معرض «رؤيا ما وراء الحدود»: رسومات ومنحوتات ثلاثية الأبعاد

يتضمن لوحات 4 فنانين تشكيليين من فنزويلا

لوحة لآنا تيريزا سباغنولو المرتكزة على خلطة ألوان تجريدية  -  أزياء معدنية ترتديها شخصيات «مينيناس» لخوسيه أنطونيو آراوجو
لوحة لآنا تيريزا سباغنولو المرتكزة على خلطة ألوان تجريدية - أزياء معدنية ترتديها شخصيات «مينيناس» لخوسيه أنطونيو آراوجو
TT

معرض «رؤيا ما وراء الحدود»: رسومات ومنحوتات ثلاثية الأبعاد

لوحة لآنا تيريزا سباغنولو المرتكزة على خلطة ألوان تجريدية  -  أزياء معدنية ترتديها شخصيات «مينيناس» لخوسيه أنطونيو آراوجو
لوحة لآنا تيريزا سباغنولو المرتكزة على خلطة ألوان تجريدية - أزياء معدنية ترتديها شخصيات «مينيناس» لخوسيه أنطونيو آراوجو

لطالما اعتبرت العاصمة اللبنانية بيروت صلة وصل بين الفنون الشرقية والغربية، ومحطة أساسية لخلق حوارات ثقافية بين الطرفين. وها هي اليوم تتألق مرة جديدة في هذا المضمار من خلال استضافتها معرض «رؤيا ما وراء الحدود» لأربعة فنانين فنزويليين يحملون أعمالهم من رسومات ومنحوتات وأشكال فنية ثلاثية الأبعاد كي يتواصلوا مع اللبنانيين على طريقتهم. ويقف وراء هذا المعرض الذي يستمر لغاية 2 يناير (كانون الثاني) المقبل، في فندق «لو غراي» وسط بيروت، مؤسسة «أونويا للفن الجميل». فهذه المنصة الفنية لمؤسستها تانيا معوض زخيا أخذت على عاتقها تقديم الفن المعاصر والحديث لفنانين محترفين وناشئين من مختلف دول العالم.
ومع الفنانين ديفيد سانشيز ودانيال سانسيفيرو وخوسيه أنطونيو أروجو وآنا تيريزا سباغنولو نبحر في رحلة فنية ما وراء المحيطات. فنتعرف من خلالها على رؤية فنية معاصرة ينقلها إلينا الفنانون الأربعة من خلال لوحاتهم التشكيلية.
«لقد تعرفت إليهم عن قرب وأعجبت بأعمالهم الخارجة عن المألوف، ولذلك قرّرت أن أوصلها إلى اللبنانيين الذين تفاعلوا معها إلى حد كبير»، تقول تانيا معوض زخيا، صاحبة مؤسسة «أونويا للفن الجميل» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «إنني أستقر في فنزويلا، ومن هذا المنطلق قرّرت أن أقيم هذا المعرض للتّعريف بهؤلاء الفنانين، وبالتالي أخطّط لإقامة معارض لفنانين لبنانيين هناك من باب تبادل الثّقافات بين البلدين».
وتتمتع لوحات ديفيد سانشيز برؤية فنية معاصرة يغلب عليها طابع الهندسة التجريدية. أمّا الأدوات التي يستعملها لولادة كل عمل فتتراوح ما بين الآلة الحاسبة والمقياس المدرج وقماش الكانفاس وقلم الرصاص. ومعها يأخذ لوحاته إلى انعكاسات الضوء والظلال. ومن ثمّ يستخدم تركيبات لونية في طلاء من الأكريليك لإكمال عمله. أمّا سر التقنية الفنية التي يتميّز بها فتتمثّل بانطلاقه من نقطتين متباعدتين على فضاء اللوحة ترفع من تصور المشاهد لبناء صور ثلاثية الأبعاد.
ومع دانييل سانسيفيرو نغوص في عالم آخر يرتكز على تقنية ثلاثية الأبعاد تجتمع بأخرى تعرف عالمياً بـ«الفن البصري». فلوحاته المؤلفة من مجموعة مربعات هندسية نافرة وملونة معلقة على مساحة واحدة تدخل في إطار فنون النّظرة المخادعة (trompe l’oeil) فتضفي طابع المراوغة لدى مشاهدها، إذ يقف أمامها يدقّق في حناياها من جميع النّواحي ليكتشف سر تأثيرها عليه.
لا تشبه منحوتات الفنان الثالث في هذه المجموعة جوزي أنطونيو آروجو أعمال زملائه في هذا المعرض، إذ تتّخذ منحى مغايراً تماماً عن الهندسة الحديثة لتصبّ في عالم الخشب المحفور. ونرى أشخاصه التي يطلق عليها اسم «مينيناس» بأزياء تتضمّن قصصاً مختلفة ترافقها تسريحة شعر معدنية تتزين بأكسسوارات ملونة ونافرة تطبع كل واحدة من منحوتاته بهوية خاصة بها. فهو متأثر بأعمال فنانين عالميين أمثال ماريزول أسكوبار وهنري مور وإيلين شادويك ودييغو فيلاسكيز.
محطات مختلفة من الفن المعاصر الذي يحاكي بمشهديته أحدث التقنيات في مجال الأعمال الحديثة ينقلها إلينا معرض «رؤيا ما وراء الحدود». ومع الفنانة التشكيلية آنا تيريزا سباغنولو التي سبق وشاركت في معارض عالمية أقيمت في ميامي وألمانيا ولبنان وإسبانيا ونيويورك ننطلق في نزهة هادئة ترتكز على لوحات تتمتع بلغة فنية بصرية مشبعة بالألوان. «لطالما استجبت إلى التفاعل مع الجمال الانتقالي وعدم الثبات لأركّز على الصدق في عالمنا الخارجي القائم على الاستسلام»، تقول آنا التي تترجم مشاعرها وأحاسيسها المرهفة في أعمالها من خلال تجاربها في الحياة. فتعمر مشهديات بصرية فوق بعضها وتلونها بالتدرج لتكشف عن إيقاع ما يدور حولها.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.