الجيش اللبناني يعزز إجراءاته في الشمال والجنوب على إيقاع معارك عرسال

توتر في طرابلس بعد هجوم على مركز عسكري

قطع عسكرية للجيش اللبناني في طريقها إلى وادي البقاع أمس (أ.ف.ب)
قطع عسكرية للجيش اللبناني في طريقها إلى وادي البقاع أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني يعزز إجراءاته في الشمال والجنوب على إيقاع معارك عرسال

قطع عسكرية للجيش اللبناني في طريقها إلى وادي البقاع أمس (أ.ف.ب)
قطع عسكرية للجيش اللبناني في طريقها إلى وادي البقاع أمس (أ.ف.ب)

رفع الجيش اللبناني، أمس، من وتيرة تدابيره العسكرية في الشمال والجنوب، لتطويق أي تداعيات محتملة للاشتباكات التي اندلعت في عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، إذ نفذ انتشارا واسعا في مدينة صيدا (جنوب لبنان) وكثف من إجراءاته الأمنية على مداخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المدينة، فيما رفع من وتيرة تدابيره في طرابلس، كبرى مدن شمال لبنان، بعد توتر الوضع الأمني فيها وتعرض أحد حواجزه لهجوم.
وقالت مصادر ميدانية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن وحدات الجيش استنفرت في كامل أحياء المدينة التي شهدت في السابق اشتباكات على إيقاع الأزمة السورية، مشيرة إلى تكثيف انتشاره على مدخلي المدينة الشمالي والجنوبي، وتحديدا عند نقاط شارع سوريا وباب التبانة اللذين يسكنهما إسلاميون، إضافة إلى انتشار في حي باب الرمل جنوب المدينة.
وشهدت أحياء في المدينة، فجر أمس، اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين ملثمين استعملت خلالها الأسلحة المتوسطة والخفيفة. وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية «الوطنية للإعلام»، أن مسلحين «أطلقوا النار باتجاه مراكز الجيش اللبناني في مناطق شارع سوريا، وستاركو، وبراد البيسار، والغرباء، وطلعة العمري، ومشروع الحريري - القبة، فردت العناصر على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وحصلت عمليات كر وفر بين المسلحين والجيش في عدد من شوارع المدينة». وأشارت الوكالة إلى «تفجير عبوة ناسفة بدورية للجيش أثناء خروجها من مركزها في مشروع الحريري في اتجاه طلعة العمري، ما أدى إلى إصابة ضابط وجندي».
وأغلقت عناصر الجيش، بعد الحادثة، الطرقات المؤدية إلى باب التبانة «حفاظا على سلامة المواطنين»، بحسب الوكالة التي أشارت إلى أن الاشتباكات «أدت إلى جرح جواد مظهر صباغ وهو في حال حرجة جدا». وقالت مصادر محلية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» بأن الصباغ «هو ابن شقيق الموقوف لدى الجيش اللبناني حسام الصباغ منذ منتصف الشهر الماضي»، علما بأن حسام الصباغ معروف عنه بأنه من الشخصيات المتشددة في المدينة، وكان قاد مجموعات عسكرية انخرطت في السابق في معارك ضد جبل محسن الذي تسكنه أغلبية علوية، وضد الجيش اللبناني. وأشارت إلى أن الوضع في طرابلس «شهد خلال فترة بعد الظهر هدوءا حذرا، بعد توتر على ضوء سماع أصوات طلقات نارية متقطعة».
وواكب متشددون التحرك ضد الجيش اللبناني في طرابلس، إذ دعا سيف الله الشياح، أمير ما يُسمى «لواء أحرار السنة – بعلبك» من سماهم «أهل السنة في ولاية لبنان»، إلى «الوقوف بوجه الهجمة الصفوية» التي «تستهدف أهل السنة في ولاية لبنان»، كما زعم في تغريدة له في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مشيرا إلى أنه «يحيي أهل السنة الأحرار في طرابلس الفيحاء الذين هبوا لنصرة أهلنا في عرسال ولمواجهة الجيش».
لكن علماء المدينة رفضوا تلك التغريدات، إذ دعا مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار «الجميع إلى الالتفاف حول الجيش وقوى الأمن الداخلي، خصوصا أننا نمرّ بظروف حرجة للغاية».
وأعرب، في حديث إلى موقع «ناو» الإلكتروني عن اعتقاده بأن «خلاص البلاد يكون بالوقوف صفا واحدا مع الجيش ومع قيادته الأولى أي العماد جان قهوجي، الذي أحيي مواقفه وشجاعته وبطولاته»، معربا عن اعتقاده أن «الجيش اللبناني يخوض معارك مُتعددة في وجه الإرهاب من أجل أن يُحافظ على الأمن والاستقرار في لبنان، ولا يجوز لأحدٍ على الإطلاق أن يُغرّد خارج هذا الإطار».
وفي الجنوب، كثف الجيش إجراءاته الأمنية في مدينة صيدا ومحيطها، أسوة بباقي المناطق اللبنانية. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الجيش «أقام عند مداخل صيدا وعلى مداخل المخيمات الفلسطينية، وخصوصا مخيم عين الحلوة، حواجز تفتيش إضافية»، مشيرة إلى أن عناصره «يدققون في هويات العابرين من وإلى صيدا، إضافة إلى تفتيش بعض السيارات والتأكد من أوراقها». وكانت صيدا شهدت العام الماضي اشتباكات بين الجيش اللبناني ومجموعات الشيخ المتشدد أحمد الأسير وأسفرت عن فراره وتواريه عن الأنظار. وتُتهم المخيمات الفلسطينية بأنها تأوي عناصر تابعة لمجموعات إسلامية متشددة يقيم قسم من المنتمين إليها في الحي الشرقي في مخيم حي الحلوة، ويتواجد مناصرون لهم في حي الطوارئ المحاذي للمخيم.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.