الجزائر تجنِّد مساجدها لثني أبنائها عن ركوب «قوارب الموت»

بعد أن ابتلع البحر آلاف الشبان الباحثين عن عيش أفضل في أوروبا

TT

الجزائر تجنِّد مساجدها لثني أبنائها عن ركوب «قوارب الموت»

يطلق الأئمة بآلاف المساجد في الجزائر، غداً، حملة كبيرة بمناسبة صلاة الجمعة، للتحذير من خطورة الهجرة السرية، التي عرفت تصاعداً لافتاً في الأسابيع الماضية؛ حيث أعلن الشهر الماضي عن وفاة عشرات الأشخاص غرقاً، عندما كانوا يحاولون الانتقال في قوارب تقليدية من سواحل الجزائر إلى شواطئ إسبانيا وإيطاليا.
وأعلن محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، أنه يشرف بنفسه على هذه الحملة، التي وضع لها عنوان «من أجل هبّة مسجدية لإنقاذ أبنائنا من قوارب الموت»، في إشارة إلى قوارب صيد يؤجرها أشخاص من مختلف الأعمار، لقطع مسافات طويلة في عرض البحر الأبيض المتوسط، بحثاً عن عيش أفضل في الضفة الشمالية؛ لكن هذه المغامرة كثيراً ما تنتهي بهلاك من يسمون في الدارجة الجزائرية «الحراقة»، وهم المهاجرون غير الشرعيين، الذين مات منهم الآلاف في عرض البحر.
وكتب عيسى مخاطباً الأئمة: «إنّ قوارب الموت أصبحت تفتك من الأسر الجزائرية أبناءها، لينتهي بهم قدرُهم قوتاً للأسماك، أو في حياة الذلة داخل مراكز الاحتجاز في أرض الغربة. وقد ناديتُ سادتي أئمة المساجد من أجل هبّة مسجدية وطنية، للتحسيس بخطورة الظاهرة، ومن أجل تقديم النصيحة للشباب عبر الدروس الجمعية والخطب المنبرية والندوات المسجدية، حتى لا ينقادوا لهذا الإغراء الآثم».
واستعملت الحكومة أساليب متعددة لثني الشباب، الذين يعانون من البطالة والفقر، عن ركوب «قوارب الموت»، وعرضت عليهم مشروعات اقتصادية، وتعهدت بتمويلها في بدايتها؛ لكن كل هذه الجهود فشلت. كما جربت أيضاً أسلوب الردع؛ حيث أدخلت في القانون الجنائي عقوبة السجن ضد المهاجر السري، ومن يساعده على الهجرة، غير أنها لم تطبق ضد عشرات الحالات من المهاجرين الذين تم اعتقالهم وهم بصدد ركوب القوارب.
في المقابل، تعرف الجزائر موجات هجرة عكسية، تتعلق بدخول المئات من رعايا دول الساحل إلى أراضيها كل أسبوع، بطريقة غير شرعية. وفي العامين الماضيين تم ترحيل عدد كبير منهم؛ لكن ذلك كان محل انتقاد عدة منظمات حقوقية دولية.
فقد قالت «منظمة العفو الدولية» (أمنيستي) في تقرير حديث عن الهجرة بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، إن الجزائر «باتت خلال العقدين الماضيين بلد عبور، أو وجهة نهائية لكثير من المهاجرين من غرب ووسط أفريقيا، الذين يبحثون عن فرص عمل أفضل في قطاعات مختلفة، ولا سيما البناء والزراعة. وعلى الرغم من وجود أعداد كبيرة من العمّال المهاجرين في البلاد، فإن الجزائر تفتقر إلى الأطر القانونية لحماية العمال المهاجرين، إذ إن القانون الجزائري يعامل الهجرة غير الشرعية على أنها جرم جنائي، يعاقب مرتكبوه بالسجن الذي يصل إلى خمس سنوات».
وبحسب تقرير المنظمة «بلغت حالات القبض القسري، والطرد الجماعي في الجزائر للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء أوجها. وهي بالتالي تنافي تصديقها على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين». وأطلقت «أمنيستي» لائحة على موقعها الإلكتروني، ناشدت فيها المهتمين بقضية المهاجرين التوقيع عليها. وجاء فيها: «ساعدونا على حماية حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في الجزائر. طالبوا السلطات الجزائرية بأن توقف عمليات الطرد الجماعي التعسفي لمواطني النيجر ومالي، وأن تمنح حماية دولية للاجئين، وأن تسن قانوناً بشأن اللجوء».
ونشرت المنظمة شهادة مواطن من الكاميرون، كان مقيماً بالجزائر واشتغل في ورشة للبناء وتعرض للطرد، إذ قال: «كنتُ قد غادرتُ العمل في عطلة نهاية الأسبوع عندما قُبض عليَّ. وأُرغم عشرات منَّا على ركوب حافلات، سارت بنا 1000 كيلومتر داخل الصحراء، وتُركنا هناك بلا طعام ولا ماء».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.