إيدرسون... لاعب خط وسط يرتدي قفازين في يديه

أفضل الفرق في كرة القدم الحديثة هي التي تمتلك 11 لاعباً قادرين على اللعب بأقدامهم

حارس مرمى مانشستر سيتي إيدرسون قادر على استخدام قدميه مثل يديه  -  أبرز ميزة يمتلكها إيدرسون هي قدرته على التمرير الطولي بيديه بشكل دقيق
حارس مرمى مانشستر سيتي إيدرسون قادر على استخدام قدميه مثل يديه - أبرز ميزة يمتلكها إيدرسون هي قدرته على التمرير الطولي بيديه بشكل دقيق
TT

إيدرسون... لاعب خط وسط يرتدي قفازين في يديه

حارس مرمى مانشستر سيتي إيدرسون قادر على استخدام قدميه مثل يديه  -  أبرز ميزة يمتلكها إيدرسون هي قدرته على التمرير الطولي بيديه بشكل دقيق
حارس مرمى مانشستر سيتي إيدرسون قادر على استخدام قدميه مثل يديه - أبرز ميزة يمتلكها إيدرسون هي قدرته على التمرير الطولي بيديه بشكل دقيق

في يناير (كانون الثاني) من عام 1912، ذهب اثنان من أعضاء لجنة مراجعة القواعد والقوانين بالاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إلى ملعب «وايت هارت لين» لمشاهدة مباراة توتنهام هوتسبير في دوري الدرجة الأولى أمام نادي سندرلاند. وانتهت تلك المباراة بالتعادل السلبي بين الفريقين، لكن نظافة الشباك لم تكن الشيء الوحيد الذي لفت الأنظار إلى حارس سندرلاند، لي ريتشموند روز، حيث كان الحارس الويلزي يتقدم بكل كرة يمسكها بيديه إلى خط منتصف الملعب ثم يلعبها بشكل قوي إلى منطقة جزاء نادي توتنهام هوتسبير.
وبالنسبة لروز، لم يكن هذا شيئاً خارجاً عن المألوف، فقد كان هذا هو ما يفعله بصورة دائمة، حيث كانت القوانين في السابق تسمح لحارس المرمى بأن يمسك الكرة بيديه ويسير بها حتى خط منتصف الملعب، وبالتالي كان روز يجري والكرة في يديه حتى خط المنتصف لكي يستفيد من تلك القاعدة. لكن عندما شاهد أعضاء الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم روز وهو يفعل ذلك أمام توتنهام هوتسبير قرروا تعديل القانون بعدما أدركوا أن هذا الأمر بات يمثل مشكلة كبيرة.
وفي ذلك الصيف تغير القانون، ولم يعد بإمكان حراس المرمى، الذين أجبروا قبل ذلك بثلاث سنوات فقط على ارتداء زي مخالف لزملائهم في الفريق، أن يمسكوا الكرة بأيديهم خارج منطقة الجزاء. ووصلت عملية فصل حارس المرمى عن بقية لاعبي الفريق إلى أوجها في تلك الفترة، حيث بات حارس المرمى الآن محددا بقميص ذي لون مختلف وتم إجباره قدر الإمكان على البقاء داخل منطقة جزائه.
وبعد مرور 106 أعوام على تعديل هذا القانون، وصل الدور الذي يلعبه حراس المرمى إلى مستوى جديد، في ضوء مشاهدتنا لحارس مثل حارس المرمى البرازيلي لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، إيدرسون، يوم الثلاثاء الماضي وهو يمرر كرة متقنة خلال مباراة فريقه أمام واتفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى زميله فينست كومباني ولسان حاله يقول: ما أنا إلا لاعب خط وسط يرتدي قفازين في يديه! ويأتي هذا بعد أسبوعين فقط من التصريحات التي أدلى بها المدير الفني لنادي باريس سان جيرمان تحت 19 عاما، ثياغو موتا، والتي تحدث فيها عن حلمه بأن يلعب بطريقة 2 - 7 - 2، على أن يعتمد على حارس المرمى كلاعب خط وسط إضافي لزيادة الكثافة العددية للاعبي فريقه في وسط الملعب!
وما زال حارس المرمى يرتدي زياً مختلفاً عن باقي زملائه، لكنه الآن أصبح جزءاً من الفريق ولديه أدوار أكثر من مجرد الذود عن مرماه. وبدءا من الخمسينات من القرن الماضي، بدأ حراس المرمى في الخروج من منطقة جزائهم. وعندما خرج حارس المرمى المجري جيولا غروسيكس، في المباراة التي انتهت بفوز المجر على إنجلترا بستة أهداف مقابل ثلاثة على ملعب ويمبلي في عام 1953، من منطقة جزائه للتعامل مع إحدى الكرات الطويلة التي كانت تهدد مرماه، صرخ معلق المباراة كينيث وولستينهولم من غرابة ما شاهد وكيف تجرأ هذا الحارس على الخروج من مرماه، في مشهد ربما يحدث للمرة الأولى، لكن لو لم يفعل أي حارس مرمى هذا الأمر الآن فإننا سنتساءل لماذا لم يخرج الحارس من مرماه ويقطع الكرة ويحاول تمريرها بشكل متقن للأمام بدلا من مجرد تشتيتها للخارج!
وقد كان المدير الفني لمانشستر سيتي، جو ميرسر، هو أول من يطلق مصطلح «حارس المرمى القشاش» لكي يصف به حارس ليفربول تومي لورانس بعد مشاهدته وهو يتقدم من منطقة جزائه أمام إيفرتون في إحدى مباريات الدرع الخيرية في عام 1966، وأصبح من الضروري بالنسبة لأي فريق يريد أن يضغط على الفريق المنافس أن يترك مساحة كبيرة خلف خط دفاعه، وبالتالي فإنه يكون بحاجة إلى حارس مرمى يجيد اللعب بقدميه خارج منطقة الجزاء من أجل التعامل مع الكرات الطويلة التي يلعبها الخصم. وفي عام 1992، تم تغيير القانون بحيث لم يعد مسموحا لحراس المرمى بالإمساك بالكرات التي تأتي إليهم من زملائهم من الفريق، وهو ما يعني أنه بات لزاما على جميع الحراس أن يكونوا قادرين على اللعب بالقدم أيضا.
والأكثر من ذلك، أصبح من الممكن أن يتحول حارس المرمى، الذي غالباً ما يكون لديه بعض الوقت للتحكم في الكرة، إلى صانع ألعاب للفريق من خلال الكرات الطويلة التي يلعبها من الخلف للأمام، وهو الأمر الذي كان يصر عليه أسطورة كرة القدم الهولندية يوهان كرويف. وقد اتضحت فلسلفته من خلال النصيحة التي قدمها لحارس مرمى أياكس أمستردام السابق بيت شريفرز، عندما قال له: «يتعين عليك أن تتمركز في مناطق قريبة من حافة منطقة الجزاء. وبعد ذلك، يتعين عليك دائماً أن تعطي التوجيهات والتعليمات للمدافعين وأن تتقدم ست أو سبع مرات للأمام بسرعة كبيرة من أجل إنقاذ الكرات الطويلة التي تلعب نحوك. وقبل كل شيء، يتعين عليك أن تعلم أن الخوف الكبير الذي ينتاب حراس المرمى بأنهم سيتلقون أهدافا تلعب من فوق رؤوسهم من منتصف الملعب في حال تقدمهم للأمام لا يعتمد على الواقع. ولو لعب حارس المرمى بهذه الطريقة من أجل مصلحة فريقه، فلن يكون من المهم إذا اهتزت شباكه في إحدى المرات من كرة عالية تلعب من فوقه».
وكان هذا هو السبب الذي جعل المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي يعد الأكثر توهجا وتألقا بين المديرين الفنيين بعد كرويف، يشعر بالحاجة الملحة للتخلي عن خدمات الحارس الإنجليزي الدولي جو هارت بمجرد توليه مهمة تدريب مانشستر سيتي، لأن هارت بكل بساطة ليس جيدا بما يكفي من حيث التحكم في الكرة بقدميه، وهي المهمة التي يريد غوارديولا من حارس مرماه أن يقوم بها. ولا يتعين على أي حارس مرمى الآن أن يكون قادرا على تمرير الكرات بقدميه فحسب، لكن يتعين عليه أيضا أن يحافظ على نظافة شباكه في نفس الوقت، ولذا رأينا حارس مرمى مثل كلاوديو برافو يعاني بشدة في هذا الصدد. لكن الشيء المؤكد أن حارس مرمى مانشستر سيتي، إيدرسون، قادر على القيام بالأمرين معا.
ربما تكون هناك حالة من الجدل بشأن ما إذا كان إيدرسون هو أفضل ممرر للكرات في الدوري الإنجليزي الممتاز من بين كل حراس المرمى - معدل تمريراته الصحيحة أقل بقليل من معدل تمريرات حارس تشيلسي، كيبا، وأعلى بقليل من حارس مرمى ليفربول أليسون - لكن الشيء المؤكد هو أن أليسون يعد جزءا من جيل جديد من حراس المرمى الذين يعتمدون على التمريرات للمساعدة في ضبط إيقاع اللعب وبناء الهجمات من الخلف للأمام.
وربما تكون أبرز ميزة يمتلكها إيدرسون هي قدرته على التمرير الطولي بشكل دقيق، وهو ما يعني أن أي فريق لا يمكنه التفكير بسهولة في الضغط على مانشستر سيتي من الأمام وترك مساحات شاسعة خلف خط دفاعه، لأن أليسون في هذه الحالة يتحول إلى صانع ألعاب من الخلف ويمرر كرات طويلة إلى مهاجمي فريقه، وقد رأينا هذا الأمر بشكل واضح في مباراة توتنهام هوتسبير أمام مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد الموسم الماضي. لقد وصلت كرة القدم الآن إلى نقطة يكون عندها الفريق الأفضل هو من يمتلك 11 لاعبا يلعبون بأقدامهم، من بينهم لاعب يسمح له بارتداء قفازين والإمساك بالكرات داخل منطقة جزائه.
في بداية تعاقده مع إيدرسون قال عنه مدربه الإسباني غوارديولا: «لديه الجودة والقدرة على التمرير حين يقوم الخصم بالضغط، وقد جلبته لأني أحتاجه»، الكل تساءل حينها كيف تحتاج هذا الحارس الناشئ وأنت تملك برافو. وضح غوارديولا موقفه بالقول: «ليس لدي أي شكوك حول أداء برافو، لكننا قررنا أن نتعاقد مع إيدرسون، حيث أظهر أشياء رائعة ليس فقط في التمرير، بل في التصدي للكرات وكيفية التحرك تحت القائمين والعارضة لسد المرمى أمام المهاجمين». من تابع المدرب الإسباني في برشلونة أو في بايرن بعدها، يعرف جيدا أن أسلوب غوارديولا مبني على مدرسة الكرة الحديثة، ومن المقولات الشهيرة لعرابها كرويف: الحارس هو المهاجم الأول في فريق.


مقالات ذات صلة

أرتيتا «قلق للغاية» لإصابة ساليبا بعد التعادل مع فيلا

رياضة عالمية أرتيتا (رويترز)

أرتيتا «قلق للغاية» لإصابة ساليبا بعد التعادل مع فيلا

تفاقمت مشكلة إهدار أرسنال لنقطتين في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بعد تعادله 2-2 مع أستون فيلا اليوم السبت بسبب إصابة وليام ساليبا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية ريتشارليسون (رويترز)

ريتشارليسون يخطط للرحيل عن توتنهام إلى الدوري السعودي

كشف موقع «فوتبول إنسايدر» عن أن مهاجم توتنهام، ريتشارليسون، أبلغ أصدقاءه برغبته في مغادرة النادي اللندني، حيث يخطط للانتقال إلى الدوري السعودي للمحترفين.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية أرنه سلوت (أ.ف.ب)

سلوت: راودتني الشكوك قبل الفوز على برنتفورد

اعترف أرنه سلوت بأنه شعر بخوف أن يعيد التاريخ نفسه، إذ عانى ليفربول ضد برنتفورد اليوم السبت، قبل أن يسجل البديل داروين نونيز هدفين.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية واتكينز يحتفل (إ.ب.أ)

البريميرليغ: واتكينز يقود فيلا لانتزاع التعادل من آرسنال

واصل أولي واتكينز، مهاجم أستون فيلا، تألقه أمام آرسنال بعدما سجل هدفاً ليقود فريقه لانتزاع التعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لحظة احتفالية لاعبي فولهام (رويترز)

«البريميرليغ»: ليستر يخسر للمرة السابعة توالياً

قاد هدفا إميل سميث رو وأداما تراوري في الشوط الثاني، ليستر سيتي، إلى الهزيمة السابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بعد فوز فولهام 2 - صفر.

«الشرق الأوسط» (لندن )

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».