«رتق الملابس»... مهنة مهددة بالانقراض تنتعش في الاحياء المصرية

أُطلق عليها حرفة «ستر العيوب»

محلات «رفا ملابس» من الخارج تنتظر الزبائن  -  أحد الثقوب التي تعالجها حرفة «رفا الملابس»
محلات «رفا ملابس» من الخارج تنتظر الزبائن - أحد الثقوب التي تعالجها حرفة «رفا الملابس»
TT

«رتق الملابس»... مهنة مهددة بالانقراض تنتعش في الاحياء المصرية

محلات «رفا ملابس» من الخارج تنتظر الزبائن  -  أحد الثقوب التي تعالجها حرفة «رفا الملابس»
محلات «رفا ملابس» من الخارج تنتظر الزبائن - أحد الثقوب التي تعالجها حرفة «رفا الملابس»

مهنة «رتق الملابس» واحدة من الحرف اليدوية المصرية النادرة المهددة بالانقراض بسبب عدم انتقالها إلى أجيال جديدة، فما زالت ممارستها قاصرة على شيوخ الحرفيين من الجيل القديم، إذ إنها تحتاج إلى مهارة وصبر، حيث يتولى أصحابها إصلاح عيوب الملابس التي تحدث بها بعض الثقوب أو الحروق أو عيوب النسيج، بطريقة يدوية، لتظهر الملابس للعين المجردة وكأنها لا تعاني من أي عيوب. وأكد شيوخ المهنة أن الأزمة الاقتصادية، وارتفاع أسعار الملابس في الآونة الأخيرة، أعاد المهنة التي قاربت على الاندثار إلى الواجهة مرة أخرى، بينما يرى خبراء اقتصاديون أنها من الحرف اليدوية النادرة التي تحتاج إلى خطة لضمان استمرارها بسبب تميزها وحاجة المجتمع إليها.
وتحتاج مهنة حرفي «رتق الملابس»، التي يطلق عليها المصريون حرفة «ستر العيوب»، إلى مهارة وصبر ودأب وتركيز شديد، فصاحبها لا يستخدم سوى مجموعة من «إبر الخياطة» اليدوية، مختلفة المقاسات والأشكال، ولكل منها استخدام خاص، بينما يتم اختيار الخيط المستخدم طبقاً لنوع نسيج قطعة الملابس المراد إصلاحها ولونها. وبهذه الأدوات البسيطة، يتم إصلاح جميع عيوب الملابس، التي قد ينتج بعضها عن الثقوب، كأن يعلق القميص في شيء معدني فيسبب رتقاً أو شقاً في بعض أجزائه، وكذلك الحروق أو اللسعات التي تنتج عن تطاير الشرز خلال تدخين التبغ، وعيوب نسيج الملابس الذي قد تصاب بعض خيوطه بالضعف أو التهتك.
وشهدت المهنة التي يعود عمرها إلى أكثر من مائة عام ركوداً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، بينما يخشى شيوخها من اختفائها نهائياً من الشوارع المصرية بسبب عدم انتقالها إلى أجيال جديدة.
محمد العجاتي (62 سنة)، أحد شيوخ المهنة، وهو يمتلك محلاً بوسط القاهرة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أعرف أن المهنة قد تختفي خلال سنوات لأنها صعبة، وتحتاج إلى مهارة وصبر، كما أن أرباحها غير مجزية، مقارنة بالجهد الذي نبذله. ففي كثير من الأحيان، أقضي ساعات طويلة في إصلاح شق صغير في قطعة ملابس، ويكون المقابل المادي لا يوازي الوقت أو الجهد، وقد حاولت نقل خبراتي إلى أجيال جديدة، لكن الشباب لا يريدون مهناً شاقة. وكان لدي صديق من شيوخ المهنة توفى قبل نحو عامين، فقام نجله بتحويل المحل إلى ورشة لصيانة أجهزة الموبايل، عقب حصوله على عدة دورات تدريبية في الصيانة، بالطبع لأنها مهنة أسهل وأكثر ربحاً».
وبحسب شيوخ المهنة، فإن جميع طبقات المجتمع المصري يحتاجون إلى إصلاح بعض ملابسهم لأسباب مختلفة، فبعض قطع الملابس قد تكون قيمة ومرتفعة السعر، أو لها قيمة معنوية ما، فضلاً عن اتجاه البعض إلى رتق الملابس لأنهم لا يستطيعون شراء ملابس جديدة. وساهمت الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الملابس في زيادة الإقبال على إصلاح الملابس القديمة نتيجة عدم القدرة على شراء ملابس جديدة.
سيد فرغلي (23 عاماً)، يعمل في أحد متاجر وسط القاهرة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «حملت سروالاً جينزاً خاصاً بي، أصيب بثقب صغير تسبب به مسمار معدني لم أنتبه له عند جلوسي على كرسي بمقهى شعبي، وفوجئت من طلب صاحب إحدى محلات الرتق مبلغ 30 جنيهاً (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)، وتفاوضت معه لتخفيض السعر، حتى اتفقنا على دفع 20 جنيهاً».
وأضاف: «اشتريت هذا البنطلون قبل نحو 4 سنوات بمائة جنيه، وأصبح سعره الآن نحو 400 جنيه، لذلك مهما كانت كلفة إصلاحه ستكون أفضل كثيراً من شراء آخر جديد».
وأوضح أن «محلات رتق الملابس أصبحت قليلة جداً، بل نادرة، وهو أمر غير جيد، لأن الناس ستحتاج دائماً إلى إصلاح بعض ملابسها، بغض النظر عن الأزمة الاقتصادية. فيمكنك أن تشتري قميصاً جديداً مرتفع الثمن، ثم تحدث أي مشكلة به، كأن يصاب بحرق من التدخين، أو يعلق في أي شيء معدني فيحدث فيه ثقب أو شق، وهي عيوب يمكن إصلاحها، وسيبدو القميص جديداً تماماً».
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط»: «مهنة رتق الملابس من الحرف اليدوية المهمة التي تحتاج إلى مهارات خاصة، ويحتاجها المجتمع، فصاحبها يقوم بإصلاح عيوب الملابس بصبر ودأب، فلا يمكنك بعدها أن تحدد مكان العيب»، وأضاف: «يجب أن توضع خطة شاملة لضمان استمرار الحرف اليدوية المهمة، لأنها تمثل قيمة كبيرة للمجتمع، فيجب دعم هؤلاء الحرفيين بجميع الوسائل، ويمكن تخصيص أماكن خاصة بهم في المناطق الصناعية الجديدة لضمان استمرارهم، ونقل خبراتهم إلى الأجيال الجديدة».
ويبلغ عدد العاملين في قطاع الصناعات الحرفية نحو 5 ملايين شخص، معظمهم يعمل بالقطاع غير الرسمي، بينما يبلغ عدد الورش المسجلة رسمياً 4 آلاف ورشة فقط، بحسب غرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات المصري.
وأكدت الدكتورة عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع، في تصريحات صحافية، أن «المجتمع في حاجة شديدة لطبقة الحرفيين، ولا يمكن الاستغناء عنهم. ولكن رغم ذلك، نجد واقعاً اجتماعياً يشير بوضوح إلى تدني نظرة المجتمع لتلك الطبقة. وللأسف، بعض الحرفيين ساعدوا على تكريس تلك الصورة في أذهان مجتمعهم بسبب بعض السلوكيات السيئة من بعض أفراد المهنة»، وأضافت أن «المسؤولين أهملوا طبقة الحرفيين في السنوات الماضية، فهم لا يتمتعون بأي حقوق أو خدمات، ولا يوجد لهم كيان رسمي يمثلهم أمام الدولة والشعب للتفاوض من أجلهم».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.