عزل رفح بعد اختطاف جندي إسرائيلي

100 قتيل ومئات الجرحى بعد عملية حماس

عزل رفح بعد اختطاف جندي إسرائيلي
TT

عزل رفح بعد اختطاف جندي إسرائيلي

عزل رفح بعد اختطاف جندي إسرائيلي

عزل الجيش الإسرائيلي أمس محافظة رفح جنوب قطاع غزة عن باقي القطاع بعد قصف مركز طال معظم مناطق المدينة الحدودية، في أعقاب اتهام إسرائيل لحماس بقتل جنديين إسرائيليين واختطاف جندي آخر في عملية جرت شرق المدينة، وهو ما أدى إلى مقتل 63 فلسطينيا وجرح 350 على الأقل.
وانهارت أمس هدنة إنسانية كان يفترض أنها بدأت في تمام الساعة الثامنة صباحا بتوقيت فلسطين بعد نحو ساعة ونصف الساعة بسبب عملية رفح، ووسع الجيش الإسرائيلي من نطاق القصف وطال لاحقا جميع مناطق القطاع.
وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة: «حصيلة ضحايا مجزرة شرق رفح من قبل العدو الصهيوني بلغت حتى اللحظة بتوقيت فلسطين 62 شهيدا و350 جريحا».
ويضاف إلى ضحايا رفح نحو 30 سقطوا في أماكن أخرى بينها غزة وخان يونس، إضافة إلى 28 آخرين جرى انتشال جثامينهم من خان يونس وبيت لاهيا.
وتبادلت كل من حماس وإسرائيل الاتهامات بخرق التهدئة في القطاع بعد عملية رفح.
وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم نتنياهو، إن حماس هي المسؤولة عن الهجوم.
وقال أوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «على أهالي غزة أن يعلموا أن حماس دمرت الهدنة الإنسانية لمدة 72 ساعة التي قبلناها. هذه هي خامس هدنة وسابع مبادرة لوقف إطلاق النار تخرقها حماس».
واتهم رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية زئيف ألكين حركة حماس، بممارسة الخداع في موضوع وقف إطلاق النار «الذي لا ترغب في التوصل إليه». وقال: «إنه يتوجب على إسرائيل عدم السماح لها بالاستمرار في هذا النهج».
وأشار ألكين في سياق حديث إذاعي إلى أن حماس لا تنوي الاستسلام وبالتالي يجب مواصلة تسديد الضربات القاصمة لها إلى أن تطلب الاستسلام.
وطالب مسؤولون إسرائيليون أمس باحتلال القطاع والمضي حتى النهاية من أجل تدفيع حماس ثمنا باهظا.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباحا أنه فقد الاتصال بجندي عمره 23 عاما يدعى هدار غولدن من كفر سابا، شمال تل أبيب بعد عملية رفح.
وعلى الفور، أخبر منسق العمليات في الأراضي المحتلة، اللواء يوآف مردخاي مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، روبرت سيري، أنه في أعقاب إطلاق النار من جانب حماس فقد انتهت الهدنة.
وقال اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش: «خرج إرهابيون من تحت الأرض من أحد هذه الأنفاق أو من عدة أنفاق. أحدهم على الأقل كان إرهابيا انتحاريا فجر نفسه، وقتل اثنان من الجنود».
وأضاف في مؤتمر صحافي: «المؤشرات الأولى تشير إلى أن إرهابيين خطفوا جنديا خلال العملية».
وقال ردا على سؤال عما إذا كانت الهدنة انتهت: «نعم، نواصل أنشطتنا على الأرض». وأضاف أن القوات الإسرائيلية تقوم «بمجهود مكثف» لتحديد مكان الجندي.
وأضاف: «يبذل الجيش الإسرائيلي جهودا عملياتية واستخباراتية واسعة لتحديد مكان الجندي. وصلت رسالة لأسرته».
لكن حتى وقت متأخر لم يكن هناك أي مؤشرات.
واتضح أن الجندي غولدن هو قريب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون ويحمل الجنسية البريطانية بجانب الإسرائيلية.
وغولدن هو خريج مدرسة دينية تابعة لحركة «بني عاكيفا» وهي من مؤيدي التيار الصهيوني الأشد تطرفا، وكان والده قائد كتيبة احتياط، وله شقيق يخدم في الجيش الإسرائيلي، كما أن عائلته تتبع لحزب البيت اليهودي برئاسة وزير الاقتصاد نفتالي بينت.
وردت حماس باتهام إسرائيل بـ«خرق التهدئة» الإنسانية بعد قصف رفح.
وقال فوزي برهوم في بيان صحافي، إن «الاحتلال الإسرائيلي هو الذي خرق التهدئة والمقاومة الفلسطينية تعاملت وفق التفاهمات التي تعطيها حق الدفاع عن النفس».
وتابع: «العالم كله الآن مطالب بالتدخل العاجل لوقف ما يجري من مجازر بحق أهلنا».
وفي نفس الوقت نفت حماس اختطاف الجندي الإسرائيلي. وقال أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس، إن «إسرائيل تدعي اختفاء أحد جنودها للتغطية على جرائمها بحق المدنيين في قطاع غزة وتحويل مسار الرأي العام والإعلام إلى الحديث عن أسير إسرائيلي لدى المقاومة الفلسطينية».
وقال حمدان في تصريح لقناة «فرانس24»: «أنا أؤكد هنا أن الإسرائيليين يدعون ذلك لإخفاء جريمتهم ولتحويل مسار الرأي العام والإعلام إلى الحديث عن أسير». وأضاف: «ليس لدينا أي معلومات عن أسير إسرائيلي هناك ادعاء إسرائيلي بذلك».
وأكد مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أنه لم يجر أسر أي جندي إسرائيلي من قبل الفصائل الفلسطينية، وقال: «ليس هناك جندي إسرائيلي. هناك ادعاء كاذب من طرف إسرائيل في إطار الحملة الإعلامية للقول إن هناك ما يبرر القيام بقتل المدنيين الفلسطينيين في رفح».
ولاحقا، قال حمدان: «لا نؤكد ولا ننفي»، كما أصدر عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق تصريحا قال فيه: «كتائب القسام هي الجهة الوحيدة التي تتحدث عن عمليات المقاومة».
ولم تعقب القسام على مسألة خطف الجندي أبدا.
وفي هذه الأثناء واصلت حماس وفصائل فلسطينية قصف مدن وتجمعات إسرائيلية في محيط غزة وضربت الفصائل بصواريخ سديروت وأشكلون ومرحافيم دون أن تقع إصابات أو أضرار.
وفي الضفة الغربية تفجرت مواجهات واسعة في معظم المدن تضامنا مع غزة وتنديدا بالعدوان.
وأدت المواجهات أمس إلى مقتل الشاب عدي نافز جبر (19 عاما) في قرية صفا شمال غربي رام الله، وتامر سمور (22 عاما) في قرية دير الغصون غرب مدينة طولكرم.
وكانت مسيرات انطلقت أمس في عدد من المدن الفلسطينية تلبية لدعوات من القوى الوطنية والإسلامية للتضامن مع قطاع غزة.
وأصيب العشرات في المواجهات في الخليل وبيت لحم ورام الله وجنين وطولكرم ونابلس.كما تفجرت مواجهات أخرى عنيفة في القدس في البلدة القديمة وقرب بوابات المسجد الأقصى وفي رأس العامود، والصوانة، وجبل الزيتون، ووادي الجوز ومخيم شعفاط، وأدت إلى إصابات واعتقالات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم