زارلاند... الولاية الحدودية الصغيرة المرشحة لمنح ألمانيا مستشارتها المقبلة

أنجيلا ميركل (أ.ف.ب) - هايكو ماس (أ.ب)
أنجيلا ميركل (أ.ف.ب) - هايكو ماس (أ.ب)
TT

زارلاند... الولاية الحدودية الصغيرة المرشحة لمنح ألمانيا مستشارتها المقبلة

أنجيلا ميركل (أ.ف.ب) - هايكو ماس (أ.ب)
أنجيلا ميركل (أ.ف.ب) - هايكو ماس (أ.ب)

ولاية زارلاند، التي تتحدر منها آنيغريت كرامب - كارنباور، خليفة أنجيلا ميركل في زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ولاية صغيرة لا يزيد عدد سكانها على المليون نسمة، وتقع على الحدود مع فرنسا. وترجمة اسمها «أرض السار» نسبة إلى نهر السار التي يمر فيها من جبال شمال شرقي فرنسا.
موقع الولاية الجغرافي جعلها ولاية منفتحة على فرنسا، «جارة» ألمانيا، وحوّل مدنها إلى خليط جرماني فرانكفوني. فمعظم سكانها يتكلمون اللغة الفرنسية إلى جانب لغتهم الألمانية. والمدارس هناك تدرّس الفرنسية لغةً ثانية. كما أن للحكومة المحلية خطة اعتمدت عام 2016 لجعل اللغتين رسميتين بحلول العام 2043.
في المقابل، قرب الولاية الثقافي والجغرافي هذا من فرنسا، حوّلها إلى منطقة تقلّبت مع التاريخ والسياسة. وتداور الفرنسيون والألمان ملكيتها منذ القدم، رغم أن زارلاند بحدودها الحالية كولاية لم تكن موجودة قبل القرن العشرين، بل كانت مجموعة مدن وبلدات وقرى مثل زاربروكن، كبرى مدنها وعاصمتها اليوم، وزارلويس.
عام 1920 تم تأسيس زارلاند الموحّدة بحدودها الحالية عبر «اتفاقية فرساي» التي أنهت رسمياً الحرب العالمية الأولى، وأخضعت «أرض السار» لحكم الإدارة الفرنسية.
عام 1935 اختار سكان الولاية في استفتاء شعبي الانضمام إلى ألمانيا بنسبة تجاوزت الـ90 في المائة. لكن بعد الحرب العالمية الثانية أسّس الفرنسيون «محمية السار» وبقيت دويلة شبه مستقلة تحت الحكم الفرنسي بين عامي 1945 و1957 عندما صوّت السكان مرة ثانية للانضمام إلى ألمانيا، وتحولت بذلك زارلاند إلى ولاية ألمانية جديدة.
اشتهرت زارلاند بمناجم الفحم الحجري، وهو ما يفسّر الاهتمام الفرنسي بها. وكان استخراج الفحم من أكبر الصناعات الألمانية في ذلك الحين، وبقي الأمر كذلك حتى عام 2014 حين أغلق آخر منجم. ومنذ الثمانينات، بعدما ضُربت الصناعات الثقيلة في منطقة السار ومحيطها، باتت زارلاند تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي. وعادت أخيراً لتشهد إنهاضاً لبعض الصناعات الثقيلة، وفيها اليوم مصانع للسيارات والسيراميك، كما تحوّلت إلى مركز مهم لتطوير برامج الكومبيوتر.
يتكلم سكان الولاية بلكنة ثقيلة تجعل سكان المناطق الألمانية الأخرى يجاهدون لفهمهم. ويستخدمون كلمات فرنسية في لهجتهم المحلية. لكن معظم سكان زارلاند يستطيعون التكلم بالألمانية التي ينطقها مواطنوهم في الولايات الأخرى، وهو ما يفعله السياسيون الذين يخرجون من هذه الولاية ويصلون إلى برلين. وفي هذا الصدد، رغم صغر هذه الولاية فقد أوصلت سياسيين مؤثرين إلى برلين، لعل أبرزهم، إضافة إلى كرامب - كارنباور، وزير الخارجية الحالي هايكو ماس. ولقد ولد ماس في مدينة زارلويس عام 1966، وكان أبوه مديراً في شركة لقطع السيارات، وأمه تعمل في الخياطة. وأنهى ماس في هذه المدينة الصغيرة دراساته المدرسية وتخرّج محامياً في جامعة زارلاند بعدما عمل لفترة في مصنع قطع السيارات مع أبيه.
وهناك سياسي آخر بارز في أوساط اليسار في ألمانيا جاء من هذه الولاية، هو أوسكار لافونتين، الذي ولد هناك عام 1943. وهو – قبل هايكو ماس – سياسي تبوأ في الثمانينات والتسعينات مناصب بارزة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي)، ثم قاد الحزب بين عامي 1995 و1999، قبل أن يترك الحزب لفترة لأسباب صحية. ثم عاد ليؤسس مع آخرين حزب «دي لينكا» أي... اليسار. ثم قبل بضعة أشهر أطلق حركة مع زوجته أطلقا عليها تسمية «أوفشتين»، وتعني «انهض»، وهي حركة تميل إلى اليسار المتطرف رداً على «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف.
أيضاً، من الشخصيات المؤثرة التي خرجت من زارلاند، بيتر هارتز (المولود عام 1941) الذي كان يرأس مجلس إدارة مجموعة «فولكسفاغن»، وساعد بإدخال إصلاحات إلى قانون العمل في ظل حكومة غيرهارد شرودر الاشتراكية، وباتت الإصلاحات التي بدأ العمل بها عام 2002، تعرف بـ«إصلاحات هارتز».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»