استدعاء جماليات البيوت القديمة لإحياء «حلاوة زمان»

معرض في القاهرة يحتفي بماكينات الحياكة وأجهزة الراديو العتيقة

عمل فني يعكس ألوان بحيرة قارون بالفيوم (الشرق الأوسط)  -  قطعة فنية تظهر أدوات سكان الريف في مصر قديماً  -  الأبواب القديمة للمنازل المصرية تمتزج بأدوات عتيقة
عمل فني يعكس ألوان بحيرة قارون بالفيوم (الشرق الأوسط) - قطعة فنية تظهر أدوات سكان الريف في مصر قديماً - الأبواب القديمة للمنازل المصرية تمتزج بأدوات عتيقة
TT

استدعاء جماليات البيوت القديمة لإحياء «حلاوة زمان»

عمل فني يعكس ألوان بحيرة قارون بالفيوم (الشرق الأوسط)  -  قطعة فنية تظهر أدوات سكان الريف في مصر قديماً  -  الأبواب القديمة للمنازل المصرية تمتزج بأدوات عتيقة
عمل فني يعكس ألوان بحيرة قارون بالفيوم (الشرق الأوسط) - قطعة فنية تظهر أدوات سكان الريف في مصر قديماً - الأبواب القديمة للمنازل المصرية تمتزج بأدوات عتيقة

مُفردات البيت القديم، وذاكرته الذهبية، كانت منهل الفنانة المصرية سماء يحيى، في تشكيلها الفني الأحدث، الذي أطلقت عليه «حلاوة زمان»، مُختصرة بهذا العنوان كثيرا من القراءات التي تخص معرضها المُتشبث بجماليات الماضي.
(حلاوة زمان) بكل تفاصيله، هو عن بهجة الأشياء البسيطة، التي امتلكها يوما ناس سعدوا بها، ثم ذهبوا وتركوها بعد أن غيبهم الموت، فتلاشت قيمة تلك الأشياء وفرحتها مع مرور الزمن، وتقدمه أمام الزحف العولمي المتوحش. هكذا تحدثت الفنانة سماء يحيى لـ«الشرق الأوسط» عن فلسفة معرضها، وميلها لتسليط الضوء على القديم، الذي تعتبر أنه يأتي في إطار اهتمام مشروعها بالحديث عن الزمن القديم، الذي استمدت كثيرا من عوالمه من بيت جدها القديم.
«في المعرض استعراض لأشياء ظلت أسسا للبهجة في كل بيت قديم، مثل ماكينات الخياطة، وأكواب القهوة، والراديو القديم، والمناجل، وبعض أدوات الزراعة المصنوعة من الفخار، وغيرها»، تتحدث صاحبة المعرض عن معالمه الرئيسية وتتابع: «هدفي الأساسي هو رؤية الجمال في أبسط ما لدينا، حتى لو كان مُهملا ومنسيا، وتطويع التراث لإنتاج الفنون، ففي المعرض استخدمت خامات مثل الحديد والخُردة والخشب والفخار، والتنوع في استخدام الخامات يأتي لخدمة الفكرة الرئيسية للمعرض».
يضم المعرض، الذي تستضيفه قاعة «إيزيس» بمركز محمود مختار الثقافي بالقاهرة، ويستمر حتى 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي نحو 25 تمثالا متنوع الحجم، منهم عملان مركبان، وخصصت سماء يحيى في المعرض جانبا خاصا لما أطلقت عليهم «عرايس قارون».
وتقول عنهم في متابعة لحديثها لـ«الشرق الأوسط»: «عرائس قارون هو اسم مجموعتي المصنوعة من الخزف، وأطلقت عليها هذا الاسم نسبة لبحيرة قارون في محافظة الفيوم، (جنوب القاهرة) لسببين، الأول أنني استوحيت ألوانها من ألوان البحيرة، وقمت بصناعتها على مدار سنة كاملة في قرية تونس التي تشتهر بصناعة الخزف بالمحافظة نفسها».
ولفتت قائلة: «السبب الثاني هو أنني جمعت من ورشات قرية تونس كسور الفخار التي استخدمتها في تشكيل العرائس، وكذلك من منطقة النزلة التي يُصنع فيها أقدم فخار في التاريخ منذ عصر الفراعنة، وما زالوا يحتفظون بها بسر مهنة أجدادهم، ومُصرين على ممارستها، فدمجت كسور الفخار تلك في تماثيل العرائس الخشبية تحية لهم، ولرحلة زمنية لزمن جميل وبهي».
وتنساب ألوان بحيرة قارون على سطح العرائس الخشبي، الذي يحيلنا لحوائط البيوت الطينية القديمة المدهونة بالجير الأزرق والأصفر، جامعة من خلالها بين عناصر الطبيعة المستمدة من مادة الخلق الأول، الطين ممزوج بمخلفات الصناعة.
تعتبر سماء يحيى، مشروعها ينتمي لمدرسة «الفن الفقير» Arte Povera، وهي مدرسة فنية تعود لأواخر الستينات عبر مجموعة من الفنانين الإيطاليين، الذين حاولوا خلق الأحداث والمنحوتات من المواد اليومية، والفقيرة، مثل الصلصال والخشب والحديد وقطع القماش، في محاكاة للفن لمحيطها البيئي، وهي مدرسة واجهت كثيرا من الانتقادات من المدارس الفنية التقليدية آنذاك.
وتحضر في المعرض «العروسة» و«الحصان» كأيقونات شعبية مرتبطة بالموالد القديمة، ولكنهما يتماهيان مع مفردات المعرض الأخرى كالمراجيح والألعاب والسفينة، كمرادفات مرتبطة في الأذهان بأوقات البهجة، وتعمدت صاحبة المعرض تقديمها بصورة وكأنهم عائدون من مخازن للمخلفات، ومن كهوف النسيان، في ترابط تشكيلي جعل ماكينات الخياطة تتكامل مع عرائس قارون، والراديو وألواح الخشب التي تعطي انطباعا كثيفا بظل البيوت وحماية أرضها.
التكوين الفني الذي أبدعته يحيى، علقت عليه الباحثة الفنية شذى يحيى، في كُتيب المعرض بقولها «في عالم هذا المعرض، لا مانع من أن تكون عجلة العربة الكارو، أو ماكينة خياطة قديمة وأحياناً قصعة عامل بناء وشباك بيت قديم مهدم هي أدوات إنتاج العمل الفني، فهذه الأشياء تحمل في باطنها مقومات الفن بمجرد إظهار جمالياتها الحقيقية وإماطة اللثام عن تلك الفرحة التي أضفتها يوماً بوجودها في حياة أصحابها».



احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».