تشييع «فتى الصورة» محمد الشعار يجمع شباب لبنان رفضا «للموت المجاني»

وثق مع أصدقائه السيارة المفخخة ولحظاتهم الأخيرة قبل اغتيال شطح

صورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها محمد الشعار بالسترة الحمراء مع أصدقائه قبل التفجير بدقائق («الشرق الأوسط»)
صورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها محمد الشعار بالسترة الحمراء مع أصدقائه قبل التفجير بدقائق («الشرق الأوسط»)
TT

تشييع «فتى الصورة» محمد الشعار يجمع شباب لبنان رفضا «للموت المجاني»

صورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها محمد الشعار بالسترة الحمراء مع أصدقائه قبل التفجير بدقائق («الشرق الأوسط»)
صورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها محمد الشعار بالسترة الحمراء مع أصدقائه قبل التفجير بدقائق («الشرق الأوسط»)

رغبته في تحدي أصدقائه في مباراة كرة السلة، تحولت إلى مأساة. لم يتمكن محمد الشعار (16 عاما)، من لقاء أصدقاء آخرين، كان يخطط لملاقاتهم في الملعب. حَالَ التفجير الذي استهدف وزير المالية اللبنانية الأسبق محمد شطح في وسط بيروت أول من أمس، بينه وبينهم، لكنهم لم يتخلفوا عن الموعد. توجهوا لملاقاته في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث كان يرقد ويعاني من إصابة بالغة برأسه.
انتظر الأصدقاء ورفاق الصف الدراسي خبرا يخفف من القلق على صحته. كانت الأنباء ضبابية. «إصابته بالغة»، جلّ ما عرفه الأصدقاء. ازدادت حالة القلق، فقرأوا آيات القرآن الكريم، بشكل جماعي، على نية شفائه، لكن شظايا السيارات المتطايرة التي اخترقت دماغه، وأحدثت تورما في المخ، صدّت كل المحاولات الطبية لإنقاذه. فارقه الأصدقاء ليلا، على أمل التحسّن، قبل أن ينتشر الخبر السيئ صباحا. محمد فارق الحياة.
وبوفاة محمد، الذي يدرس في صف البكالوريا – القسم الأول، ارتفع عدد ضحايا تفجير وسط بيروت إلى سبعة أشخاص أمس. نزل الخبر الكئيب على عائلة محمد، ثقيلا. أثقل كاهل أمه وأبيه. حطّمهما. تقول ابنة خالته ليلان برجاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن حالة والدي محمد «صعبة للغاية. لم يستفيقا من الصدمة بعد. يرفضان الحديث مع أحد».
تحمل والدته كنزة ابنها البكر طوال الوقت، وتشمها. لا تتوقف عن النواح. كذلك شقيقاه آدم (13 سنة)، وجود (4 سنوات). فقدت الأم قدرتها على الحراك. ثقل المصيبة أجهدها. ولم تساهم تعزية الأقربين والأصدقاء، في تخفيف الحزن، أو المواساة فيه. ذهب ابنها البكر ليستمتع بيوم إجازة مشمس وعاد جثة هامدة. على عادته في أيام العطلة، يقصد محمد وأصدقاؤه منطقة قريبة من موقع التفجير للعب كرة السلة. تناول فطوره الصباحي، كالمعتاد، ولاقى أصدقاءه في المنطقة. أثناء انتظارهم اكتمال النصاب، وقف وثلاثة من أصدقائه هم عمر بكداش وربيع يوسف وأحمد مغربي يلتقطون صورة تذكارية. سجلت اللقطة في خلفيتها السيارة المفخخة التي استهدفت شطح. وبعد لحظات قليلة، دوّى التفجير. أصيب محمد على الفور إصابة بالغة «كونه كان الأقرب إلى سيارة شطح»، بينما أصيب أصدقاؤه الثلاثة إصابات طفيفة. سجلت العدسات صورة محمد، بالسترة الحمراء، ملقى على ناصية الشارع. كان شخصا مجهولا بالنسبة لكثيرين. لم تعرف عائلته بالأمر. كان بالها مشغولا على حسن، أحد أفراد العائلة الذي يعمل في مبنى «ستاركو» المحاذي لموقع التفجير. لحظات، وبدأ عارفوه يتداولون الخبر عبر تطبيق «واتس أب» على الهواتف الجوالة. ثم تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورته ملقى على الأرض.
تقول ابنة خالته ليلان برجاوي: «مضى وقت طويل قبل نقل محمد إلى المستشفى، يقارب الربع ساعة. نقل بظروف سيئة، فاقدا الوعي، بفعل الإصابة البالغة في الرأس»، مشيرة إلى أن دقة الإصابة الناتجة عن شظايا السيارات المتطايرة، «منعت الأطباء من إجراء عملية جراحية».
وتحوّل محمد إلى «فتى الصورة» بالنسبة لناشطي مواقع التواصل الاجتماعي الذين تداولوا صورته الأخيرة بهاتف أحد أصدقائه، وصورته ملقى على الناصية. وتظهر الصورة التضاد الوجودي: «صورة الحياة والموت في كادرين لشخص واحد. لشاب في مقتبل العمر، بحث عن الحياة، فيما كان الموت يترصد له»، كما تقول برجاوي. فضلا عن ذلك، استرعت الصورة الأخيرة للشعار اهتماما عاما، كونها توثق السيارة المفخخة قبل تفجيرها.
وتحدث أحد أصدقاء محمد الشعار الأربعة الذين ظهروا في الصورة عبر شاشة «إل بي سي» قائلا إنهم «التقطوا الصورة قبل دقائق من الانفجار، وإنهم كانوا يهمون بالعودة إلى السيارة، وكان الشعار بعيدا عنهم بعض الشيء، عندما وقع الانفجار». وفور إعلان وفاة محمد الشعار، صباح أمس، تحرّك ناشطون مدنيون وشباب لرثائه عبر تعليقات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع تحديد موعد دفنه بعد صلاة العصر اليوم، في جامع الخاشقجي في بيروت، دعا شباب وناشطون إلى مشاركة شبابية واسعة في التشييع، الذي يلي تشييع الوزير شطح، بوصف الشعار «شابا من لبنان»، وتعبيرا عن الرفض «للموت المجاني في بيروت».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.