يمثل تشكيل كيان البحر الأحمر «درع الحماية» في حوض البحر الأهم في العالم، ويعد علامة فارقة في تاريخ الدول المطلة على البحر الأحمر؛ إذ إنها المرة الأولى الذي تجمع فيه 7 دول على الوقوف في وجه المشروعات التوسعية التي تبرز من قبل إيران، وأدوار تركية أخرى تطل بين حين وآخر، تجاه بعض الدول التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها في مياه البحر الذي يتحكم في ممرات استراتيجية، وتعبره أعداد كبيرة من بواخر النفط والتجارة إلى أنحاء العالم.
ويأتي إنشاء هذا الكيان الذي يضم كلاً من السعودية، ومصر، واليمن، والسودان، وجيبوتي، والصومال، والأردن، ترجمة عملية لفكرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لحماية البحر الأحمر وخليج عدن، والتعاون بين دول المنطقة، وبذلك يقطع هذا الاتفاق الطريق على مثيري الاضطراب في هذه المنطقة الحساسة.
التقارب مع أفريقيا الذي غاب سنوات وعاد في السنوات الأربع الماضية بكثافة تزامناً مع تأمين اليمن من المشروع الإيراني، وقيام «عاصفة الحزم» ضد الميليشيا الحوثية، عاد بقوة أكبر في دعم الأمن؛ مما يعزز الرؤية السعودية لتقوية الأمن الإقليمي، والأهم تأمين الممرات المائية.
ويفسح الاتفاق المجال لمزيد من التعاون بين الدول السبع لمنطقة يسودها الاستقرار والتنمية والفرص الاستثمارية، خصوصاً أن تلك الدول لديها أطول سواحل على البحر الأحمر ومشروعات ضخمة على شواطئه، ومن شأن التعاون بين الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن التغلب على التحديات الأمنية التي تشمل التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر.
وكانت السعودية نجحت في إعادة الدفء إلى العلاقات بين إريتريا وجيبوتي بعد انعدام التواصل السياسي الإيجابي بين البلدين، كما زارت وفود سعودية دول البحر الأحمر الأفريقية ودول القرن الأفريقي بهدف تعزيز العلاقات الإيجابية والتعاون المشترك مع القارة الأفريقية.
وللتاريخ، كانت السعودية دوماً نقطة القوة في تعزيز الأمن والتعاون في القارة الأفريقية، حيث كانت فترة التقارب الأولى التي قادتها السعودية بقيادة الملك فيصل - رحمه الله - وزياراته لدول أفريقية عدة في عام 1966، وتمخض بعدها إعلان إنشاء منظمة التعاون الإسلامي، وتبعتها زيارات أشمل في عام 1972؛ في إدراكٍ سعودي أصيل لأهمية التقارب مع الدول الأفريقية، التي تدين غالبيتها بالإسلام، وتتوق إلى مراحل التعاون الشامل.
بل وزاد من ذلك، تشكيل تعاون عربي أفريقي، شهدت فيه القاهرة أول قمة عربية أفريقية في عام 1977، نتج منها برامج عمل متنوعة، وحدد الأساس القانوني والسياسي للتعاون العربي الأفريقي والمبادئ التي يستند إليها هذا التعاون، فضلاً عن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من الأمن والاقتصاد والتقارب بين الشعوب، لكن البرامج تلك ظلّت في أوراق عربية شتى لم ترقَ إلى التنفيذ.
«آرسقا» مبادرة سعودية في مواجهة دول تسعى لزعزعة المنطقة والممرات الدولية
«آرسقا» مبادرة سعودية في مواجهة دول تسعى لزعزعة المنطقة والممرات الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة