تراجع التفاؤل بتشكيل الحكومة اللبنانية نتيجة تصلّب نواب «سنّة 8 آذار»

TT

تراجع التفاؤل بتشكيل الحكومة اللبنانية نتيجة تصلّب نواب «سنّة 8 آذار»

تراجع منسوب التفاؤل بإمكانية الخروج من أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في وقت قريب، بعد تعثّر مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون، واصطدامها بتشبّث الأطراف بشروطها، وأهمها رفض نواب «اللقاء التشاوري» السنّة المدعومين من «حزب الله»، كلّ الحلول الوسط التي قدّمت إليهم، ومنها توزير شخصية سنيّة من خارجهم، لكن هذا التراجع لم يوقف حركة المشاورات التي يتولاها عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، الذي أكد أن «الحكومة ستشكّل قريباً، لأن الاستقرار الاقتصادي أهم من أي أجندة سياسية».
وفي اعتراف ضمني بعمق المشكلة، أعلن الرئيس ميشال عون أن «الاختلافات بين الأطراف السياسيين، هي السبب الرئيسي لأزمة تشكيل الحكومة». وقال: «أسعى لوضع حدّ لهذه الأزمة من خلال اللقاءات مع الأفرقاء، على أن أتخذ بعدها القرار المناسب». في وقت أوضحت مصادر القصر الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس عون «سيستكمل اتصالاته ومشاوراته مع الأطراف المؤثرة بعيداً عن الأضواء، للتوصل إلى حلّ سريع لأزمة الحكومة». واعترفت أن «الموقف الذي صدر عن نواب (اللقاء التشاوري) بعد لقائهم رئيس الجمهورية (أول من أمس) أثّر سلباً على الاندفاعة الحكومية، لأنهم لم يبدلوا موقفهم، ولم يتقدموا خطوة واحدة إلى الأمام، رغم أنهم سمعوا موقف الرئيس من كلّ القضايا، والمخاطر التي تهدد البلد».
وأشارت مصادر قصر بعبدا إلى أن عون «سيجري مع الرئيس المكلّف تقييما لنتائج المشاورات، بعد عودة الحريري من لندن، خصوصاً أن الأخير أجرى لقاءات في العاصمة البريطانية، وفي ضوء هذا التقييم يتبلور الموقف». وعن الانطباع الذي تركته زيارة وفد «حزب الله» لرئيس الجمهورية، الذي زاد من غموض الوضع، أشارت المصادر إلى أن «(حزب الله) أيّد مسعى الرئيس عون، لكنه لا يقبل بأقل ما يقبل به النواب الستة، وهو مستمر بدعم مطلبهم في التوزير».
ورغم انشغال الحريري في مؤتمر الاستثمار اللبناني - البريطاني المستمرّ في لندن منذ يوم الثلاثاء الماضي، فقد قال في كلمة ألقاها أمس «أنا رجل صبور ومستعد للانتظار لإيجاد الحل من أجل تأليف الحكومة، ومتأكد أننا سنصل إلى تشكيل حكومة قريبا»، مشددا على أن «الحكومة ستشكل لأن الجميع يعلم أن الاستقرار الاقتصادي أهم من أي أجندة سياسية».
ولم يوقف الحريري اتصالاته الحكومية رغم انشغاله بأعمال المؤتمر في لندن، حيث عقد لقاء مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ناقشا خلاله سلسلة من الاقتراحات للحدّ من الخلافات، وسحب الذرائع التي تعطل عملية التأليف. وكشفت مصادر مواكبة لحركة المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الحريري «وافق على اقتراح يقضي بأن يسلمه النواب السنة المستقلون، ثلاثة أو ستّة أسماء لشخصيات قريبة منهم، ليختار الرئيس المكلّف أحدهم ليمثلهم في الحكومة»، مشيرة إلى أن «الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي كانا قريبين من هذا الاقتراح، لكنّ نواب (اللقاء التشاوري) رفضوا هذا المقترح». ولفتت إلى أن الحريري أبلغ عون وبري أنه «لن يوقّع مرسوم حكومة تضمّ أي شخصية استفزازية».
وبدا الحريري أكثر تفاؤلاً من فريقه السياسي، الذي يرى أن الوضع الحكومي لا يزال في دائرة المراوحة، وأفادت مصادر تيّار «المستقبل» بأنه «لم يطرأ أي جديد في الساعات الماضية، يغيّر معادلة التعطيل القائمة، والأمور ما زالت في حال الانتظار». وأشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأجواء التفاؤلية لم تبلغ مرحلة الترجمة، لأن الأزمة تدور في الدوامة نفسها، والرئيس الحريري ثابت عند موقفه النهائي برفضه توزير أي من النواب الستّة».
ولم تلقَ الطروحات التي قدّمت مؤخراً عن إعادة النظر في حجم الحكومة، وتقليص عدد أعضائها إلى 14 أو 18 وزيراً، المواقفة من قبل غالبية الأطراف الساعية إلى المشاركة الوازنة في الحكومة. وقالت مصادر تيّار «المستقبل» الذي يرأسه الحريري إن «الأفكار المطروحة لا تزال تدور حول حكومة من ثلاثين وزيراً، لأن الحكومة المصغّرة لن تلبي رغبة كل الأطراف بالشراكة في السلطة، وحكومة الـ32 وزيراً، التي يضاف إليها وزيران واحد علوي وآخر من الطائفة السريانية تكرّس عرفاً جديداً، وتشكل تلاعباً بموازين اتفاق الطائف الدقيقة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.