إردوغان: جيشنا مستعد للانقضاض شرق الفرات في أي لحظة

TT

إردوغان: جيشنا مستعد للانقضاض شرق الفرات في أي لحظة

أعلنت تركيا أنها ستمضي قدماً في شن حملة عسكرية متوقعة في مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية في شرق الفرات، بغض النظر عن محاولات واشنطن عرقلتها. وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، إن العملية العسكرية قد تنطلق في أي وقت ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تدعمها الولايات المتحدة.
وقال إردوغان إنه تلقى ردوداً إيجابية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي بينهما منذ أيام. وأضاف، في كلمة في تجمع في ولاية قونية (وسط تركيا) الاثنين: «تلقينا ردوداً إيجابية من ترمب بشأن إطلاق عملياتنا العسكرية شرق الفرات، التي أعلنَّا عنها الأسبوع الماضي، وسنمشط الأراضي السورية شبراً شبراً حتى تحييد آخر إرهابي في المنطقة».
وتابع: «جيشنا مستعد للانقضاض على الإرهابيين في سوريا في أي لحظة»، قائلاً: «يمكننا أن نبدأ عملياتنا في الأراضي السورية في أي وقت، وفقاً لخطتنا الخاصة، والدخول إلى أراضيها من المناطق التي نراها مناسبة على طول الخط الحدودي الذي يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وبشكل لا يلحق ضرراً بالجنود الأميركيين».
وأضاف: «إن لم ينسحب الإرهابيون (وحدات حماية الشعب الكردية) من شرق الفرات، فسندفعهم نحن إلى الانسحاب؛ لأنهم مصدر إزعاج بالنسبة لنا».
وقال إن الجيش التركي «دفن الإرهابيين في الحفر التي حفروها في سوريا والعراق وفي جنوب شرقي تركيا»، قائلاً: «دفنَّا الإرهابيين في الحفر التي حفروها لنا. حققنا ذلك في عفرين من خلال عملية (غصن الزيتون)، وكذلك في سنجار (شمال العراق) ودفناهم في جنوب شرقي تركيا، وسنواصل دفنهم». ووجه إردوغان خطابه للأميركيين: «بما أننا شركاء استراتيجيون مع الولايات المتحدة، فينبغي على واشنطن أن تقوم بما يلزم». وواصل: «الآن جاء الدور على شرق الفرات، وعلى الذين يحمون الإرهابيين أن يتخلوا عن ذلك».
وقال إردوغان: «قتل الأسد مليون إنسان، واستقبل بلدنا نحو أربعة ملايين سوري، في الوقت الذي تحولت فيه القضية السورية إلى وسيلة للمكائد التي حيكت ضدّنا خلال السنوات الأخيرة».
وذكر إردوغان أن القوات التركية ستدخل إلى مدينة منبج السورية غرب الفرات، إذا لم تسحب الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب منها، وستستهدف أيضاً المنطقة الواقعة إلى شرق الفرات، حيث تسيطر الوحدات على منطقة تفوق مساحتها 400 كيلومتر على امتداد الحدود مع العراق.
وكثفت تركيا خلال الأيام القليلة الماضية من ضرباتها الجوية لمواقع «العمال الكردستاني» في شمال العراق، في مناطق متاخمة لشرق الفرات. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن واشنطن حاولت غل يد تركيا خلال عمليتين سابقتين بسوريا في العامين الماضيين ضد «داعش» ووحدات حماية الشعب، التي تسيطر على مناطق واسعة قرب الحدود الشمالية لسوريا.
وذكر صويلو خلال زيارة لباكستان أمس، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية، أن «الولايات المتحدة ظنت أن بإمكانها ردعنا بالرجال الذين ترعاهم. والآن سيحاولون منعنا في شرقي الفرات. لم ولن تسمح تركيا بذلك».
وأضاف أن تركيا نفذت عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» بمفردها، غير آبهة بردّة فعل الولايات المتحدة، قائلاً: «تركيا لم تتلق أوامر من واشنطن لتنفيذ عمليتي (درع الفرات) و(غصن الزيتون)».
وأشار إلى أن تركيا نفذت عملية «غصن الزيتون»، رغم معارضة الولايات المتحدة لهذه العملية والتهديدات التي أطلقتها، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة حاولت تطويق تركيا بشمال العراق، ومن ثم في عفرين (شمال سوريا)، والآن تحاول في شرق الفرات (شمال شرقي سوريا)، وتركيا لم ولن تسمح بذلك.
في سياق متصل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، برفض «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المبادرة الأميركية لنشر وحدات البيشمركة العراقية على حدود البلاد الشمالية، لتخفيف التوتر مع تركيا.
الى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أمس، إن بلاده لم تطلع على وجود مخطط تركي للقيام بعمل عسكري وشيك ضد الأكراد شرق الفرات، مشدداً على طلب طهران «التنسيق» مع الحكومة السورية وفي إطار مفاوضات آستانة.
وأفاد قاسمي خلال مؤتمره الأسبوعي، أمس، رداً على سؤال حول التقارير المتداولة عن قرب هجوم تركي ضد قوات «وحدات حماية الشعب» الكردية، بأنه «لم يحدث تحرك عسكري» وأضاف: «نحن لا نعلم بوجود تحرك من عدمه»، مشيراً إلى أن ما ذكر بهذا الخصوص لم يتجاوز ما تناقلته وسائل الإعلام.
وتابع: «موقفنا في موضوع سوريا وواقع هذا البلد موقف واضح وشفاف وأعلناه مرات عدة» بحسب ما نقلت عنه وكالة «إيسنا» الحكومية.
ودعا قاسمي إلى «التنسيق وطلب الإذن من الحكومة المركزية السورية» و«الحصول على رخصة» من دمشق قبل القيام بأي خطوة في الأراضي السورية. وعدّ ذلك «سياسة عامة» من بلاده، محذرا من تبعات تجاهل التأكيد الإيراني على الأوضاع السورية والمساعي لحل الأزمة عبر آليات «مسار آستانة».
ونوه قاسمي بأن «مسار آستانة» والتقدم في المفاوضات «إيجابي» وقال: «نحن في موقع جيد من التعاون، ونأمل أن نواصل المسار الإيجابي».
وعن الموقف التركي، قال إن «الأصدقاء في تركيا على دراية بواقع المنطقة وسوريا، ولدينا اتصالات ومشاورات، وسنواصل ذلك».
كما رفض قاسمي تأكيد أو نفي تقارير حول زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق، قبل أن يعلق على مباحثات أجراها كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السورية حسين جابري أنصاري مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق ليلة الأحد قبل التوجه إلى جنيف. ولم يكشف قاسمي عن تفاصيل مباحثات جابري أنصاري، لكنه لمح إلى أنه بحث اجتماع جنيف.
وأجرى جابري أنصاري مشاورات ليلة الأحد مع الرئيس السوري بشار الأسد حول تشكيل لجنة صياغة الدستور؛ وفقا لوكالة «إيلنا» المقربة من الحكومة.
وكان جابري أنصاري قد أجرى السبت الماضي مباحثات مع الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون سوريا ألكساندر لافرنتييف.
وقال قاسمي إن الاجتماع يحظى بأهمية لطهران «في الفترة الراهنة»، لافتا إلى أن بلاده تنتظر نتائج مفاوضات آستانة، إضافة إلى تقرير مبعوث أمين عام الأمم المتحدة الخاص بسوريا لتحديد مسارها المستقبلي في الشؤون السورية، لا سيما نظرتها لحل الأزمة السورية في سياق مفاوضات آستانة. وأعرب عن أمله في «دور تاريخي لإيران لحل الأزمة السياسة السورية»، لكنه في الوقت ذاته وجه اتهامات إلى أطراف لم يذكر أسماءها بالسعي وراء عرقلة «مسار آستانة».
وعلق قاسمي على تصريحات وزير الخارجية التركي حول القبول بالأسد في حال انتخب عبر مسار ديمقراطي، وعدّ كلامه «دليلا على تغيير في النظرة التركية إلى بشار الأسد». وقال قاسمي: «الحكومة التركية كانت لديها مواقف من الحكومة السورية، ولا ننكر وجود خلافات بيننا حول سوريا وأنها واقعية، لكن المهم أن نرى كيف تكون الظروف الحالية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.