الأسد يفرض «تنازلات» مقابل الطعام في «معضمية الشام»

المعارضون رفعوا علم النظام ووعدوا بتسليم أسلحة ثقيلة اليوم

سوري يحمل طفله في موقع بمنطقة دوما قال ناشطون إن قوات تابعة للنظام دمرته بقصف عنيف أمس (رويترز)
سوري يحمل طفله في موقع بمنطقة دوما قال ناشطون إن قوات تابعة للنظام دمرته بقصف عنيف أمس (رويترز)
TT

الأسد يفرض «تنازلات» مقابل الطعام في «معضمية الشام»

سوري يحمل طفله في موقع بمنطقة دوما قال ناشطون إن قوات تابعة للنظام دمرته بقصف عنيف أمس (رويترز)
سوري يحمل طفله في موقع بمنطقة دوما قال ناشطون إن قوات تابعة للنظام دمرته بقصف عنيف أمس (رويترز)

أعلن ناشطون سوريون أمس، أن أول بنود الهدنة التي وافقت عليها القوات الحكومية السورية ومقاتلو المعارضة في حي المعضمية المحاصر منذ نحو عام، والمتمثل بإدخال المواد الإغاثية إلى المدينة، ينفذ صباح اليوم، بعد انقضاء مهلة الـ48 ساعة على دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وأكد عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن النظام السوري ومقاتلي المعارضة، وافقوا على هدنة مدتها 48 ساعة، بدأت صباح الأربعاء برفع العلم السوري على أعلى الإنشاءات في المدينة، وهو خزان المياه المرتفع، «بهدف السماح بدخول الطعام إلى السكان الذين يتهددهم خطر الموت جوعا»، موضحا أن الاتفاق يقضي «بإدخال المواد الغذائية والإغاثية والطبية إلى المدينة، وإخراج الجرحى والمسنين والمرضى، مقابل إخلاء الجيش الحر المدينة وعودة النازحين إليها من غير تعرضهم لضغوط أمنية».
وكان مقاتلو الجيش السوري الحر سيطروا على حي المعضمية العام الماضي وتحاول القوات الحكومية استعادته من خلال فرض حصار عليه قطع عنه كل الإمدادات من الطعام والدواء والوقود، ما تسبب بوفاة 9 أطفال على الأقل، كما قال ناشطون، نتيجة سوء التغذية.
ودخل وقف إطلاق النار الهش في المعضمية، التي تبعد مسافة 3 كيلومترات عن القصر الرئاسي السوري، حيز التنفيذ، أول من أمس، برفع علم الحكومة السورية على أعلى المباني في المدينة، «كبادرة حسن نية»، وذلك لمدة 72 ساعة. وقال الجيش السوري إنه إذا استمرت الهدنة حتى اليوم (الجمعة) سيسمح بإدخال الطعام. وأشار الداراني إلى أن القوات النظامية «خرقت الهدنة بعد ظهر أمس، بمحاولة اقتحام المعضمية من جهة شمال شرقي المدينة، وتحديدا من شارع القنيطرة - محور الأربعين»، مشيرا إلى أن هذه المحاولة العسكرية «أثارت استغراب المقاتلين في الداخل، الذين بدأوا يشكون بنوايا النظام الذي يحاول تسجيل بطولات، رغم موافقة المعارضة على الهدنة»، معتبرا أن تلك المحاولة العسكرية «تسعى لشق صفوف المعارضة».
وبدأت المفاوضات مع قوات النظام السوري، قبل شهر من موعد الهدنة. وأوضح الداراني أن المفاوضات «قادتها فعاليات من أهالي المعضمية التي نزحت عنها، مع فعاليات في داخلها، بهدف إدخال الغذاء وإخراج النساء»، مشيرا إلى أن «مساعي مماثلة حصلت بين فعاليات داريا، غير أن المعارضة في داخلها رفضت هذه الهدنة». وأوضح أن «ظروف المعضمية التي تعد حيا من أحياء دمشق، اضطرت المعارضة للقبول بالهدنة، بينما لم يؤثر الحصار كثيرا على داريا».
وتحاصر القوات الحكومية المعضمية، منذ 10 أشهر، وتمنع خروج المحاصرين منها، غير أن مبادرة رعاها الهلال الأحمر السوري ومنظمات دولية أخرى، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ساهمت بإجلاء لنحو 3800 شخص من المدينة غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين.
وقال ناشط قريب من الاتفاق لـ«رويترز» إن المفاوضات جرت بين المجالس العسكرية التابعة للجيش السوري الحر وأفراد من إدارات حكومية عسكرية وسياسية في المنطقة. وذكر الناشط أنه «إذا صمدت الهدنة وسمحت الحكومة بدخول الطعام يمكن تطبيق اتفاق أوسع تسلم بموجبه قوات المعارضة الأسلحة الثقيلة»، مشيرا إلى أن «النظام قال إنه يريد الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والمدافع، وهو مستعد لشراء هذه الأسلحة ودفع ثمنها»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون هناك «ضمانات من أي جانب».
وأكد ناشط آخر يُدعى أبو مالك، لوكالة الصحافة الفرنسية أن الاتفاق يقضي بتسليم الأسلحة الثقيلة إلى النظام، «إلا أن جيش النظام لن يدخل إلى مدينتنا» الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات إلى الجنوب الغربي من العاصمة السورية، موضحا أن «الخطوة الأخيرة ستكون السماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم من دون أن يتعرضوا للتوقيف، وسحب الحواجز العسكرية عن مدخل المعضمية». وأكد مصدر مقرب من النظام حصول الاتفاق، من دون أن يشير إلى مسألة انسحاب القوات النظامية، موضحا أن هذه القوات ستدخل المعضمية للتأكد من أن كل الأسلحة الثقيلة قد سلمت.
وأشار أبو مالك إلى أن بضعة آلاف من المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، منقسمون حول الاتفاق. وأوضح أن البعض من هؤلاء يرون أن المهم إدخال المساعدات الغذائية إلى سكان المعضمية، في حين يريد آخرون مواصلة القتال ضد النظام «حتى النصر».
وتقول مصادر محلية في داريا المتاخمة للمعضمية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المدينة الواقعة على طرف مطار المزة العسكري، «تعاني من وضع إنساني مؤلم»، مشيرا إلى أن المدينة الصغيرة تحاصرها الفرقة الرابعة وسرايا الدفاع التابع للحرس الجمهوري ومطار المزة العسكري الذي يحيط بالحي الشرقي. وأضاف: «تفتقد المعضمية اليوم إلى أبسط مقومات الحياة، حيث لا غذاء ولا دواء، ومن الصعب فك الحصار عنها». وأوضح أن الخط الوحيد المفتوح لها «هو المعبر منها إلى داريا المحاصرة أصلا».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.