ليبيا: استقالة وزير المالية بعد شهرين من تولي منصبه

«حراك فزان» يكشف عن مفاوضات لفتح حقل الشرارة النفطي المغلق

وزير المالية المستقيل فرج بومطاري
وزير المالية المستقيل فرج بومطاري
TT

ليبيا: استقالة وزير المالية بعد شهرين من تولي منصبه

وزير المالية المستقيل فرج بومطاري
وزير المالية المستقيل فرج بومطاري

رغم حديث فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، بشكل متكرر عن نجاح البرامج الاقتصادية التي تبنتها حكومته في العاصمة طرابلس مؤخراً، فإن ذلك لم يمنع فرج بومطاري، وزير المالية في الحكومة، من تقديم استقالته المفاجئة من منصبه أمس، وذلك بعد شهرين فقط على توليه مهام عمله، ما يشير إلى حجم الصعوبات التي تواجهها الحكومة التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة في البلاد، حسب عدد من المراقبين.
وتحدث بومطاري في نص خطاب الاستقالة الموجه إلى السراج، الذي نشرته وسائل إعلام محلية بعد تسريبه، عن «وجود عدد من العراقيل التي تحول بين دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، والمشاركة الفعالة في إنجاحه، المتمثلة في تغييب وزارة المالية عند اتخاذ قرارات تتأثر مباشرة بالسياسة المالية»، مشيراً إلى «غياب روح الفريق بين مؤسسات الدولة، وعمل المستشار الاقتصادي للدولة (مصرف ليبيا المركزي) ضد وزارة المالية بخلق معوقات، والقفز على اختصاصات الأدوات التنفيذية، في الوقت الذي يفترض فيه أن يعمل على تحقيق النمو الاقتصادي في إطار السياسة العامة للدولة».
واعتبر بومطاري أن «عدم وجود بيئة مهنية لإعداد سياسة مالية قوية، وجادة في ظل غياب سياسة نقدية واضحة للدولة، يعد إحدى العراقيل التي تحول بين دعم الإصلاح الاقتصادي والمشاركة الفعالة في إنجاحه».
وكان السراج قد استبدل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الوزراء الأساسيين الثلاثة في حكومته، أي المالية والداخلية والاقتصاد، وذلك في محاولة لتجاوز الأزمة الأمنية والاقتصادية لبلاده؛ حيث عُين بومطاري وزيراً للمالية، بدلاً من سلفه السابق أسامة حمد.
من جهته، التزم السراج الصمت، أمس، ولم يعلق على استقالة وزير مالية حكومته. لكنه دعا مجدداً إلى توحيد المؤسسة العسكرية في جيش ليبي واحد، تحت سلطة مدنية تنفيذية وفقاً لمبادئ الديمقراطية، ويكون مبنياً على عقيدة الولاء للوطن، والمحافظة على استقلاله وصون كرامة مواطنيه.
وكان السراج قد ناقش أول من أمس في طرابلس مع عماد السائح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، المتطلبات التي تحتاج إلى استكمال تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، فور استيفاء الشروط الدستورية والقانونية. وأكد السراج طبقاً لبيان وزعه مكتبه، على حرصه الشديد على دعم المفوضية لتؤدي عملها بكفاءة ومهنية وشفافية، موضحاً ما تم الاتفاق بشأنه خلال لقاءاته مع عدد من النواب المساعدين للأمين العام للأمم المتحدة، والبعثة الأممية بليبيا، من أهمية الاستعانة بخبرات دولية لتقديم المساعدة الفنية والتقنية، إذا احتاجت المفوضية ذلك، وأن يجرى العمل في مسار الانتخابات تحت مظلة الأمم المتحدة.
بدوره، قال مكتب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إنه التقى مساء أول من أمس داخل مقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي، مشايخ وأعيان ونشطاء بلدية ككلة، الذين جاؤوا «لتأكيد وحدة ليبيا وترابطها الاجتماعي»، لافتاً إلى أنهم اعتبروا أن جيشها هو طوق النجاة وحامي أراضيها، كما أشادوا بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش في مختلف ربوع البلاد.
من جهة ثانية، كشف أحد أعضاء «حراك غضب فزان» النقاب عن مفاوضات غير معلنة على وشك أن تبدأ بين ممثلي الحراك وحكومة السراج، ومؤسسة النفط التابعة لها بشأن حقل الشرارة، الذي تبنى الحراك إغلاقه الأسبوع الماضي.
وقال عضو الحراك أسامة الوافي، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، إن قائد «الكتيبة 30»، التي تتولى حماية الحقل، أبلغهم أن هناك ممثلين عن حكومة السراج ومؤسسة النفط سيأتون للتفاوض معهم لإيجاد تسوية لهذه الأزمة، مشيراً إلى أن مطالب الحراك تتعلق بالخدمات والتنمية، التي رأى إمكانية تنفيذها عبر الحكومة، وتحت إشراف بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وتزامنت هذه التصريحات مع إعلان المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، أول من أمس، حالة «القوة القاهرة» على العمليات في حقل الشرارة النفطي، أكبر حقل نفطي في البلاد، بعد أسبوع من قرارها الإعفاء من الالتزامات التعاقدية لصادرات الحقل بعد سيطرة مجموعات مسلحة عليه.
وقالت المؤسسة في بيان لها عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، إنه لن يتم استئناف عمليات إنتاج النفط في حقل الشرارة إلا بعد وضع ترتيبات أمنية بديلة. ونقل البيان عن مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، قوله: «لقد تم وقف الإنتاج في حقل الشرارة قسراً من قبل مجموعة مسلحة، تزعم قيامها بتوفير الأمن في الحقل، في حين أنهم قاموا بتهديد موظفي المؤسسة باستعمال العنف».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.