قررت السلطة الفلسطينية إعداد ملف إدانة للسياسة الإسرائيلية وممارساتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، يتعلق بعشرات الحوادث التي تم فيها قتل فلسطينيين بتهمة الاعتداء على إسرائيليين، ظلماً وبهتاناً. واعتبرت السلطة هذه الحوادث بمثابة «عمليات إعدام مقصودة ومتعمدة هدفها الانتقام من الرفض الفلسطيني للاحتلال من جهة، ولرفع معنويات الرأي العام الإسرائيلي وإرضاء جمهور المستوطنين واليمين المتطرف الذي يطالب عادة بعقوبات جماعية».
ويأتي هذا القرار في أعقاب الكشف عن حالات قتل خطيرة عدة، منها قيام الجيش الإسرائيلي باستخدام قذائف دبابات في قطاع غزة قبل يومين، والتسبب في قتل أربعة متظاهرين، وقيامه بقتل الفتى قاسم العباسي (17 عاماً) في منطقة رام الله، الخميس الماضي، من دون أن يهدد حياة الجنود بالخطر، ومن دون أن يقترف أي ذنب، وقيامه بإطلاق الرصاص على ضابط في الشرطة الفلسطينية «بالخطأ»؛ مما اضطر الأطباء إلى بتر ساقه.
وقال مصدر في الخارجية الفلسطينية: إن هذه الحوادث تضاف إلى عشرات الحوادث الأخرى، التي تم فيها قتل فلسطينيين بدم بارد، في إطار الاستعراض أمام الجمهور الإسرائيلي.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت عن فتح تحقيق في استشهاد العباسي، بعد إطلاق النار على مركبته قرب قرية بيتين المجاورة لمستوطنة «بيت إيل» شمال البيرة، مساء الخميس. وسرّب مصدر عسكري في تل أبيب لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أن «الجنود الإسرائيليين انتهكوا تعليمات فتح النار، وأطلقوا الرصاص على الفتى الذي كان برفقة أصدقائه داخل مركبة وهم في طريقهم إلى نابلس بتسرع ومن دون حذر». لكن هذا لم يهدئ من روع الفلسطينيين، الذين يعتبرون التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلية مجرد إجراءات صورية تأتي للتغطية على الحقائق. وقال مدير القسم الميداني في منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان، كريم جبران: إن «سياسة التحقيقات التي تجريها سلطات الاحتلال في جرائمها تهدف إلى طمس الحقائق، ولا يمكن التعويل عليها». وأوضح، أن المنظمة ومن خلال تجاربها السابقة مع تلك التحقيقات أدركت أنها تهدف إلى المماطلة وقطع الطريق على أي تحقيقات دولية.
من جهة ثانية، تصر عائلة البرغوثي في قرية كوبر، على أن ابنها، الشهيد صالح، قد اعتقل حياً وقتل غدراً، وذلك من دون محاكمة. وحسب أحد أقاربه، فإن سلطات الاحتلال تنوي قتل شقيقه عصام أيضاً، وتهدر دمه علناً، عندما تعلن أنه هو الذي نفذ عملية مستوطنة «عوفرا»، التي تم خلالها إطلاق النار قرب البؤرة الاستيطانية العشوائية «غفعات اساف» التي قُتل فيها جنديان إسرائيليان وأصيب ثالث بجروح خطيرة. وحسب الأهالي، فإن مجرد توجيه هذه التهمة تعتبر هدر دم عصام، فكم حرياً عندما تسرب مصادر أمنية إسرائيلية للصحافة أن عصام «سيحارب من يأتي لاعتقاله، حتى الرصاصة الأخيرة ويفضّل ألا يعتقل». واعتبروا هذه الصيغة أساساً وتمهيداً لقتله بدم بارد، حتى لو قرر تسليم نفسه. وقالوا: «سلطات الاحتلال تهدر دمه من دون وجود أي دليل ملموس، على أنه نفذ عملية وتنسب بعض التصريحات المشبوهة التي (تدينه) إلى (مصادر فلسطينية) مجهولة، لكي تبرر قتله بدم بارد».
وطالبت عائلة البرغوثي المؤسسات القانونية المحلية والدولية بإجراء تحقيق مستقل في ظروف اعتقال صالح وإعلان استشهاده لاحقاً. ورجحت العائلة أن تكون قوات خاصة إسرائيلية أقدمت على إعدام صالح بعد اعتقاله حياً، أو أنه ما زال على قيد الحياة وستقوم بتصفيته بعدما أعلنت عن استشهاده. وقالت والدة صالح، سهير البرغوثي، إننا «نريد فهم ما جرى مع ابننا أثناء اعتقاله. يوم الأربعاء الماضي، طُلب من والد صالح الذهاب لأخذ مركبته كونه معتقلاً، وعند ذهابه لأخذها، وجد أن القوات الخاصة صادرت المركبة بعد اعتقال صالح، بعد ذلك تضاربت الأنباء حول مصيره إن كان معتقلاً أو شهيداً». وأكدت والدة الشهيد، أن «شهود عيان كانوا في المكان نقلوا للعائلة أن جيش الاحتلال أنزل صالح من مركبته وقيّد يديه وهو على قيد الحياة، في حين قال شهود عيان آخرون إن صالح كان مصاباً حين اعتقاله، ولم تتضح الأمور بالنسبة لنا. بعد ذلك بدأت تتسرب الأخبار عن استشهاده. نحن الآن لا علم لنا إن كان ابننا شهيداً أم أسيراً، ونناشد الهيئات الدولية والصليب الأحمر، وكل من يستطيع توفير معلومات لنا حول ابننا».
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس: إن «النادي اتخذ قراراً في قضية اعتقال وإعلان استشهاد صالح وغيره من المناضلين الفلسطينيين بإجراء تحقيق شامل؛ لأن إعلان الاحتلال عن وفاتهم مشوب بالكثير من الالتباسات، وخصوصاً أن هناك شهود عيان ومكالمات هاتفية وصوراً، من الممكن أن تشكل أساساً للادعاء بأنهم قتلوا بعد الاعتقال».
وأكد فارس، أن «الاحتلال الإسرائيلي أعدم فلسطينيين كانوا مطلوبين للاحتلال في مرات سابقة كثيرة، أو بسبب السلوك المحكوم بالانفعال من قبل جيش الاحتلال. فالحكومة الإسرائيلية مأزومة، وتريد أن تقدم للمجتمع الإسرائيلي ما يطمئنه بأن لديه جيشاً ومؤسسة أمنية بقدرات أسطورية، لكنها حتى الآن عجزت عن فعل ذلك».
ودعا رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق، عيسى قراقع، إلى «ضرورة جمع كافة الأدلة والمعلومات والحقائق حول الجرائم المتعمدة التي جرت عن سبق إصرار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي».
ملف شكوى فلسطيني ضد ممارسات الجنود الإسرائيليين
يتضمن عشرات من عمليات الإعدام المتعمد

نتنياهو يستمع إلى إحدى مساعداته في مستهل اجتماع حكومته أمس
ملف شكوى فلسطيني ضد ممارسات الجنود الإسرائيليين

نتنياهو يستمع إلى إحدى مساعداته في مستهل اجتماع حكومته أمس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة