«طائرة التطبيع» الروسية حملت البشير إلى دمشق

الأسد والبشير وبدت خلفهما الطائرة الروسية في مطار دمشق («سانا»)
الأسد والبشير وبدت خلفهما الطائرة الروسية في مطار دمشق («سانا»)
TT

«طائرة التطبيع» الروسية حملت البشير إلى دمشق

الأسد والبشير وبدت خلفهما الطائرة الروسية في مطار دمشق («سانا»)
الأسد والبشير وبدت خلفهما الطائرة الروسية في مطار دمشق («سانا»)

حملت طائرة روسية الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، للقاء الرئيس بشار الأسد، ضمن جهود روسية لإعادة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية، قبل القمة الاقتصادية المتوقعة في بيروت بداية العام المقبل.
استبقت زيارة البشير زيارات غير علنية قام بها مسؤولون سوريون، بينهم رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، إلى دول عربية وأوروبية، بينها إيطاليا، ورجل الأعمال خالد الأحمد الذي زار دولاً عدة بصفته «مبعوثاً خاصاً للأسد»، إضافة إلى لقاء وزير الخارجية وليد المعلم نظيره البحريني على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي وزيارته العاصمة العمانية في مارس (آذار) الماضي.
عوامل عدة ساهمت في حصول زيارة أول زعيم عربي إلى العاصمة السورية منذ 2011، بينها ضغط الرئيس فلاديمير بوتين لـ«التطبيع مع حكومة الجمهورية العربية»، وإعادة الشرعية لها، ورهان دول عربية على أن إعادة فتح أقنية مع دمشق يخفف من «التوغل الإيراني» و«النفوذ التركي» شمال سوريا، إضافة إلى تغيير الميزان العسكري والتوازنات الدولية.
وكان لافتاً أن زيارة البشير، التي حضرها مملوك نفسه، على متن «طائرة التطبيع الروسية»، «tu - 154» ذات الرقم «RA85155»، تزامنت مع إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، استعداد بلاده للتعامل مع الأسد إذا فاز بانتخابات ديمقراطية (خفف من وقع التصريح امس)، وهجوم روسيا وتركيا وإيران لتقديم قائمة ثالثة للمجتمع المدني لتشكيل اللجنة الدستورية السورية إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. وإذ قُوبلت خطوة الرئيس السوداني بصمت عربي وغربي، فإن الخارجية الروسية «رحبت» بأول زيارة لرئيس دولة عربية «منذ تجميد العضوية السورية في جامعة الدول العربية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011»، وأملت في «الاستئناف الكامل للعلاقات بين الدول العربية وسوريا».
وهنا بعض المحطات إزاء الموقف من دمشق والأزمة السورية:
- في 9 ديسمبر (كانون الأول)، أكد البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي «على مواقفه وقراراته الثابتة بشأن الأزمة السورية، والحل السياسي القائم على مبادئ بيان جنيف 1، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا، والتحضير للانتخابات لرسم مستقبل جديد لسوريا يترجم تطلعات الشعب السوري الشقيق».
وأكد المجلس الأعلى على «دعم جهود الأمم المتحدة للعمل على إعادة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مدنهم وقراهم بإشراف دولي وفق المعايير الدولية، وتقديم الدعم لهم في دول اللجوء، ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديمغرافية في سوريا». وأعرب «عن إدانته للوجود الإيراني في الأراضي السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري، وطالب بخروج جميع القوات الإيرانية وميلشيات (حزب الله) وكل الميلشيات الطائفية التي جندتها إيران للعمل في سوريا».
- في منتصف الشهر الحالي، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، أن «البرلمان العربي، وجه دعوة إلى جامعة الدول العربية من أجل إعادة سوريا برئاسة الرئيس الأسد إلى العمل العربي المشترك، بعد سبع سنوات من قرار الجامعة تعليق أنشطة سوريا في مختلف مؤسساتها». وحض على «إنهاء تعليق الأنشطة السورية في الجامعة العربية واللجان المعنية وكل الهيئات والمؤسسات العربية».
- في 10 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في عمّان، بعد لقائه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أن «ثمة غياباً غير مقبول للدور العربي في جهود حل الأزمة. نرى اجتماعات متعددة ودولاً كثيرة منخرطة في جهود هذا الحل، وهناك غياب لهذا الدور العربي». ودعا إلى «الحل من منطلقات واقعية وعبر مقاربات جديدة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق على الأرض». وأضاف: «لا بد من دور عربي إيجابي يساعد في التوصل إلى حل سياسي يقبله السوريون من أجل إنهاء هذه الكارثة التي أدت إلى دمار كبير وكوارث كثيرة لا تزال سوريا الشقيقة والمنطقة والعالم يتعامل مع تبعاتها».
- في 11 ديسمبر (كانون الأول)، قال رئيس مركز الدفاع الوطني الروسي ميخائيل ميزينتسيف، إن «استعادة سوريا لعضويتها في الجامعة العربية سيساعد على التسوية السياسية للأزمة ويشجع اللاجئين على العودة». وأكد ميزينتسيف «أهمية استعادة المواقع السورية في الساحة السياسية الخارجية، خصوصاً عضويتها في الجامعة العربية».
- في 15 أكتوبر (تشرين الأول)، أعيد فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، بعدما استعادت القوات الحكومية في يوليو (تموز) 2018 السيطرة على معبر نصيب وكامل الحدود الأردنية بعد عملية عسكرية، ثم اتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة في محافظة درعا الجنوبية. أعقبت ذلك زيارات لوفود نقابية وبرلمانية إلى دمشق. وباتت الحكومة تسيطر على أكثر من نصف المعابر الحدودية وعلى 65 في المائة من مساحة سوريا مقابل 30 في المائة لحلفاء أميركا و10 في المائة لحلفاء تركيا.
- في 30 سبتمبر (أيلول)، نقل موقع وزارة الخارجية البحرينية عن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بعد لقائه المعلم في نيويورك، أن الحكومة السورية هي «حكومة سوريا». وأشار إلى أن «البحرين تعمل مع الدول، وإن اختلفت معها، لا مع من يسقطها»، لافتاً إلى أن اللقاء مع المعلم تم في فترة يشهد فيها العالم «تحولات إيجابية» بشأن الدور العربي الفاعل في الأزمة السورية.
ونقل عن المعلم قوله إن الحكومة السورية «تنظر إلى الأمام» وليس إلى الوراء والسنوات الماضية.
- في 23 نوفمبر، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى «إعادة سوريا عضواً في جامعة الدول العربية»، مشيراً إلى أن سحب مقعدها من المنظمة «خطأ فادح». وقال في مؤتمر «حوار المتوسط» الدولي في روما إن «جامعة الدول العربية يمكن أن تلعب دوراً مهماً جداً في دعم جهود التسوية السورية. أعتقد أن سحب تلك المنظمة لعضوية سوريا كان خطأ كبيراً، ويبدو أن العالم العربي بات يعي الآن أهمية إعادة سوريا إلى أسرة الدول العربية».
- في 11 سبتمبر (أيلول)، اعتبر وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن جامعة الدول العربية «فقدت أهميتها السابقة». وقال «إن هذه المنظمة فقدت الشكل الذي تم التخطيط له في عام 1945. ففي الوقت الراهن لم تعد نشاطات الجامعة ذات أهمية بسبب انسحاب سوريا منها».
بالتزامن مع زيارة البشير، يجري حديث عن احتمال عقد قمة روسية - عراقية - إيرانية - سورية، انطلاقاً من اللجنة الأمنية الرباعية الخاصة بمكافحة الإرهاب، أو قيام الأسد بزيارة إلى دولة عربية، إضافة إلى زيارات إلى جمهورية أبخازيا أو اقليم القرم، كانت موسكو دعمت انفصالهما.
ويعتقد أن مسيرة ذلك ستتمظهر خلال القمة العربية المقبلة، علماً بأن أربع دول لم تنجح في القمة السابقة في ضمان إعادة دمشق إلى الجامعة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.