مدارس العراق تنهي إضراباً عاماً استمر يومين

وزارة التربية ونقابة المعلمين اعتبرتاه «عملاً تخريبياً»

TT

مدارس العراق تنهي إضراباً عاماً استمر يومين

أنهت المدارس العراقية، أمس، إضرابا استمر ليومين احتجاجاً على التغيير المتواصل في المناهج الدراسية وصعوبتها، إلى جانب سوء أوضاع البنى التحتية في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، كما تقول الجهات التي دعت للإضراب، وفيما نأت نقابة المعلمين العراقية بنفسها عن الإضراب ودعت المعلمين والمدرسين إلى الالتزام بالدوام الرسمي والاستمرار في عملهم التربوي، ذكرت بعض الجهات الداعية للإضراب أن نحو 60 في المائة من الطلبة التزموا بعدم الذهاب إلى المدارس يومي الأربعاء والخميس، لكن جهات أخرى تؤكد استجابة عدد محدود من الطلبة لدعوة الإضراب في بعض المحافظات.
وزارة التربية العراقية أعلنت أول من أمس، موقفا رافضاً للإضراب ودعمت موقف نقابة المعلمين الرافض أيضا، والجهتان عدتا الإضراب «عملاً تخريبياً». وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في الوزارة فراس حسن لـ«الشرق الأوسط»: إن «التربية ضد الإضراب وإغلاق المدارس وتعطيل الدوام الرسمي». وأضاف: «نقف مع نقابة المعلمين وليس لنا علاقة بالإضرار الذي نعده عملا تخريبيا، وأبوابنا مفتوحة لاستقبال شكاوى المواطنين أو أي جهة لمناقشة مشاكل قطاع التعليم الابتدائي وحتى الثانوي».
ويقر حسن بالمشاكل التي تواجه التعليم الأولي وخاصة تلك المتعلقة بالمناهج الجديدة، إلا أنه يرى أن «بقية المشاكل كالبنى التحتية للمدارس والتعيينات الوظيفية ليس من اختصاص وزارة التربية لأن قرارا لمجلس الوزراء نقل تلك الصلاحيات إلى مجالس المحافظات منذ نحو عام ونصف».
وتظاهر العشرات من المدرسين المحاضرين، أمس، قرب مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وسط بغداد للمطالبة بتثبيتهم على الملاك الحكومي الدائم. وتشير بعض الأرقام غير الرسمية إلى وجود نحو 10 آلاف مدرس محاضر مجاني يعمل في المدارس الابتدائية والثانوية منذ سنوات من دون أن يحصلوا على وعود بتوظيفهم على الملاك الحكومي الدائم.
بدورها، رفضت نقابة المعلمين العراقيين موضوع الإضراب وعدته عملا تحريضيا وتخريبيا غير مقبول ويضر بالعملية التربوية، وشددت في بيان صادر أول من أمس، على «ضرورة إخراج وزارة التربية من المحاصصة الحزبية»، علما بأن منصب وزير التربية ما زال شاغرا في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وقال نقيب المعلمين عباس كاظم السوداني إن «إشراك التلاميذ والطلاب الصغار في هكذا نوع من النشاطات السياسية يلحق أشد الأضرار بالعملية التربوية». ويقر السوداني في حديث لـ«الشرق الأوسط» بـ«صعوبة بعض المناهج الدراسية وعدم بذل الجهد في تدريب الكوادر التدريسية على المناهج الجديدة، لكن ذلك لا يبرر مسألة الإضراب». ويرى أن «تحريض الطلبة الصغار على الإضراب لا يتعلق بقضايا حقول الإنسان وغيرها كما تدعي بعض الأطراف المؤيدة، فالصغار يجهلون تماما ما يعنيه الإضراب والتظاهر، وهو يضر بمجمل العملية التربوية ولا أستبعد أن يعمد بعض الطلبة مستقبلا إلى الإضراب عن حضور الدروس الاعتيادية بحجة ممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان».
إلا أن ذو الفقار حسين، وهو أحد الفاعلين في الدعوة إلى الإضراب، يرفض الاتهامات التي تسوقها الجهات الرسمية ضد الإضراب ويرى أنه ممارسة ديمقراطية هدفها «الضغط على صناع القرار لإصلاح المسار التربوي والتعليمي المتردي في البلاد، قام بها طيف واسع من التربويين المتقاعدين والمحامين والناشطين في المجتمع المدني». ويقول حسين لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم انتهى الإضراب وتبدأ مهلة الـ15 يوماً المحددة للاستجابة لمطالبنا». ويؤكد حسين «استجابة أكثر من 60 في المائة لموضوع الإضراب في عموم مدارس العراق، على أن النسبة غير مهمة كثيرا قدر أهمية عملية الضغط التي صنعها موضوع الإضراب على صناع القرار، لذلك تراهم هرعوا للمنصات الإعلامية للنيل من القائمين عليه».
وعن أهم مطالب المنظمين للإضراب ذكر حسين أن من بينها «إيقاف عملية التغيير في المناهج الدراسية في السنوات المقبلة وإعادة النظر بالمناهج الموجودة من قبل خبراء في التربية والتعليم، إضافة إلى تحسين البنى التحتية للمدارس وتثبيت المحاضرين المجانيين بوظائف دائمة والاهتمام بتأهيل المعلمين والمدرسين ليتمكنوا من مواكبة المناهج الجديدة».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.