وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل

بتمويل إماراتي وبإشراف اليونيسكو

جانب من مراسم وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل

جانب من مراسم وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري في الموصل أمس (أ.ف.ب)

بعد عام ونصف العام من تدمير مسلحي «داعش» أكبر وأشهر مسجد في الجانب الغربي من مدينة الموصل، قرر ديوان الوقف السني في العراق إعادة بنائه بتصميمه السابق نفسه، برعاية وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وجرى أمس وضع حجر الأساس لإعادة بناء المسجد الشهير بمنارته الحدباء خلال مراسم خاصة أقيمت في الموقع حضرها ممثلون عن ديوان الوقف السني ومندوبون عن دولة الإمارات ومنظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة. وأكد رئيس ديوان الوقف السني، الشيخ عبد اللطيف الهميم، في كلمة له بالمناسبة، أن «الثقافة والوعي لهما دور كبير في مواجهة الإرهاب، ومقارعة أدواته، التي كانت سبباً في تدمير مسجد النوري الكبير ومنارته الحدباء، كما أن إعادة بنائه تعكس رسالة الأمل والوسطية والانفتاح ضد التعصب الفكري والديني والثقافي، مثلما أن إعادة إعمار هذا المسجد، دليل على تعافي العراق من آثار الحرب التي استهدفت إنسانه وكيانه وحجره وبشره».
وتبلغ كلفة مشروع إعادة إعمار مسجد النوري، خمسين مليوناً وأربعمائة ألف دولار أميركي، تكفلت بها دولة الإمارات، بحسب ما أعلنته نورا الكعبي، وزيرة الثقافة الإماراتية، في حين ستتولى منظمة اليونيسكو الإشراف المباشر على عملية إعادة البناء.
وكان مسلحو تنظيم داعش، قد نسفوا المسجد الواقع في الموصل القديمة، منتصف يونيو (حزيران) 2017، إثر تقدم القوات العراقية لتحرير المدينة، مطلع عام 2017. ويعتبر المسجد الذي سُمي بالنوري نسبة إلى السلطان نور الدين الزنكي، موحّد سوريا الذي حكم الموصل لسنوات، وأمر ببنائه عام 1173 للميلاد، وأعيد ترميمه عام 1942، أحد أبرز معالم الموصل ويتوسط حي الجامع الكبير الذي سُمي باسمه، واشتهر بمنارته الحدباء. ألقى فيه زعيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، خطبته الوحيدة التي ظهر فيها علناً بعد سقوط الموصل صيف 2014.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد وقّعت في أبريل (نيسان) الماضي مذكرة تفاهم، مع الحكومة العراقية لإعادة بناء المسجد المذكور ومئذنته، بالتصميم القديم ذاته. ويشتمل المشروع الذي من المقرر أن يستغرق خمسة أعوام، أعمال توسعة للمسجد، عبر إنشاء مركز ثقافي يكون بمثابة معهد أكاديمي، بحسب ما أعلن أبو بكر كنعان، مدير الوقف السني في الموصل.
يذكر، أن مسلحي «داعش» كانوا قد دمروا الكثير من المواقع الدينية والأثرية في مدينة الموصل، وضواحيها منها تفجير مسجد النبي شيت وضريحه، ونسف مرقد النبي جرجيس، وضريح النبي يونس، وضريح النبي دانيال، بالإضافة إلى الكثير من مقابر الأئمة والأولياء والكثير من الشواخص التاريخية المهمة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.