الجيش الأميركي يعلن قتل عشرات من «حركة الشباب» الصومالية

في سلسلة غارات جوية

صوماليون يحاولون إطفاء حريق بعد انفجار سيارة مفخخة أوقعت جريحاً في العاصمة مقديشو الأحد (أ.ف.ب)
صوماليون يحاولون إطفاء حريق بعد انفجار سيارة مفخخة أوقعت جريحاً في العاصمة مقديشو الأحد (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يعلن قتل عشرات من «حركة الشباب» الصومالية

صوماليون يحاولون إطفاء حريق بعد انفجار سيارة مفخخة أوقعت جريحاً في العاصمة مقديشو الأحد (أ.ف.ب)
صوماليون يحاولون إطفاء حريق بعد انفجار سيارة مفخخة أوقعت جريحاً في العاصمة مقديشو الأحد (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، أمس، مقتل عشرات من عناصر «حركة الشباب» المتطرفة في غارات جوية دقيقة شنها الجيش الأميركي على محيط مدينة غاندارش بإقليم بنادر وسط الصومال يومي السبت والأحد الماضي.
وبحسب بيان «أفريكوم»، أدت غارات يوم السبت الماضي إلى مقتل 34 من المتشددين، بينما أسفرت غارات يوم الأحد عن مقتل 28 متشدداً، مؤكداً أن هذه الضربات الجوية لم تؤذ أو تقتل أي مدني.
وقالت القيادة الأميركية إن كل الغارات الجوية الست تمت بالتنسيق الوثيق مع الحكومة الاتحادية الصومالية واستهدفت معسكرات «حركة الشباب»، مشيرة إلى أن قيادة الولايات المتحدة في أفريقيا وشركاءها الصوماليين أقدموا على هذه الضربات الجوية لمنع الإرهابيين من استخدام المناطق النائية ملاذاً آمناً للتخطيط والتوجيه والإلهام والتجنيد لهجمات مستقبلية.
وتنفذ الولايات المتحدة ضربات جوية بشكل منتظم في الصومال دعماً للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة التي تقاتل تمرد «حركة الشباب» منذ سنوات، سعياً للإطاحة بالحكومة المركزية المدعومة من الغرب. وطردت الحركة من مقديشو في عام 2011، ومنذ ذلك الحين طُردت أيضاً من أغلب معاقلها الأخرى في أنحاء البلاد، لكنها ظلت تشكل تهديداً قوياً مع تنفيذ مسلحيها تفجيرات وهجمات على أهداف مدنية وعسكرية في مقديشو ومدن أخرى في البلاد.
من جهة أخرى، أعلنت قيادة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)، إطلاق عمليات عسكرية ضد ميليشيات «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في إقليم جوبا الوسطى، بالتعاون مع قوات الجيش الصومالي وقوات ولاية جوبالاند.
ونقلت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية عن بيان لقيادة بعثة الاتحاد الأفريقي، أن هذه العملية الأمنية تعتبر جزءاً من الجهود الرامية إلى تصفية العناصر الإرهابية في جميع أرجاء البلاد.
وطبقاً لما أعلنه نائب قائد عمليات الاتحاد الأفريقي جارليس غيتوي، أقر الاتحاد الأفريقي نهاية الشهر الماضي بدء العملية العسكرية ضمن إطار تسليم الملف الأمني إلى القوات الأمنية بعد انسحاب القوات الأفريقية من البلاد، لافتاً إلى أنه ناقش مع نائب رئيس ولاية جوبالاند محمود آدم، سبل تعزيز التعاون المشترك لتنفيذ خطة العملية الأمنية ضد «الشباب».
وقالت الوكالة الرسمية، إن نائب قائد عمليات الاتحاد الأفريقي وصل برفقة ضباط آخرين إلى منطقة طوبلي التابعة لإقليم جوبا السفلى، حيث من المقرر أن يقوم بزيارة إلى مدن عدة في وسط البلاد وجنوبها، منها بلدوين وجوهر وبيدوا، من أجل تقييم احتياجات الجيش.
وأكد نائب رئيس ولاية جوبالاند أنها مستعدة للقضاء على ميليشيات «الشباب» المتمردة في أقاليم الولاية، بالتعاون مع قوات الجيش الصومالي وقوات حفظ السلام الأفريقية. إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة الصومالية حسن علي خيري، تعيين عبدي آدم وزيراً جديداً لوزارة الأشغال العامة والإعمار خلفاً لسلفه عبد الفتاح إبراهيم الذي استقال من منصبه أول من أمس. وقال خيري في بيان مقتضب، إنه اتخذ هذا القرار لمنع فراغ المنصب وتعزيزاً لمهام وأنشطة الوزارة، لافتاً إلى أنه أمر الوزير المعين بتسلم مهام عمله بشكل عاجل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.