مبارك يوزع الاتهامات على «الإخوان» في أول مواجهة مع مرسي

قال أمام المحكمة إنهم تورطوا في أعمال التخريب و800 مسلح تسللوا إلى مصر لمساعدتهم

مبارك خلال محاكمة مرسي وآخرين من قادة {الإخوان} أمس (أ.ف.ب)
مبارك خلال محاكمة مرسي وآخرين من قادة {الإخوان} أمس (أ.ف.ب)
TT

مبارك يوزع الاتهامات على «الإخوان» في أول مواجهة مع مرسي

مبارك خلال محاكمة مرسي وآخرين من قادة {الإخوان} أمس (أ.ف.ب)
مبارك خلال محاكمة مرسي وآخرين من قادة {الإخوان} أمس (أ.ف.ب)

واجه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أمس، الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة «الإخوان» التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، للمرة الأولى منذ أحداث الثورة التي أطاحت نظام حكم مبارك عام 2011.
ووزع مبارك خلال جلسة محاكمة مرسي وآخرين من قادة «الإخوان» في قضية «اقتحام الحدود الشرقية»، والمعروفة سابقاً بـ«اقتحام السجون»، الاتهامات على الجماعة، بأنها هي من قتلت عدداً كبيراً من الشرطة، وقامت بأعمال التخريب، نشرت الفوضى خلال أحداث يناير (كانون الثاني)، وأن 800 مسلح تسللوا إلى مصر عن طريق الأنفاق بطريقة مخالفة صبيحة يوم 29 يناير، لزيادة الفوضى في البلاد، ولكي يعاونوا «الإخوان» على قتل المتظاهرين بميدان «التحرير» بوسط القاهرة، ويهربوا عناصر الجماعة من السجون.
وشهدت بداية الجلسة رفضاً من مبارك للإدلاء بشهادته؛ إلا بعد الحصول على إذن من الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقيادة العامة للقوات المسلحة؛ نظراً لأن شهادته تتضمن أسراراً للدولة وتتعلق بأمنها. لكنه استجاب لاحقاً لطلب القاضي بالإجابة عن بعض الأسئلة، التي لا تتضمن أموراً تتعلق بأسرار وأمن البلاد.
ونقلت جلسة المحاكمة إحدى الفضائيات الخاصة، قبل أن تتوقف فجأة عن البث، وتعلن استكمال عرض المحاكمة في وقت لاحق من يوم أمس... وظهر مبارك في المحكمة مرتدياً بدلة وربطة عنق برفقة نجليه علاء وجمال ومحاميه فريد الديب، بينما توارى مرسي الذي عزل عن السلطة في عام 2013 خلف قادة الجماعة داخل «قفص الاتهام».
وسبق لمحكمة جنايات القاهرة، أن أصدرت حكمها في عام 2015 بالإعدام شنقاً بحق مرسي، والمرشد العام لجماعة «الإخوان» محمد بديع، ونائبه رشاد البيومي، ورئيس مجلس الشعب المنحل محمد سعد الكتاتني، والقياديين عصام العريان ومحمد البلتاجي... كما قضت بمعاقبة بقية المتهمين بالسجن المؤبد، في القضية المتهم فيها 28 شخصاً من «الإخوان».
وتنسب النيابة للمتهمين في القضية تهم، اقتحام الحدود الشرقية للبلاد، والاعتداء على المنشآت الأمنية والشرطية، وقتل ضباط شرطة إبان ثورة يناير 2011 بالاتفاق مع «التنظيم الدولي لجماعة الإخوان»، وميليشيات «حزب الله» اللبنانية، وبمعاونة من عناصر مسلحة من قبل «الحرس الثوري الإيراني». كما تضم لائحة الاتهامات «الوقوف وراء ارتكاب جرائم قتل 32 من قوات التأمين والمسجونين بسجن أبو زعبل، و14 من سجناء سجن وادي النطرون، وأحد سجناء سجن المرج، وتهريبهم لنحو 20 ألف مسجون من السجون الثلاثة المذكورة، فضلاً عن اختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة من المكلفين بحماية الحدود، واقتيادهم عنوة إلى قطاع غزة».
وقال مبارك خلال شهادته أمس: «كان هناك اجتماعات لجماعة (الإخوان) مع (حزب الله) و(حماس) لإحداث فوضى في لبنان وسوريا وتركيا... وكلها كانت مرصودة وقيد المتابعة، وسمعت عن مرسى العياط (أي محمد مرسي) وغيره من (الإخوان)، وكانت الأجهزة الأمنية المعنية مسؤولة عن رصد تحركاتهم واجتماعاتهم في تركيا وسوريا ولبنان».
موضحاً، أنه قرر تسليم البلاد للقوات المسلحة، والتنحي عن الحكم من أجل الحفاظ على البلاد؛ لأن الأشخاص الذين كانوا يحرضون ضد البلد، قاموا بتدمير أجهزة الشرطة، وتدمير السجون، وتهريب عناصرهم، وكانت القوات المسلحة بالنسبة لهم الملاذ الأخير؛ لكنهم لم يستطيعوا الوصول إليهم.
وأشار مبارك إلى ما وصفها بـ«واقعة غير مسبوقة» عندما قام الرئيس الإيراني – دون أن يسميه - يوم 4 فبراير (شباط) بإلقاء خطبة الجمعة باللغة العربية، وكان هدفه هو تشجيع الفوضى في البلاد. وكشف الرئيس المصري الأسبق عن مفاجأة من العيار الثقيل تدين أنقرة بإيواء «إخوان» مطلوبين، قائلاً: إن «إسرائيل ضبطت مركب مساعدات قادماً من تركيا لأهل غزة قبل أحداث يناير، وكان من بين المتواجدين على المركب القيادي في جماعة (الإخوان) محمد البلتاجي (محبوس)»... و«اتصلت برئيس وزراء إسرائيل، وطلبت منه إعادة المصريين، واستجاب وأرسلهم، وكان من بينهم البلتاجي».
ونفى مبارك أمام المحكمة أن يكون لديه معلومات عن خطف 3 ضباط وأمين شرطة، أو الأبنية التي دمرتها العناصر المتسللة وعددها 800 شخص، التي قال: إن رئيس الاستخبارات الأسبق عمر سليمان هو من أخبره بعددهم، مؤكداً أنه لم يكن لديه معلومات عن التخريب الذي ارتكبته تلك العناصر، لأن «الإخوان» وغيرهم متورطون في أعمال التخريب مثل ذلك، وأنهم دمروا مبنى أمن الدولة في العريش، وقتلوا عدداً كبيراً من رجال الشرطة. موضحاً أن السجون التي اقتحموها هي وادى النطرون؛ لأن المحبوسين بها فئات مختلفة مثل «حماس»، لكنه ليس لديه معلومات حول الأعداد التي قتلت جراء الشروع ولكن الأجهزة لديها علم كاف.
وقال الرئيس الأسبق، إنه «علم بقطع الاتصالات في 25 يناير بأماكن معينة بسبب الاتصالات التي تتم، ولإفشال ما يسمى بالمؤامرة – على حد وصفه - وكانت هناك قضية منظورة أمام مجلس الدولة بهذا الشأن.
مضيفاً، إنه عرف من كتاب وزارة الخارجية برام الله بتسلم العناصر وبحوزتهم الأسلحة المختلفة؛ لكنه لم يعلم بتصنيعهم لملابس للقوات المسلحة المصرية لاستخدامها في مصر، موضحاً أن «حماس» في بيان التأسيس لها أنها جزء من جماعة «الإخوان» وهي تعترف بذلك، وليس لديه معلومات عن التنسيق؛ لكن يعلم بوجود تنسيق دولي كبير بين «حماس» و«الإخوان» قبل 25 يناير، وأن هناك تحركات من أمن الدولة والاستخبارات العامة ولا يعرف التفاصيل، لكن يتابع الأحداث.
وقال الرئيس الأسبق في السياق ذاته: إن التمويل بالنسبة لجماعة «الإخوان» لا يسبب مشكلة بالنسبة لها؛ لأنهم يتاجرون داخل البلاد في أنشطة تجارية مختلفة، وكان هناك وزير مالية لـ«الإخوان» وله محال ومولات كبرى وجرى القبض عليه ومحاكمته أمام محكمة عسكرية، مؤكداً أنه وقت توليه حكم البلاد دمّر آلاف الأنفاق على الحدود الشرقية مع غزة، وكل من كان يحاول الاقتراب من تلك الأنفاق يتم إطلاق النار عليه من غزة.
وحول سؤال عن وجود اتفاق بين «الإخوان» مع دول خارجية على عمليات الاقتحام في مصر، أجاب مبارك: بأنه لا يعلم؛ لكن العناصر دخلت البلاد واقتحمت الأبنية، وهناك مجريات ومخططات كثيرة لا أستطيع التحدث عنها من دون إذن.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.