مهندسو العقارات في الهند... والاتجاه لتصميم «المنازل الذكية»

تجذب المشترين في المناطق الحضرية التي تشهد تسارع نمو السوق العقارية

لم يعد مصطلح «المنزل الذكي» غريباً على غالبية جيل الشباب المهنيين في الهند... فقد بات متطلباً أساسياً لديهم (الشرق الأوسط)
لم يعد مصطلح «المنزل الذكي» غريباً على غالبية جيل الشباب المهنيين في الهند... فقد بات متطلباً أساسياً لديهم (الشرق الأوسط)
TT

مهندسو العقارات في الهند... والاتجاه لتصميم «المنازل الذكية»

لم يعد مصطلح «المنزل الذكي» غريباً على غالبية جيل الشباب المهنيين في الهند... فقد بات متطلباً أساسياً لديهم (الشرق الأوسط)
لم يعد مصطلح «المنزل الذكي» غريباً على غالبية جيل الشباب المهنيين في الهند... فقد بات متطلباً أساسياً لديهم (الشرق الأوسط)

تعدّ المنازل الذكية خطوة مهمة في سبيل تطور الوحدات السكنية التي تهدف إلى جعل الحياة أكثر راحة ورفاهية واستدامة. وبفضل التطبيقات والتكنولوجيا الجديدة، لم تعد «المنازل الذكية» حكرا على الطبقة بالغة الثراء كما كانت الحال في السابق، ولذلك فقد باتت سوق المنازل الذكية بالهند في نمو مطرد.
البيت الذكي هو المنزل بالغ التطور الذي يمنحك القدرة على التحكم في جميع ما يشمله من أجهزة كهربائية وإضاءة وأنظمة كهرباء ونوافذ وأبواب، ولذلك فإن الأنظمة الأتوماتيكية أصبحت اليوم أمرا مألوفا في الشقق والفيلات السكنية.
أصبح المنزل الذكي كامل المواصفات يجذب المشترين في المناطق الحضرية في الهند التي باتت سوق العقارات فيها تنمو بشكل متسارع، حيث تسجل سوق المنازل الذكية نموا سنويا يتراوح بين 15 و18 في المائة بالمدن الكبرى، وما بين 5 و10 في المائة في المدن الأصغر. وتوقعت دراسة حديثة أن تتضاعف مبيعات المنازل الذكية مرتين كل 3 سنوات، وأن تنمو بواقع 30 في المائة عاما بعد عام نتيجة لزيادة الوعي بشأنها بين الطبقات العليا في المجتمع.
وبحسب دراسة أجراها «مركز إيه زد للدراسات» بولاية بنغلارو بالتعاون مع «معهد شنادير إليكتريك إنديا»، فإن عناصر الأمان والراحة وكفاءة الطاقة تعد من أهم المحفزات للاتجاه إلى المنازل الذكية، فيما يشكل ارتفاع التكلفة وانعدام الوضوح بشأن القيمة الحقيقية وأحيانا قلة الوعي؛ المعوقات الوحيدة التي تعترض هذا الاتجاه.
هل تتخيل أن تتحدث إلى منزلك وتعطي له بعض الأوامر لينفذها؟ في هذا المنزل تستطيع أن تسحب الستائر وأن تعدل درجة حرارة المكان وأن تشغل أو توقف أجهزة المطبخ. منزل كهذا سيكون المعين الوفي لك.
في السنوات القليلة الماضية، شرع المصممون الهنود في تقديم نوع من المنازل يشمل هذه الخصائص مجتمعة، ومن ضمن هذه الشركات «مانتري ديفيلوبرز» في ولايات بنغلور وتشاني وحيدر آباد وبون، وشركة «سوبها ديفيلوبرز» في مومباي... وغيرها كثير ممن يقدمون تلك الخدمات الذكية وبدرجات متفاوتة. على سبيل المثال، تقدم شركة «مانتري ديفيلوبرز» خدمة التحكم في الأمن ودخول الزوار، والإضاءة بضغطة زر، ناهيك بأنظمة إطفاء الحريق ومنع تسرب الغاز ومنع دخول أو اقتحام الغرباء.
وفي خطة تهدف إلى نشر ثقافة المنازل الذكية، أجرت شركة «راجا ديفيلوبرز» تجربة لنموذج «البيت المتكلم» في مدينة غرغوان بضواحي العاصمة دلهي، حيث تتطلع الشركة لجعل هذا النموذج ضمن مشروعاتها المقبلة بمنطقة «ايانا» في الولاية ذاتها.
يذكر أن شركة «أرابتيك» التي بنت «برج خليفة» الشهير بدولة الإمارات هي الشريك الذي سيتولى بناء هذا المشروع.
وفي هذا الصدد، يقول نايان راجار، المدير التنفيذي لشركة «راجا ديفيلوبرز»: «مصطلح المنزل الذكي مصطلح ثوري جديد يعني أنه صديق للمستخدم ويمكن تطويره من وقت لآخر ليستوعب لهجات مختلفة. وقد أجرينا اختبارا على النظام الجديد وأثبت فاعلية كبيرة. لكن ينبغي على المستخدم تجربته أولا لكي يستطيع فهمه والاستفادة منه، ففي هذه المنازل الذكية ستجد كل طلباتك مجابة، لأنه يحصل على المعلومات من خلال الإنترنت ليعطيك الإجابة».
إن المنازل الأوتوماتيكية التي يتحكم بها المستخدم من خلال الهاتف الذكي موجودة بالفعل، لكن في هذه المنازل الجديدة تستطيع أن تتحكم في كل شيء حتى من دون الحاجة لهاتف ذكي.
واستطرد راجا: «السبب في ذلك هو أنه ليس جميع الناس يستخدمون الهواتف الذكية، لكنهم يتطلعون إلى امتلاك منزل ذكي، ولذلك فإن التخلص من استخدام الهاتف الذكي سيسهل الأمر أمام كثيرين، خصوصا كبار السن». فقد اشتمل تصميم المنزل الذكي الجديد على تطبيقات وأجهزة تتضمن حساسات وشرائح رقيقة خلال مرحلة الإنشاء ذاتها، بالإضافة إلى الميكروفونات والسماعات التي سيجري تثبيتها خلال مرحلة الإنشاء.
تتراوح تكلفة هذه الشقق السكنية بين 1.5 مليون دولار و5.5 مليون دولار للشقة بمساحة 1800 – 5500 قدم مربعة، وتبلغ تكلفة تحويل الشقة إلى منزل ذكي أوتوماتيكي ما بين 5 و7 في المائة من تكلفة الشقة الإجمالية.
وفي السياق ذاته، أفاد أنبام فارشني، مدير المبيعات بشركة «فاتيكا ليميتد»، بأن «مشتري شقق اليوم يتطلعون إلى المنزل الذي يكمل احتياجاتهم ويجعل الحياة اليومية أبسط وأسهل. من خلال المنازل الذكية من تنفيذ شركتا، ستتمكن من التحكم في أجهزتك عن طريق الأوامر الصوتية أو عن بعد من خلال الكومبيوتر المحمول أو الهاتف، فقد ركزنا على العناصر التي تجعل المنزل أكثر راحة وملاءمة. لقد ابتكر مصطلح المنزل الذكي بهدف إحداث ثورة في قطاع العقارات، ويسعدنا أن نقدم الخدمة نفسها لعملاء شركة (فاتيكا إنديا). ستوجد شركتنا في مشروعات بولاية غورغام».
بفضل إدراكهم احتياج العملاء لذلك النوع من المنازل الذكية، فإن مصممي العقارات يعتزمون تقديم نسخة تجريبية من تلك المنازل الفخمة، ولن يمر وقت طويل قبل أن يجرى تزويد الشقق الفاخرة كافة بتلك الأنظمة الذكية مع بداية الإنشاء.
«في الوقت الحالي، لن يتمكن النظام سوى من فهم اللغة الإنجليزية فقط، لكن في المستقبل، سيجري تطوير النظام لفهم لغات أخرى. ولتحقيق ذلك، دخلت الشركة في شراكة مع شركة (ناونس) لتقديم تطبيقات لتمييز الصوت في المنازل الذكية، لإنشاء نوع من المنازل يعد الأذكى في العالم»، بحسب راجا.
في عالم سريع التطور تكنولوجياً، فإن الحاجة أصبحت ملحة لاستحداث أدوات مساعدة لجعل حياة الإنسان أكثر سهولة. يضيف راجا: «إذا ذهبنا إلى الأمام، فإننا نخطط أن تتضمن تصميمات المنازل الذكية خاصية التجارة الإلكترونية. فإذا أردت شراء بعض الخضراوات مثلا، فما عليك سوى أن تطلب من البيت شراءها، وسيبحث النظام عن أقرب متجر وأفضل سعر ثم يرسل بطلب الشراء والتوصيل إلى البيت».
تعد شركات مثل «أمازون إيكو» و«غوغل هوم» وما لهما من قدرة على التحكم في الهواتف والأجهزة الذكية من خلال الصوت وبلغات مختلفة، عنصرا مساعدا عملت الهند على تبنيه والاستفادة منه خلال الإنترنت بالغ السرعة وأجهزة «راوتر واي واي فاي»، وإمكانية استخدام الهواتف الذكية نقاط تواصل مع المنازل الذكية.
أصبحت شركة «إمباسي غروب» العقارية ومقرها بنغلارو أول شركة عقارية في الهند تطلق خدمة المنازل الذكية التي تعمل مع خاصية «أمازون أليكسا» التي توفرها أجهزة «أمازون إيكو». فقد أطلقت شركة «أمازون» خدمات «أليكسا» منذ أشهر معدودة في الهند، وقامت شركة «إمباسي غروب» بتطبيقها على مشروعها المتطور الذي يحمل عنوان «إتي سيتي»، أي «مدينة تكنولوجيا المعلومات». ومن خلال أصحاب أجهزة «أمازون إيكو»، سيكون بإمكان أصحاب المنازل التفاعل بعضهم مع بعض وتنظيم لقاءات اجتماعية، ورصد التحركات خارج المنازل وطلب شراء الطعام وشراء مواد البقالة فقط باستخدام أصواتهم. وسيكون بإمكان أصحاب المنازل الذكية تحويل منازلهم للعمل بصورة أوتوماتيكية بالكامل وذلك لتوفير استهلاك للطاقة.
لا يزال هناك مزيد من الرفاهية في الانتظار في الحمام والمطبخ. فبضغطة على بعض أزرار الهاتف الذكي، سينهمر الماء في حوض الاستحمام بدرجة الحرارة التي تناسبك.
وفي السياق ذاته، قال نيليش غوبتا، مدير شركة توريد معدات النظافة: «ستكون في الحمام مرآة ذكية مزودة بتلفزيون مثبت بداخلها، وحمام للعلاج بالعطور، وجاكوزي بالغ التطور». ويوضح فيكاس جانجا، المدير التنفيذي بشركة «بنشمارك لايفستايل سوليوشنز»: «في المطبخ، سيكون فنجان القهوة في انتظارك بمجرد أن تخطوا بداخله، وسيجري تزويد الأجهزة بتكنولوجيا الحاسة السادسة لتستطيع فهم وتفسير تعبيرات وجهك وإيماءاتك، وستعمل الأفران تلقائيا بمجرد أن تتمنى ذلك وستعرض عليك قائمة الطعام. وستعمل خاصية التبريد والتجميد بالثلاجة بوتيرة أسرع إن أردت ذلك، وستفتح الأدراج وتغلق بلمسة واحدة».


مقالات ذات صلة

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».