جنرالات إسرائيليون يحملون نتنياهو مسؤولية التدهور في الضفة

TT

جنرالات إسرائيليون يحملون نتنياهو مسؤولية التدهور في الضفة

أطلق عدد من الجنرالات السابقين في الجيش والمخابرات الإسرائيلية سلسلة انتقادات لنتنياهو لأنه تجاهل تحذيرات المؤسسة الأمنية من خطر تدهور الأوضاع في الضفة الغربية. وأشار هؤلاء إلى أن نتنياهو تعامل باستخفاف مع تحذيرات من أن الجمود في العملية السلمية سينفجر في وجه إسرائيل.
وقال النائب عومر بارليف، وهو جنرال سابق وكان والده حايم بارليف، رئيسا لأركان الجيش، بأن «الحكومة استخفت بتحذيرات رئيس الأركان غادي آيزنكوت، وجهاز الشاباك، حين قال في أغسطس (آب) الماضي بأن غياب الأفق السياسي يقود إلى انفجار في الضفة الغربية. واستخفت أيضا بما قاله عن قطاع غزة، إذ اقترح سلسلة تسهيلات على حياة المواطنين فلم يُسمع. وانفجر الوضع واضطرت إسرائيل إلى التفاهم مع حماس والسماح لقطر بتمويله بالملايين نقداً».
وقال رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق، إيهود باراك، إن «نتنياهو يتصرف مثل متعاون مع حماس، وكلاهما يريد القضاء على السلطة الفلسطينية». واعتبر باراك أن «على الجيش الإسرائيلي والشاباك محاربة الإرهاب،
وانتقد باراك القرارات التي أعلن عنها نتنياهو في أعقاب العمليات الأخيرة، وبينها هدم بيوت منفذي عمليات وشرعنة بؤر استيطانية عشوائية. وقال باراك إن «هذا مجرد كلام. وهذا يضع علامة استفهام لأنه إذا كانت هذه القرارات متعلقة بالأمن فإنه لم يكن ينبغي انتظار وقوع العمليات الأخيرة. 80 في المائة من المستوطنات هي جزء من إسرائيل في أي وضع. ولكن هناك 20 في المائة تقع في مناطق معزولة وتشكل عبئا على الجيش والدولة». ورأى باراك أن «الاستنتاج هو أن هدم البيوت وسيلة غير ناجعة. وهذا يشجع الإرهاب ولا يضعفه. ونحن نجري وراء غليان الدماء ولوي الأذرع الذي يمارسه اليمين المتطرف. ونتنياهو فشل في الأمن».
في غضون ذلك، شهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس الأحد، توترا شديدا واتهامات متبادلة بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزراء حزبه (ليكود) من جهة ووزراء حزب المستوطنين المتطرف (البيت اليهودي)، الذين قدموا للجلسة بعد أن شاركوا في مظاهرة ضد الحكومة.
وعقدت الحكومة جلستها في ظل عمليات الجيش الإسرائيلي في عدة مناطق في الضفة الغربية، اتسمت بالتنكيل بالفلسطينيين وفرض عقوبات جماعية عليهم في محاولة للقبض على شاب نفذ عملية إطلاق رصاص جريئة على مجموعة من الجنود واستعادة ما يسمى «قوة الردع». وهدمت بيوتا واعتقلت عائلات بأكملها وأغلقت قرى وبلدات، إضافة إلى إغلاق رام الله، وأقرت سلسلة مشاريع استيطان.
واستهل نتنياهو الجلسة بالحديث عن إجراءات الجيش والمخابرات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ردا على العمليات المسلحة، وقراراته بشأن التسريع في هدم المنازل لمنفذي العمليات، وسحب تصاريح العمل في إسرائيل من أفراد عائلات منفذي العلميات. وقال: «لقد وجهت رسالة مفادها لن نقبل بتهدئة في غزة مقابل تصعيد في الضفة الغربية، وبما يخص الاستيطان أصدرت تعليماتي للمسؤولين بالشروع في تسوية وشرعنة آلاف الوحدات الاستيطانية وبناء 82 وحدة استيطانية في عوفرا، كما سنتخذ المزيد من الإجراءات».
وعرض ممثلو الجيش والمخابرات تقارير تشير إلى أن ما يجري حتى الآن ليس انتفاضة، بل موجة عمليات لخلية عسكرية واحدة تابعة لـ«حماس» يقتصر عملها على منطقة وسط الضفة الغربية، لكن الجهاز الأمني يتخوف من وقوع «هجمات فردية يستلهمها المنفذون من تجربة هذه الخلية».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.