تركيا ستدرس التعاون مع الأسد إذا انتخب ديمقراطياً

مصادر تتحدث عن لقاءات مستمرة مع ممثلي النظام السوري في طهران

تدريب لقوات سورية معارضة مدعومة من تركيا في مخيم بمحافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
تدريب لقوات سورية معارضة مدعومة من تركيا في مخيم بمحافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا ستدرس التعاون مع الأسد إذا انتخب ديمقراطياً

تدريب لقوات سورية معارضة مدعومة من تركيا في مخيم بمحافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
تدريب لقوات سورية معارضة مدعومة من تركيا في مخيم بمحافظة حلب أمس (أ.ف.ب)

في تحول واضح عن موقفها السابق الرافض له تماما... أبدت تركيا استعدادها للعمل مع رئيس النظام السوري بشار الأسد حال انتخابه رئيسا لسوريا، عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو: «إنه في حال جرت انتخابات ديمقراطية ونزيهة في سوريا وفاز بها بشار الأسد، فإنه قد يكون على الجميع النظر في العمل معه». وأضاف جاويش أوغلو، في كلمة خلال منتدى الدوحة بالعاصمة القطرية أمس (الأحد)، أن تركيا «قد تتعاون مع بشار الأسد حال أعيد انتخابه عبر انتخابات ديمقراطية وذات مصداقية تجرى تحت إشراف أممي»، مضيفا: «ما نحاول القيام به هو صياغة دستور يكتبه السوريون بأنفسهم، ثم نعد البلاد لإجراء انتخابات، وينبغي أن تجرى الانتخابات تحت رعاية الأمم المتحدة ومظلتها».
وتابع: «لا بد أن تكون هناك عملية ديمقراطية شفافة، وفي النهاية الشعب السوري هو من سيقرر من يحكم بلاده بعد الانتخابات، ولو كانت الانتخابات ديمقراطية وذات مصداقية فعلى الجميع أن يفكر في قبول نتائجها حتى لو جاءت مرة أخرى بالأسد رئيسا للبلاد».
كان رئيس الوزراء التركي السابق رئيس البرلمان الحالي بن علي يلدريم، قال في أغسطس (آب) الماضي، إنه من الممكن أن يبقى بشار الأسد رئيسا مؤقتا للبلاد: «لكنه في الوقت نفسه لا يمكن أن يظل طرفا في مستقبل سوريا. وإنه يمكن بالتعاون مع روسيا وإيران وغيرهما من الدول المعنية التوصل إلى حل للأزمة السورية».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد قال، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه «لا يمكن أن تستمر مساعي السلام السورية في ظل استمرار الأسد في السلطة»، مضيفا: «الأسد، قطعا، إرهابي مارس إرهاب الدولة وقتل أكثر من مليون إنسان من شعبه بينهم أطفال ونساء وشيوخ... الاستمرار في وجود الأسد مستحيل. كيف يمكننا أن نتطلع إلى المستقبل مع رئيس قتل قرابة مليون مواطن من مواطنيه؟». وفي السياق ذاته، كشف رئيس حزب «الوطن» التركي اليساري المعارض، الذي ينظر إليه على أنه حليف لإردوغان، عن لقاءات تركية متعددة مع ممثلين للنظام السوري في طهران، مؤكدا أن هذه اللقاءات مستمرة.
على صعيد آخر، وفي إطار الحراك التركي باتجاه عملية عسكرية في شرق الفرات، قال إردوغان في كلمة في تجمع جماهيري في إسطنبول أمس (الأحد): «نحن نعلم كيف يفكر (الإرهابيون)، فما أن يحفروا حفرة إلا ودفناهم فيها وسنواصل دفنهم»، في إشارة إلى الاستعدادات التي تقوم بها القوات الكردية في شمال سوريا لمواجهة العملية التركية المحتملة ضدهم.
وأضاف إردوغان: «قريبا لن يقض الإرهاب مضاجع الشعب التركي... نحن مع الجيش التركي ومع الجيش السوري الحر».
وأكدت تركيا أنها تنسق بشأن العملية المرتقبة ضد الأكراد في شمال شرقي سوريا مع التحالف الدولي للحرب على «داعش» وروسيا. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في تصريحات على هامش منتدى الدوحة: «إننا جزء من التحالف الدولي ضد (داعش) وندعم مكافحة هذا التنظيم الإرهابي، ولهذا السبب نريد أن ننسق أعمالنا، وعساكرنا على اتصال وثيق مع الأميركيين وباقي أعضاء التحالف وكذلك مع روسيا لتفادي أي مواجهة».
وأضاف: «لدينا آلية خاصة بمنع وقوع الاشتباكات، وسيتم تطبيقها. ونحن بالتحديد سننسق العملية... أكدنا بكل وضوح أننا لا نستطيع السماح بوجود أي (تنظيم إرهابي) على حدودنا، ولا يمكن أن نسمح بتحول شمال شرقي سوريا إلى أراض تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني (المحظور)».
ولفت كالين إلى أن إردوغان عبر عن قلقه لنظيره الأميركي، دونالد ترمب، خلال اتصال هاتفي الجمعة، من زيادة الوجود العسكري للمسلحين الأكراد بدعم أميركي.
في المقابل، اعتبر صالح مسلم، الرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية شرق الفرات «حربا نفسية»، مطالبا بمن سماهم «الأصدقاء» الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب الكردي. وأضاف مسلم في لقاء مع وكالة «هاوار» الكردية، أمس، أن الشعب الكردي ينبغي عليه الاعتماد على نفسه في مواجهة التهديدات التركية، في حال قامت تركيا ببعض «الأعمال المتهورة»، على حد وصفه، مضيفا: «ليس أمام شعبنا سوى المقاومة والصمود لنيل حقوقه الديمقراطية». وتابع مسلم، أن التهديدات التركية هي «حرب نفسية»، وهي أخطر من الحرب العسكرية، مشيراً إلى أن الرد سيكون قويا.
وقال مسلم إن تركيا تريد أن تحصل من رفع حدة هذه التهديدات على تنازلات من التحالف الدولي، مطالباً من سماهم «أصدقاء الشعب الكردي» بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه الأكراد في المنطقة.
في الإطار ذاته، قال مصدر كردي، إن الولايات المتحدة ستلجأ لقوات «بيشمركة روجافا» لتتولى بالتعاون مع قواتها في سوريا حماية ومراقبة المناطق الحدودية الجنوبية مع تركيا، التي تسيطر الوحدات الكردية السورية على مناطق واسعة منها. وتتشكل قوات «بيشمركة روجافا» من مقاتلين كرد منشقين، تركوا صفوف الجيش السوري النظامي بعد انطلاق الثورة السورية، وتلقت التدريب من قبل وزارة البيشمركة بحكومة الإقليم وخبراء أجانب وأوروبيين، وشاركت في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وفي رد فعل من الاتحاد الأوروبي على تصريحات إردوغان بشأن الاستعداد لإطلاق عملية عسكرية في شرق الفرات خلال أيام، عبرت الممثلة العليا للسياسات الأمنية والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، عن قلق الاتحاد من عزم تركيا القيام بهذه العملية وطالبت الحكومة التركية بعدم القيام بها.
وقالت موغريني إن «تركيا شريك أساسي للاتحاد الأوروبي في المنطقة، ولها دور فاعل في حل الأزمة السورية، والاتحاد الأوروبي يرغب في إنهاء العنف في سوريا وإحلال الاستقرار في هذا البلد وعموم المنطقة... لذا نطلب من الحكومة التركية عدم القيام بأي عملية من شأنها عرقلة جهود التحالف الدولي ضد (داعش)، أو خلق حالة عدم استقرار جديدة في المنطقة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.