العراق: توجه نيابي لحل مجالس المحافظات

شاب يوزع الهدايا على الأطفال في الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
شاب يوزع الهدايا على الأطفال في الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق: توجه نيابي لحل مجالس المحافظات

شاب يوزع الهدايا على الأطفال في الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
شاب يوزع الهدايا على الأطفال في الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)

يؤيد عدد غير قليل من أعضاء مجلس النواب العراقي من كل سياسية مختلفة تجميد أو إلغاء مجالس المحافظات بشكل نهائي، نظراً إلى أن وجودها القانوني انتهى في 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أو لأن هذه المجالس «باتت موطئ قدم للفساد والصفقات السياسية»، بحسب أحد النواب.
وكانت مفوضية الانتخابات ورئاسة الوزراء حددت العام الماضي 22 ديسمبر الحالي موعداً لإجراء الانتخابات المحلية، لكن التعقيد الذي رافق الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، وما رافقها من مشاكل أدت إلى إيقاف عمل مفوضية الانتخابات، أسهمت في إرجاء الانتخابات المحلية إلى موعد غير محدد.
ومع انتهاء فترة ولاية المجالس المحلية المحددة بأربعة أعوام، برزت أخيراً مطالبات برلمانية عدة بالتعامل مع الملف. وفي هذا الاتجاه تمكن أعضاء في البرلمان، أول من أمس، من جمع أكثر من 100 توقيع للتصويت على مشروع قانون لحل مجالس المحافظات أو تجميد عملها إلى حين إجراء الانتخابات، نظراً إلى أن «وجودها بات غير قانوني».
بيد أن مسألة إلغاء مجالس المحافظات التي هي عبارة عن مجالس تشريعية ورقابية منتخبة تتعارض مع نص الدستور الذي منح المحافظات غير المنتظمة في إقليم صلاحيات إدارية ومالية واسعة وفق مبدأ الإدارة اللامركزية.
ويقول النائب عن تحالف «سائرون» رامي السكيني: «على المستوى الشخصي أفضّل إلغاء مجالس المحافظات والاكتفاء بمنح الصلاحيات للمحافظ ونوابه، على أن يكونوا تحت إشراف مجلس النواب الاتحادي ومراقبته».
لكن السكيني يقر في حديث إلى «الشرق الأوسط» بأن «موضوع إلغاء المجالس يتعلق بقضية دستورية تمنعه، وهي بحاجة إلى مناقشات واتفاقات بين الكتل السياسية». وأكد أن «معظم الكتل السياسية ضد موضوع تأجيل انتخابات المجالس المحلية إلى سبتمبر (أيلول) المقبل، لأن ذلك يعني استمرار عملها غير القانوني نحو سنة، وهناك اتجاه بتجميد عملها في المرحلة المقبلة أو جعلها حكومات تصريف أعمال فقط». وكشف عن «وجود اتجاه نظري لدى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يميل إلى تمديد عمل المجالس إلى عام 2020 ومن ثم إجراء الانتخابات كل سنتين بدل كل أربع سنوات، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة إلى غالبية الكتل السياسية».
ويعارض «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي فكرة تجميد أو إلغاء عمل المجالس المحلية. وقال الائتلاف في بيان إنه «على رغم الملاحظات على أعمال مجالس المحافظات، فإن الائتلاف في هذه المرحلة يتبنى استمرار أعمالها، ويرى أن تجميد أو إلغاء هذه المجالس سيفتح الباب واسعاً لمزيد من المشاكل وهو في الوقت نفسه يعد مخالفة تشريعية واضحة». ودعا الكتل السياسية إلى «العدول عن هذا الموقف تجنباً لما يمكن أن يسببه من تبعات سياسية خطيرة ومخالفات دستورية وإرباك إداري يضرُّ بالمحافظات».
وعلى الرغم من موقف الائتلاف الواضح، فإن النائبة عنه عالية نصيف تؤكد أن «الاتجاه العام في مجلس النواب هو إلغاء عمل المجالس المحلية والاكتفاء بحكومة تنفيذية مع رقابة البرلمان الاتحادي عليها». وتوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تباينات في المواقف بين أعضاء الكتلة السياسية الواحدة بشأن الإلغاء، ذلك أن المجالس وبنظر كثيرين أخفقت في عملها ونجد أن معظم المشاريع في المحافظات وزعت كغنائم بين المجلس الذي يمثل المراقبة والتشريع وبين الحكومة التنفيذية ممثلة بالمحافظ».
وتعتقد نصيف أن «الخلل في عدم إنجاز المشاريع التنموية والبنى التحتية في المحافظات كان نتيجة الفساد والمشاريع الوهمية التي تقاسمتها الحكومات المحلية بجانب فشل المشاريع التي نفذتها الوزارات الاتحادية في المحافظات».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».