«داعش» تفقد آخر عشيرة بايعته في دير الزور

التنظيم يحشد عسكريا لاقتحام المنطقة التي كانت عصية على النظام السوري

دير الزور
دير الزور
TT

«داعش» تفقد آخر عشيرة بايعته في دير الزور

دير الزور
دير الزور

لم يدم اتفاق الهدنة الذي عقد بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) و«عشيرة الشعيطات» بدير الزور، أكثر من 20 يوما واندلعت ليل أمس مواجهات عنيفة بين الطرفين في شرق سوريا إثر خرق التنظيم للاتفاق باعتقال ثلاثة شبان من العشيرة، قبل يومين، ومن ثم استعداد «داعش» عسكريا لاقتحام منطقة «الشعيطات»، الأمر الذي ينذر بمجازر بحسب ما قاله عمر أبو ليلى، الناطق باسم الجيش الحر في الجبهة الشرقية لـ«الشرق الأوسط». وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين التنظيم ومسلحين عشائريين من الطائفة السنية، تسببت بمقتل خمسة مقاتلين من «داعش» على الأقل، فيما لفت أبو ليلى إلى أن الأهالي تمكّنوا من اعتقال عدد من عناصر التنظيم معظمهم من المهاجرين.
وكانت «عشيرة الشعيطات» آخر العشائر المبايعة لـ«داعش» في دير الزور، وعقدت اتفاق هدنة معه تعهدت بموجبه عدم القتال ضد التنظيم وتسليم أسلحتها شرط عدم التعرض لأبنائها الذين يتوزعون في ثلاث بلدات هي، أبو حمام والكشكية وغرانيج.
وكان تنظيم «داعش» تمكن في النصف الثاني من يونيو (حزيران) الماضي، تدريجيا من السيطرة على مجمل محافظة دير الزور، مع آبارها النفطية، بعد انسحاب مقاتلي المعارضة ومبايعة عدد كبير منهم لـ«التنظيم».
وأوضح أبو ليلى أن أهالي عشيرة «الشعيطات» التي تعتبر من أكبر فروع «عشيرة العقيدات» التي تمتدّ إلى خارج سوريا ويبلغ عدد أفرادها المليون و200 ألف نسمة، عمدوا إلى نصب كمين لعناصر «داعش» في منطقة تعرف بـ«أبو حماه»، حيث وقعت الاشتباكات.
وفيما توقع أبو ليلى أن تكون المواجهات بين «داعش» و«الشعيطات» التي يبلغ عدد أبنائها الـ200 ألف شخص في دير الزور، عنيفة جدا، استبعد أن يتمكّن التنظيم من اقتحام المنطقة، نظرا إلى صعوبة تضاريسها، مضيفا: «الدخول إلى هذه المنطقة ليس كالخروج منها». ولفت إلى أن النظام وفي بداية الأزمة السورية، عندما اقتحم محافظة دير الزور، لم يتمكّن من السيطرة على «الشعيطات» وبقي على خلاف المناطق الأخرى في المحافظة خارج سيطرته.
وقال أبو ليلى إن أهالي العشيرة تمكنوا من تحرير كل المقرات التابعة لـ«داعش» في الكشكية، فيما عمد التنظيم إلى إرسال رتل كبير من جهة «جديد عقيدات»، المعقل الأساسي لـ«داعش»، تمهيدا لاقتحام «الشعيطات»، الأمر الذي سيؤدي، وفق أبو ليلى إلى مواجهات قد تصل إلى مجازر في صفوف الطرفين.
وفي هذا الإطار، فر «تنظيم الدولة الإسلامية» حظراً للتجوال وأغلقت جميع المحال التجارية في الشارع العام، في مدينة الشحيل، المعقل السابق لجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) في سوريا، وذلك تمهيداً لمرور رتل لمقاتلي «داعش» باتجاه بلدات أبو حمام والكشكية وغراني، وفق المرصد.
وأشار المرصد إلى أن «داعش» قام أمس، بإغلاق جسري الميادين والعشارة، وكثف حواجزه في الريف الشرقي لدير الزور، من المنطقة الممتدة بين بلدتي البصيرة والغرانيج، عقب إنذار التنظيم لمواطنين عشيرة الشعيطات ودخول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية إلى البلدات الثلاث، وقيامها بحملة مداهمات وتفتيش واعتقالات فيها. وسط اشتباكات متقطعة بين مسلحين عشائريين من البلدات الثلاث، وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ المواجهات بين «داعش» و«الشعيطات» بدأت الثلاثاء الماضي إثر اعتقال التنظيم ثلاثة من أبناء عشيرة الشعيطات في بلدة الكشكية» في ريف دير الزور، «متجاوزين بذلك الاتفاق الذي جرى بين التنظيم وأبناء عشيرة الشعيطات والذي نص على تسليم الأسلحة لـ«داعش» والتبرؤ من قتال التنظيم مقابل عدم التعرض لأبناء هذه البلدات».
وردا على ذلك، شن مسلحون عشائريون من بلدات الكشكية وأبو حمام وغرانيج التي يقطنها مواطنون من أبناء عشيرة الشعيطات الأربعاء هجوما على دورية لتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة أبو حمام، وعلى مقر لتنظيم الدولة في بلدة الكشكية، بحسب المرصد. واندلعت اشتباكات على الأثر بين الطرفين قتل فيها خمسة مقاتلين من «الدولة الإسلامية» على الأقل. وأوضح المرصد أن بين القتلى مقاتل يحمل الجنسية البلجيكية، مشيرا إلى فقدان «أمير محلي» في المعارك «لا يعرف ما إذا كان أسر أو قتل».
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بث أعضاء في عشيرة الشعيطات وناشطون صورا لجثث مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية» مع تعليقات بينها «الشعيطات تنتفض ضد الدواعش» و«المقاومة الشعبية ضد المرتزقة داعش».
وأظهرت صورة رجلا ملتحيا يمسك به مسلحان من الجانبين، مع تعليق «البغاة أزلام البغدادي في قبضة مجاهدي ريف دير الزور الأبطال، ريف دير الزور ينتفض».
على موقع «تويتر»، أطلق أعضاء في عشيرة الشعيطات التي تشتبك مع التنظيم المتطرف حملة تحت عنوان «الشعيطات تنتفض على داعش».
وعلى حساب باسم «الكفن الأبيض» على موقع «فيسبوك»، نشر شريط فيديو يظهر مجموعة من الأشخاص يسيرون وراء شاحنة صغيرة ألقي فيها جريح ينزف مع دماء على وجهه وبطنه. وأوردت الصفحة تعليقا جاء فيه: «الشعيطات تنتفض ضد تنظيم الخزي والعار داعش».



الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.


مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».