الخرطوم تحجب وسائل التواصل الاجتماعي... وصحف تختار الغياب

بعد ساعات من إقالة مدير عام هيئة الاتصالات وتعيين خليفة له

TT

الخرطوم تحجب وسائل التواصل الاجتماعي... وصحف تختار الغياب

توقفت في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، وعلى نحو مفاجئ، وسائط التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري عن السودان، وواجه النشطاء صعوبات في الدخول على «واتساب وتويتر وفيسبوك وإنستغرام».
ولم تعلق شركات الاتصالات في البلاد على توقف خدمة هذه المنصات، وهو ما جعل ناشطين يقولون إنها «أوقفت» بسبب الاحتجاجات التي تجتاح البلاد منذ الأربعاء، للحد من تناقل أخبار وصور المتظاهرين، قبل أن يستعينوا بتطبيقات إلغاء الحجب «بروكسي» للتواصل عبر هذه المنصات.
وجاءت هذه الخطوة بعد ساعات قلائل من صدور مرسوم رئاسي بإقالة المدير العام للهيئة العامة للاتصالات دكتور يحيى عبد الله، وتعيين مصطفى عبد الحفيظ بديلاً له، وجاءت الإقالة والتعيين غداة اندلاع الاحتجاجات وتحول هذه المنصات لوسائل إعلام بديلة لتداول الأخبار والصور والفيديوهات من مختلف مدن البلاد.
ولفرض المزيد من إحكام الرقابة على أخبار الاحتجاجات، أمرت السلطات الأمنية مطابع الصحف بعدم طباعتها قبل اطلاع الرقيب عليها، وأمرت عددا من الصحف بحذف المواد المتعلقة بالمظاهرات، ورفضت جريدة «الجريدة» تعديل نسخة أمس واختارت الاحتجاب. وتعد عودة الرقابة على الصحف بحسب صحافيين، إلغاء «لميثاق الشرف الصحافي» الذي تم توقيعه بين الصحف والبرلمان وجهاز الأمن قبل أكثر من شهر.
سياسيا، أصدر عدد من أحزاب المعارضة بيانات أعلنت فيها تأييدها للاحتجاجات والمظاهرات ودعت جماهيرها ومؤيديها للمشاركة فيها بفعالية. ودعا حزب المؤتمر السوداني إلى خريطة طريق لإخراج البلاد من الضائقة السياسية والاقتصادية التي تعيشها، بتكوين «حكومة تصريف أعمال» تنفذ مهام محددة، وطلب من السودانيين الالتفاف حولها.
كما نص مقترح الحزب المعارض، على تضمين ما أطلق عليه «مذكرة رحيل»، ترحل بموجبها الحكومة الحالية وتسلم السلطة فوراً لحكومة الكفاءات التي يقترحها. بدوره، أبدى زعيم الحركة الشعبية - شمال مالك عقار - في بيان خشيته من تباعد صفوف المعارضة، وتفتت العمل الجماهيري، والغرق في «معارك جانبية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.