«الفتح» يطيح مرشح «سائرون» ويفوز بمنصب محافظ بغداد

TT

«الفتح» يطيح مرشح «سائرون» ويفوز بمنصب محافظ بغداد

يبدو أن الصراع بين الكتل والتحالفات السياسية لا يقتصر على حقائب حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي التي ما زالت غير مكتملة النصاب مع عدم الاتفاق على تمرير أسماء المرشحين للوزارات الخمس المتبقية وضمنها الداخلية والدفاع، بل تعداه ليصل إلى المناصب التنفيذية في مجالس المحافظات بعد حصول بعض المحافظين على عضوية مجلس النواب الاتحادي.
وفي آخر جولات الصراع على المناصب المحلية تمكن تحالف «الفتح» الحشدي أمس، من إزاحة مرشح تحالف «سائرون» فاضل الشويلي عن منصب محافظ بغداد، والتصويت لصالح فلاح الجزائري الذي ينتمي إلى ائتلاف «دولة القانون» في تحالف «الفتح» محافظا لبغداد خلفا للمحافظ السابق عن «دولة القانون» أيضا عطوان العطواني الذي فاز بعضوية مجلس النواب في الانتخابات العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي.
وكان مجلس محافظة بغداد صوت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري على اختيار فاضل حسين الشويلي الذي ينتمي إلى تحالف «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر والمنضوي في كتلة الإصلاح محافظا لبغداد، بيد أن الأطراف السياسية الممثلة في المجلس المتحالفة والقريبة من تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري والمنضوي في كتلة «البناء» اعترضت على الترشيح وطعنت في شرعيته بذريعة عدم اكتمال النصاب وعدم مطابقة عملية التصويت للأصول القانونية، فعاد «الفتح» أمس، ليتمكن من إزاحة الشويلي والتصويت على فلاح الجزائري بدلاً عنه.
الشويلي أعلن في تصريحات، أمس، عن عزم كتلة «الأحرار» الصدرية في مجلس محافظة بغداد «الطعن في جلسة إلغاء انتخابه».
وعن اختيار المحافظ الجديد، يقول عضو «دولة القانون» في مجلس بغداد سعد المطلبي: إن «جلسة التصويت على فاضل الشويلي كانت غير قانونية وحضر فيها 31 من أصل 58 عضواً، وكانت جلسة ملتبسة وسادتها المجاملات والاعتبارات الحزبية». ويضيف المطلبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع مكونات المجلس حضرت اليوم (أمس) باستثناء (الأحرار) و(الحكمة) كما حضر أعضاء في البرلمان وأعضاء الإشراف القضائي وحضر المحافظ السابق عطوان العطواني وقدم استقالته بشكل أصولي وتمت عملية التصويت على المحافظ الجديد».
وفيما تنتقد أغلب الأوساط العراقية عمل مجالس المحافظات وتتهمها بالتقصير في ملف الخدمات والاهتمام بالصراعات الحزبية وعدم الاكتراث بمصالح المواطنين، لا يتفق المطلبي مع ذلك ويرى أن «مجالس المحافظات تؤدي عملها وقانون (سانت ليغو) الذي جرت بموجبه انتخابات المحافظات عام 2013 يقف وراء الصراعات السياسية وعدم الانسجام بين أعضاء المجالس المحلية». ويضيف: «القانون الانتخابي سمح للأحزاب والكتل الصغيرة جداً بالوصول إلى عضوية المجالس وتاليا فإن هذه الكتل الصغيرة قادرة على قلب معادلة التفاهم بين الكتل الكبيرة في أي لحظة».
وحول مدى إمكانية نجاح المحافظ الجديد فلاح الجزائري في مهمته الجديدة يقول المطلبي: «النجاح الكامل ضرب من المستحيل خاصة مع بقاء أقل من سنة على الانتخابات المقبلة، لكن المحافظ السابق دشن 9 مشاريع في أطراف بغداد ونأمل أن يتمكن المحافظ الجديد من إكمالها».
وبدا الارتياح واضحاً على ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي المتحالف مع «الفتح» بفوز فلاح الجزائري بمنصب المحافظ، حيث غرد مدير مكتب المالكي هشام الركابي على «تويتر» قائلا: «انتصار جديد لدولة القانون في بغداد والقادم أكبر»، في إشارة إلى الصراع بين «الفتح» و«سائرون» على المناصب الوزارية في الحكومة الاتحادية ومنصب المحافظ في بعض المحافظات وخاصة في وسط وجنوب البلاد ذات الأغلبية الشيعية.
ولا تتوقف الصراعات بين الكتل السياسية المتنافسة على المناصب في حكومة بغداد المحلية، بل تمتد لتشمل محافظات أخرى، حيث رفض زعيم التيار الصدري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اختيار محافظ لبابل عن «دولة القانون» وغرد في حينها قائلا: «لن نرضى أن تباع بابل وتشترى آثارها ومناصبها وأراضيها وثرواتها من قبل الفاسدين والمتسلطين، لذا فعلى حكمائها ووجهائها تحريرها بالطرق الاجتماعية والسياسية اللائقة، وإلا فإنها ستكون بأيد غير أمينة».
كذلك الحال مع منصب محافظ البصرة، حيث أخفق مجلس البصرة في الجمعة قبل الماضي، نتيجة الصراعات السياسية بين مكوناته، في التصويت على محافظ جديد بدلاً عن المحافظ أسعد العيداني الذي حصل على مقعد نيابي في البرلمان الاتحادي.
ويقول مصدر قريب من مجلس محافظة البصرة لـ«الشرق الأوسط»: «الصراعات في البصرة مرآة عاكسة لصراعات الكتل في بغداد، لذلك تجد من الصعوبة اتفاقهم على اختيار محافظ جديد».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.