا إلى أن أهدافه توخت أساسا بناء وتعزيز التماسك الوطني، والتمازج الاجتماعي بين الأفراد المكونة للأفواج، الذين سيتم انتقاؤهم من جميع جهات المملكة، ومن مختلف شرائح المجتمع.
ويهدف المشروع أيضا، حسب الوزير، إلى «فتح فرص اندماج الشباب المغربي في الحياة المهنية والاجتماعية، عبر منح المجندين تكوينا عسكريا ومهنيا، وتربيتهم على التحلي بالانضباط والشجاعة، وتقوية روح الالتزام والمسؤولية، واحترام المؤسسات وتنظيم الوقت واستثماره».
وشدد المسؤول المغربي على أنه من أجل توضيح هذه الأهداف، وتفسير مقتضيات المشروع، والنصوص التطبيقية المتعلقة به سيتم إيلاء أهمية كبيرة للتواصل مع المواطنين، وذلك عبر فتح بوابة على الإنترنت واللجوء إلى وسائل أخرى للتواصل، قصد إبراز مختلف مجالات التكوين والإجراءات المتبعة لاختيار المجندين. بالإضافة إلى كل المعلومات التي يمكن أن يحتاجها المعنيون بالخدمة العسكرية.
ويقر مشروع القانون مبدأ إخضاع المواطنات والمواطنين، الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة، للخدمة العسكرية خلال مدة محددة في 12 شهرا، مع إمكانية المناداة على الأشخاص البالغين أكثر من 25 سنة، والذين استفادوا من الإعفاء لأداء الخدمة العسكرية إلى حين بلوغهم 40 سنة.
ولفت لوديي إلى أن الخدمة العسكرية ستكون اختيارية بالنسبة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، وكذا النساء، إذ سيتم مراعاة خصوصية العنصر النسوي، لا من حيث شروط الإيواء والإقامة، ولا من حيث التأطير المناسب للنساء المجندات في إطار الخدمة العسكرية. مبرزا أن الأولوية ستعطى للشباب الراغب في الخدمة العسكرية.
من جهة أخرى، ينص القانون على «منح إعفاءات واستثناءات من الخدمة العسكرية، تتعلق أساسا بالعجز البدني أو الصحي، وإعالة الأسرة، أو متابعة الدراسة»، كما «يكفل للمجندين مجموعة من الحقوق، من بينها حق تقاضي أجرة وتعويضات، تعفى من أي ضريبة، ولا تخضع لأي اقتطاعات أخرى»، مبرزا أن هؤلاء المجندين «يستفيدون من التغطية الصحية والتأمين عن الوفاة، وعن العجز لجبر الأضرار التي يمكن أن تلحقهم خلال مدة الخدمة العسكرية، ومن مجانية التغذية واللباس والعلاج في المستشفيات العسكرية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».