احتجاجات الخبز والحرية في السودان تتسع وتصل إلى الخرطوم

تقارير غير رسمية تتحدث عن مصرع 8 أشخاص وإصابة العشرات... وقوات الجيش وقفت مع المحتجين في بعض المدن

جانب من الاحتجاجات التي عمت مدنا في السودان (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عمت مدنا في السودان (رويترز)
TT

احتجاجات الخبز والحرية في السودان تتسع وتصل إلى الخرطوم

جانب من الاحتجاجات التي عمت مدنا في السودان (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عمت مدنا في السودان (رويترز)

لقي 8 أشخاص على الأقل مصرعهم في المظاهرات، فيما أصيب العشرات بجراح أثناء الاحتجاجات التي اجتاحت المدن السودانية بسبب ارتفاع أسعار الخبز، واضطرت السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ في مدينة واحدة بشمال البلاد على الأقل، ولم يصدر تعليق رسمي على الأحداث أو أعداد القتلى والجرحى.
وتواصلت الاحتجاجات التي اشتعل فتيلها أول مرة في مدن عطبرة والدامر، وبربر شمال السودان، وبورتسودان شرق، والنهود غرب، لتشمل القضارف شرق، وكوستى وسنار جنوب، ودنقلا في الشمال، وذلك حسب بيان صادر عن حزب «الأمة» القومي المعارض.
ولقي شخص يدعى محمد عيسى وشهرته «ماكور»، مصرعه بالرصاص في مدينة بربر بشمال السودان، في الوقت الذي تواصلت فيه الاحتجاجات والغضب الشعبي العارم، فيما شهدت عمليات «حرق رمزية» لمكاتب «الحزب الحاكم» ومكاتب إدارية حكومية.
ووصلت الاحتجاجات إلى العاصمة الخرطوم، بعد أن ظلت هادئة، حيث شهد وسط العاصمة الخرطوم وبعض أحياء المدينة احتجاجات طلابية وشعبية متفرقة، واجهتها الشرطة بالغاز المسيل للدموع. ووقعت احتجاجات قرب القصر الجمهوري، تم تفريقها بواسطة الشرطة والأمن.
ويُتوقع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في الخرطوم ليلاً في الأحياء، وغداً (الجمعة) بعد خروج المصلين من المساجد، في الوقت الذي انتشرت فيه قوات شرطة كبيرة في أنحاء المدينة، ولوحظ انتشار أفراد بثياب مدنية على عربات (نصف نقل) يجوبون الطرقات وبأيديهم أسلحة خفيفة، إضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية بقوات كبيرة وبشكل لافت في الكثير من المناطق الاستراتيجية.
ونقلت مواقع صحافية أن القوات الأمنية رفعت درجة استعدادها إلى اللون «الأحمر»، لمواجهة السخط الشعبي والاحتجاجات.
وحسب إحصائيات غير رسمية؛ لقي 7 أشخاص مصرعهم في مدينة القضارف، أمس، أثناء استخدام الشرطة الرصاص لتفريق المحتجين، من بينهم الطالب بالمرحلة الثانوية مؤيد أحمد، فيما أصيب في تلك الاحتجاجات قرابة الثلاثين، حسب شهود.
من جهتهم، قال شهود إن المتظاهرين في القضارف أضرموا النيران في مقرات حكومية، فيما شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد في المدينة، وسُمع صوت إطلاق الرصاص، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بكثافة في معظم أنحاء المدينة.
وفي دنقلا شمال السودان، تظاهر سكان المدينة مطالبين بسقوط نظام الحكم، وتردد أنهم أحرقوا مقر الحزب الحاكم. أما في مدينة عطبرة التي أشعلت فتيل الاحتجاجات، فلا تزال الأجواء متوترة على الرغم من الإعلان الرسمي عن تراجع السلطات هناك عن الزيادات في أسعار الخبز.
وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي السودانية، أعداداً كبيرة من الفيديوهات والصور للاحتجاجات، تضمنت عمليات لإحراق مقرات الحزب الحاكم، وصوراً لأشخاص مصابين بالرصاص، ودعوات من مؤيدين للحكم بالحسم مع المتمردين.
أما حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم فقد اعترف بحق المواطنين في التعبير، بيد أنه استنكر ما سماها «محاولة زعزعة الأمن والاستقرار» وممارسة التخريب.
وقال المتحدث باسم المؤتمر إبراهيم الصديق في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية، أمس: «من حق أي مواطن التعبير عن رأيه سلمياً، ولكن ما جرى في عطبرة لا يتسق مع مفهوم السلمية». مضيفا أن ما شهدته مدينة عطبرة محاولة من «فئة محدودة» لم يسمِّها تسعى لـ«إشعال الفتنة بتدبير من حزب عقائدي عجوز هدفه الأساسي أن يعيش الوطن في حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي»؛ وهي إشارة صريحة للحزب الشيوعي السوداني الذي تعد «عطبرة» أحد معاقله الرئيسة.
ولم تصدر تعليقات رسمية على تصاعد الاحتجاجات، لكنّ مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن وقوف أفراد من الجيش إلى جانب المواطنين في بعض المدن، فيما نقلت «فيديو» للاحتجاجات يطالب فيه شخص مجهول الشرطة بضرب المحتجين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.