كارلا رميا: «لبنان الزمن الجميل رسالتي وفيروز جزء من حياتي»

تعد واحدة من سفراء الأغنية اللبنانية الأصيلة

كارلا رميا تحمل عطر تراث الأغنية اللبنانية الأصيلة في حفلاتها
كارلا رميا تحمل عطر تراث الأغنية اللبنانية الأصيلة في حفلاتها
TT

كارلا رميا: «لبنان الزمن الجميل رسالتي وفيروز جزء من حياتي»

كارلا رميا تحمل عطر تراث الأغنية اللبنانية الأصيلة في حفلاتها
كارلا رميا تحمل عطر تراث الأغنية اللبنانية الأصيلة في حفلاتها

تعد المطربة كارلا رميا واحدة من الفنانات اللبنانيات اللاتي يغردن خارج السرب إذ اختارت زمن الفن الأصيل عنوانا لمسيرتها الفنية. فهي ابنة بيت فني عريق (والدها المغني ميشال رميا) وتربت كما ذكرت أكثر من مرة على أغنيات عمالقة الغناء العربي وفي مقدمهم فيروز. ومؤخرا وقفت على خشبة دار الأوبرا المصرية لتشارك في المهرجان العربي للموسيقى وكذلك في حفل افتتاح المكتبة الوطنية. كما سبق وقدمت حفلات غنائية على مسارح عالمية في باريس وأميركا وغيرها فاندرجت على لائحة سفراء الأغنية اللبنانية. «في أحدث حفلاتي وعندما وقفت على خشبة دار الأوبرا المصرية أغني تحت عنوان «لبنان الزمن الجميل» شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه تراث لبنان الفني. فأنا أحاول جاهدة إيصاله للجيل الجديد بأمانة كي يكون على معرفة به فيتسنى له اكتشاف خصائصه وميزاته». تقول كارلا رميا في حديثها لـ«الشرق الأوسط». وفي أحدث إطلالتها التي حضرها كل من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لوحظ انسجامهما بصوتها فتماهت ملامح وجه الأول معه فيما لم يتوان الثاني من تمتمة كلمات بعض الأغاني التي أدتها رميا لفيروز. «أشعر بالفخر عندما أغني أمام مسؤولين في لبنان ويأتي غنائي بمثابة رسائل أتوجه بها إليهم من خلال صوتي وأدائي. وعندما بادرني الرئيس ميشال عون بالقول «لقد أبدعت وصوتك جميل ومميز» فرحت وكأني أوصلت رسالتي على أكمل وجه». ولكن ما هي هذه الرسالة التي تتحدثين عنها؟ ترد: «هي بمثابة صرخة من القلب تترجم أحلامي تجاه وطني لبنان علّ أيام العز تعود إليه على أيادي هؤلاء المسؤولين. وعادة ما أشعر برهبة كبيرة وأنا على المسرح وملامح وجهي كما أدائي خير دليل على ذلك. فما يدور في رأسي من أحلام تتعلق بوطن الأرز أغنيها على طريقتي». توضح كارلا رميا التي وقفت على مسارح عالمية وعربية تنشد أغاني لبنان الجميل.
وفي دار الأوبرا المصرية ضمن برنامج «مهرجان الموسيقى العربية» تحت عنوان «لبنان الزمن الجميل»، غنّت «قد أتاك يعتذر» و«وطني» وغيرهما لفيروز كما صدح صوتها في أغانٍ للراحل زكي ناصيف في «يا عاشقة الورد» وأخرى للراحل وديع الصافي «لعيوني غريبة». «أن أغني تحت هذا العنوان على مسرح من هذا المستوى هو مسؤولية كبيرة تتعلق بالتراث الفني اللبناني. فالجمهور المصري يتذوق الموسيقى الشرقية ونحن نتغنى بعمالقة من عنده كالراحلين محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ. فكانت حفلة لا تنسى وكنت سعيدة جدا بذلك». تعلق كارلا رميا التي تتغنى بتربيتها الفنية على أغاني عمالقة من لبنان أمثال الرحابنة وفيروز وفيلمون وهبي وغيرهم. وتشير إلى أنها تجري تدريبات دائمة لصوتها لأن من يهمله يفشل لا سيما أن حفلاتها مباشرة على المسرح ولا تتحمل اقتراف أي خطأ. «في كل وقفة لي على مسرح معين هو تحد جديد ومسؤولية كبيرة. وهناك وقفات غنائية مفصلية في مشواري الفني وبينها خلال تقديمي ديبلومي في الغناء الشرقي. فهي من اللحظات التي لا يمكن أن أنساها إن لرهبة معانيها وإن لجمالية المشهدية التي حملتها». تقول في سياق حديثها.
كتبت كارلا رميا في عيد ميلاد فيروز الـ83 على صفحتها «فيسبوك» الإلكترونية تقول «فيروز عندما أغني لك أشعر بالدفء وبالحنين وبالفخر». ولكن هل فيروز تتابعها أو التقتها يوما؟ ترد: «لم تسنح لي الفرصة بأن ألتقيها بعد وأنا من المحظوظين الذين عايشوا زمنها. تصلني انطباعاتها عني بالتواتر فهي متابعة لجميع الأعمال الفنية على الساحة وأتمنى أن أكون عند حسن ظنها». وتشير كارلا إلى أنها عندما تغني لفيروز تنتقل إلى عالم آخر وتحاول أن تتنقل أغانيها بعد أن تضع هويتها الغنائية والشخصية فيها. «هي جزء من حياتي وأنا تربيت على صوتها وعندما أغني لفيروز أحاول عدم تقليدها فألون أدائي بروحي ومن عندياتي لأن لكل واحد منا ميزته خصوصا أن أداء وصوت فيروز لن يتكررا».
البعض يصف كارلا رميا بالفنانة الأكاديمية وتعلق: «لا يسعني أن أمشي في هذا الطريق الذي اخترته وأن أخرج عن أصوله وعناصره الأساسية. فلبنان الفن الجميل هو رسالتي ولكن ذلك لا يمنعني من القيام بإطلالات على الفن الحديث من خلاله». وفي إحدى المرات شاركت وائل كفوري في أغنية «صار الحكي» خلال التدريبات في برنامج «ستار أكاديمي». وتقول في هذا الإطار: «أنطلق من الأصالة نحو الحداثة وحاليا أستعد لإصدار ألبوم غنائي جديد يتضمن قصائد مغناة لسعيد عقل وجبران خليل جبران وإلياس أبو شبكة، وبينها أغنية «لعبة» التي طرحتها مؤخرا. فهي بمثابة محاولة لتعريف جيل اليوم إلى تراثنا الغنائي الأصيل».
وعن أحلامها المستقبلية تقول: «أتمنى من لجان مهرجاناتنا اللبنانية أن تأخذ فن لبنان الجميل بعين الاعتبار وتخصص له أمسيات في برامجها الفنية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».