اتصالات أميركية ـ تركية عقب تلويح أنقرة بـ «تدخل» شرق الفرات

التحالف الدولي بقيادة واشنطن يعتبر العمل العسكري «قراراً غير حكيم»

TT

اتصالات أميركية ـ تركية عقب تلويح أنقرة بـ «تدخل» شرق الفرات

تصاعدت وتيرة الاتصالات بين أنقرة وواشنطن على خلفية إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداد بلاده لشن عملية عسكرية تستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية في شرق الفرات، واحتمالات التدخل العسكري في منبج، ما لم تقم أميركا بسحب «وحدات حماية الشعب» الكردية منها، بموجب اتفاق خريطة الطريق الموقَّع بين البلدين في يونيو (حزيران) الماضي.
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي دونالد ترمب، بحسب ما أعلنت عنه الرئاسة التركية، أمس.
وتطرق الاتصال، الذي قالت المصادر إنه جرى في ساعة متأخرة ليل الجمعة - السبت، إلى التعاطي مع المخاوف الأمنية ومكافحة الإرهاب في سوريا.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن مصادر برئاسة الجمهورية أن إردوغان وترمب اتفقا على التعاون الفعال في سوريا.
وكان وزيرا الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والأميركي مايك بومبيو أجريا محادثات هاتفية، يوم الخميس الماضي، عقب إعلان إردوغان عن العملية العسكرية في شرق الفرات، التي قال إنها ستنطلق خلال أيام.
وفي اليوم نفسه، بحث رئيس الأركان التركي يشار غولر مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد، هاتفياً، المصالح الأمنية المتبادلة بين البلدين، بما في ذلك نقاط المراقبة الأميركية على الحدود التركية السورية.
وبحسب بيان نشره المتحدث باسم رئاسة الأركان الأميركية باتريك رايدر، الخميس، فإن دانفورد أجرى اتصالا هاتفياً مع غولر، تناول المصالح الأمنية المتبادلة، بما في ذلك نقاط المراقبة الأميركية التي جرى إنشاؤها أخيراً في الحدود الشمالية الشرقية لسوريا استجابة لهواجس تركيا.
وأوضح رايدر أن دانفورد أكد لغولر أن نقاط المراقبة الأميركية «تهدف إلى ردع أي تهديد محتمل من سوريا تجاه تركيا، لافتا إلى أن تركيا والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقة عسكرية قوية مستمرة منذ أعوام كحليفين محوريين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتابع المتحدث: «دانفورد جدَّد التزام الولايات المتحدة بجهود التنسيق مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا».
في السياق ذاته، أكد مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي بريت ماكغورك، أن الولايات المتحدة تعمل مع تركيا للتعاطي مع بواعث قلقها على الحدود، مؤكداً أن أي عملية عسكرية تركية في شمال سوريا «لن تكون حكيمة».
وقال ماكغورك، في حلقة نقاشية بمنتدى الدوحة 2018، أمس (السبت)، في رد على سؤال حول الاتصالات بين الرئيس دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان التي تناولت عزم أنقرة شن عملية عسكرية في شرق الفرات، إن «مكالمة ترمب وإردوغان كانت بناءة ومهمة جداً». وأضاف ماكغورك: «نعمل عن كثب مع تركيا للتعاطي مع بواعث قلقها على الحدود، لدينا مسؤولية كبيرة لضمان أمن حلفائنا في (الناتو)، وأي عملية عسكرية في شمال سوريا لن تكون حكيمة».
وواصل: «نحن على وشك إنهاء أمر (داعش)، وهو ما نركِّز عليه في هذه المرحلة، فالحملة ضد (داعش) يمكننا إنهاؤها خلال الأشهر المقبلة. كان لدى (داعش) 40 ألف عنصر من شتى أنحاء العالم، والآن ينحصر من تبقى منهم في مناطق صغيرة يسيطرون عليها في شرق الفرات».
ونقل إردوغان إلى ترمب قلقه بشأن وجود أعضاء من حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، بمنطقة شرق الفرات، فيما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أن ترمب ناقش مع إردوغان مكافحة الإرهاب في سوريا، والعلاقات الثنائية، واتفقا على التنسيق من أجل تحقيق أهدافهما المتعلقة بالأمن في سوريا.
وتحدثت صحيفة «حرييت» التركية، أمس، عن 6 خيارات يدرسها الجيش التركي للعملية العسكرية المرتقبة في شرق نهر الفرات في سوريا، من بينها شن هجمات صغيرة ضد الجيوب التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، بدلاً عن شن هجوم شامل. ونقلت عن مصادر عسكرية أن الهجوم التركي الشامل على طول الحدود الممتدة على طول 500 كيلومتر مع سوريا أمر مستبعد نظراً لطول الجبهة، وأن تركيا يمكن أن تختار هجمات أصغر ضد المناطق الصغيرة التي تحتفظ بها وحدات حماية الشعب.
وأضافت المصادر أن هناك خياراً آخر يجري النظر فيه، وهو استخدام الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في منطقة جرابلس على الضفة الغربية لنهر الفرات من أجل شن الهجوم.
وكانت تركيا سيطرت على جرابلس بعد طرد «داعش» من المدينة خلال عملية درع الفرات في صيف عام 2016.
وبحسب المصادر، فإن مدينة عين العرب (كوباني) التي يسيطر عليها الأكراد وتم تطهيرها من «داعش» في عام 2014، يمكن أن تكون أحد الأهداف. وهي تقع بمحاذاة جنوب تركيا، وتواجه بلدة سروج في شانلي أورفا.
ومن بين السيناريوهات التي يدرسها الجيش التركي أيضاً، استخدام البلدات التركية جنوب شرقي أكجة قلعة، التي تقع على الجانب الآخر من تل أبيض السورية، وجيلان بينار المواجهة لرأس العين ونصيبين، ونقاط الدخول الأخرى إلى سوريا.
وشكَّك وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في صدقية وصف الولايات المتحدة نفسها بـ«الحليف» لتركيا، وأشار إلى دعم واشنطن لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية ذراعه العسكرية، وحزب العمال الكردستاني. واتهم صويلو الولايات المتحدة بأنها ترعى ـ«منظمات إرهابية» على حدود بلاده في مقدمتها «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» الكردية، و«ترسل خبراء إلى معاقل العمال الكردستاني في جبال قنديل شمال العراق، لتدريبهم على استخدام أحدث الأسلحة، وتزود (وحدات حماية الشعب) الكردية بآلاف الشاحنات من الأسلحة، ثم تأتي الولايات المتحدة بعد ذلك وتقول: (نحن حلفاء لتركيا). لا يمكن أن تكون هناك علاقة تحالف بهذا الشكل».
بموازاة ذلك، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، حيث جرى بحث مسألة تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، بحسب مصادر دبلوماسية تركية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن أمس: «إننا جزء من التحالف الدولي ضد (داعش) وندعم مكافحة هذا التنظيم، ولهذا السبب نريد أن ننسق أعمالنا، وعسكريونا على اتصال وثيق مع الأميركيين وباقي أعضاء التحالف وكذلك مع الروس لتفادي أي مواجهة». وتابع قالن: «لدينا آلية خاصة بمنع وقوع الاشتباكات، وسيتم تطبيقها. ونحن بالتحديد سننسق العملية».
وأضاف: «أكدنا بكل وضوح أننا لا نستطيع السماح بوجود أي تنظيم إرهابي على حدودنا، ولا يمكن أن نسمح بتحول شمال شرقي سوريا إلى أراضٍ تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني». وذكر قالن أن إردوغان وترمب، بحثا الجمعة، العملية المرتقبة لتركيا في المنطقة. وقال قالن: «أشار رئيسنا إلى مباعث قلقه الناجمة عن زيادة الوجود العسكري (للمسلحين الأكراد) بدعم الأميركيين».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».