ليبيا: «الوطنية للنفط» تحذر من دفع «فدية» للميليشيات المسلحة لفتح حقل الشرارة

TT

ليبيا: «الوطنية للنفط» تحذر من دفع «فدية» للميليشيات المسلحة لفتح حقل الشرارة

حذر رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، من دفع «فدية» للميلشيات المسلحة، التي تغلق حقل الشرارة النفطي في جنوب غربي البلاد. وفيما قال إن «أي محاولة لذلك ستشكل سابقة خطيرة تهدد انتعاش الاقتصاد الليبي»، اشتكى مواطنون بمدن الجنوب، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، من تجاهل حكومي، وانعدام الخدمات، وارتفاع أسعار الوقود.
وصعّد صنع الله من تهديده باتجاه إغلاق حقل الشرارة، وقال أمس إنه بعث برسالة إلى السراج تتضمن أن «المؤسسة الوطنية للنفط لن تستأنف عمليات الإنتاج، ولن ترفع حالة (القوة القاهرة) على صادرات النفط الخام في ميناء الزاوية، إذا ما تم دفع فدية من قبل وزارة المالية للميليشيا المسيطرة على الحقل». وأضاف أنه خاطب رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، الصديق الصور، «لمنع تسليم أي فدية، مع إرسال نسخ إلى كل من ديوان المحاسبة، ووزارة الدفاع، وهيئة الرقابة الإدارية». وأضاف: «بدلاً من دفع فدية للميلشيات، يجب إنفاق هذه المبالغ المالية على الاستثمار في المجتمع المحلي، وفي توفير وتحسين الخدمات الأساسية للفئات المهمشة في الجنوب».
ومضى يقول: «إن تقديم أي دفعات مالية لمرتكبي هذه الممارسات غير القانونية سيتسبب في مزيد من المشكلات، وسيشجع على عمليات إغلاق أخرى، ما سيشكل خطراً على حياة عمّال القطاع، ويزيد من العنف، ويخلق حالة من الشك في أوساط الشعب الليبي». واستطرد صنع الله: «لقد خرقت الميليشيا المسيطرة على الحقل القانون، وهدّدت موظفي المؤسسة بالعنف، ومنعتنا من إنتاج وتصدير النفط الذي تعتمد عليه البلاد بشكل كامل»، منبهاً «الدولة الليبية لتجنّب الوقوع في الخطأ نفسه الذي حدث مع إبراهيم الجضران، آمر حرس المنشآت النفطية السابق، (معاقب دولياً)، الذي سبق وتلقى مبالغ كبيرة فديةً، إلا أنه تسبب في تكبد الدولة الليبية خسائر كبيرة في الإيرادات تقدّر بعشرات المليارات».
والجضران (35 عاماً) سبق وأغلق الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي، صيف 2013، فحرم البلاد من تصدير أكثر من 600 ألف برميل يومياً، وأمام فشل المفاوضات التي أجرتها معه حكومة علي زيدان آنذاك لفتح الموانئ، مُنح الجضران أكثر من 300 مليون دينار.
وانتهى صنع الله إلى أن «دفع أي مبالغ مالية للميليشيا لن يسهم في حل المشكلات التي يعاني منها الجنوب»، وذهب إلى أن الحل «يتطلب وضع خطة عمل سريعة تعالج المشكلات الحقيقية وأوجه الحرمان الاقتصادي في الجنوب، وفق تقييم دقيق لاحتياجات هذه المجتمعات، وليس ردّة فعل على التهديد أو الابتزاز».
وأغلق محتجون من حراك «غضب فزان» حقل الشرارة النفطي في جنوب البلاد، منتصف الأسبوع الماضي، الذي يعتبر الأكبر في ليبيا. وسبق وأمهل الحراك السلطات في البلاد أكثر من شهر لتحقيق مطالبهم قبل الإقدام على إغلاق الحقل الذي هددوا بقفله منذ فترة. و«غضب فزان» هو حراك مدني من شباب الجنوب الليبي له مطالب خاصة بالمنطقة الجنوبية، تتعلق بضرورة توفير الأمن في المنطقة، وتأمين مخصصات فزان من الوقود، إضافة إلى إعادة تشغيل محطة أوباري البخارية لمنع انقطاع الكهرباء عن المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».