ثورة ماكرون

ثورة ماكرون
TT

ثورة ماكرون

ثورة ماكرون

اختار الرئيس الفرنسي «الثورة» عنواناً لكتاب دشن به عهده الرئاسي، في كتاب «ثورة إيمانويل ماكرون» حاول الرئيس أن يسرد شيئاً من سيرته وحياته ورؤيته لمستقبل فرنسا والحلول التي يحملها لمواجهة العولمة.
الرئيس المفتون بالعولمة، قالت عنه شبكة «فرانس 24» إن الكثير من المحتجين أصحاب «السترات الصفر»، أبدوا امتعاضهم بسبب حرص ماكرون عادة على إلقاء خطب مطوّلة عن محاسن العولمة، لكنّه بالمقابل لم يخصّص لأعمق أزمة تشهدها رئاسته سوى 13 دقيقة.
كانت الثورة الفرنسية 1789 - 1799 واحدة من أهم الأحداث في تاريخ البشرية. لكنها لم تكن آخر الثورات في فرنسا، قبل 50 عاماً خرج الفرنسيون في ثورة أخرى عرفت بأحداث مايو (أيار) 1968، أدت فعلياً لإسقاط شارل ديغول أحد أبرز رجال فرنسا التاريخيين.
سنحتاج إلى وقت طويل لكي نستوعب ثورة الغضب الجديدة التي أطلقها أصحاب «السترات الصفر» في فرنسا، والتي تهدد بالانتشار في بقية أوروبا. كلمة السر في هذه الانتفاضات هي «العولمة»، التي يرون أنها ساهمت في تهميش الطبقات الوسطى والعاملة والمناطق الريفية لصالح الشركات العملاقة وأصحاب رؤوس الأموال. الصدمة، المظاهرات التي أشعلها رفع الضريبة على الوقود، كشفت عمق الفجوة الواسعة بين عالمين يعيشان في أغنى مناطق العالم أوروبا - فرنسا، ثم نكتشف أن هناك شعوراً متزايداً بأن النخبة توظف العولمة لصالح أقلية تملك المال على حساب الطبقات الأخرى.
الطبقة الوسطى تتآكل، وتشعر بالغبن والتفاوت الطبقي، وهي لا تعرف من «العولمة» سوى الضرائب ومضاعفة ثروات الأغنياء وآليات السوق وحركة رأس المال، بينما لا تستفيد من العولمة تلك في تسهيل حركة الناس وحرية التنقل والبحث عن فرص أو عمل.
نتذكر كتاب «العد العكسي للعولمة: عدالة أم تدمير الذات، مستقبل العولمة»، للصحافي الألماني هَرَالد شومان بالتعاون مع زميلته الصحافية كريستيانة غريفه، الذي صدر عام 2009 (ترجمه للعربية محمد الزايد)، فالكتاب يوجه نقداً لاذعاً وهجومياً لـ«نظام العولمة» الذي يؤدي، حسب المؤلفين، إلى تكوين نظام يخدم رأس المال ويتسبب في تضخم عالم المال والاقتصاد بعيداً عن الرقابة، والدفع نحو توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء، الكتاب ممتع وصيغ بشكل صحافي وقصصي لا يفقده قوة الفكرة وتماسكها. هرالد ألف قبل ذلك بالتعاون مع زميل آخر هو هانس - بيتر مارتين عام 1996 كتاب «فخ العولمة... الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية» (صدر باللغة العربية عن سلسلة «عالم المعرفة» ترجمة: د. عدنان عباس علي). ويقدم المؤلفان في هذا الكتاب فهماً مختلفاً لقضية العولمة: إذا أردنا أن نفهمها اليوم علينا العودة إلى مرحلة الثورة الصناعية (1750 - 1850) التي ميزت البدايات الأولى للنظام الرأسمالي. جاءت هذه الثورة نتيجة لما حققته الطبقة العاملة والطبقة الوسطى من مكتسبات، لكن الكتاب يلاحظ أنه وبفعل العولمة اليوم تلوح في الأفق حركة مضادة تقتلع كل مكتسبات تلك الطبقات الكادحة، من قبيل زيادة البطالة وانخفاض الأجور وتدهور مستويات المعيشة وإطلاق آليات السوق وتفاقم التفاوت الطبقي في المجتمع، كل هذه الأمور ليست في الحقيقة إلا عودة للأوضاع نفسها التي شهدت قيام الثورة الصناعية، «وهي أمور سوف تزداد سوءاً مع السرعة التي تتحرك بها عجلات العولمة» المستندة إلى الليبرالية الحديثة.
الكتاب يرسم صورة قاتمة للمستقبل «الذي سيكون صورة من الماضي المتوحش للرأسمالية في فجر شبابها»، إذا كانت العولمة هي القطار الذي لا يمكن الوقوف في وجهه، فإن العدالة الاجتماعية كفيلة بأن تضع الناس في جوف القطار لا تحت عجلاته!


مقالات ذات صلة

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

يوميات الشرق ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.

كريستين حبيب (إسطنبول)
كتب فرويد

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك إذا ذكر اسم عالم الطبيعة والرياضيات الألماني ألبرت آينشتاين؟ نظرية النسبية، بلا شك، ومعادلته التي كانت أساساً لصنع القنبلة الذرية

د. ماهر شفيق فريد
كتب ناثان هيل

«الرفاهية»... تشريح للمجتمع الأميركي في زمن الرقميات

فلنفرض أن روميو وجولييت تزوَّجا، بعد مرور عشرين سنة سنكتشف أن روميو ليس أباً مثالياً لأبنائه، وأن جولييت تشعر بالملل في حياتها وفي عملها.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

صدر حديثاً عن دار نوفل - هاشيت أنطوان كتاب «دليل الإنسايية» للكاتبة والمخرجة الآيسلندية رند غنستاينردوتر، وذلك ضمن سلسلة «إشراقات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون «شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).