اليمن: غضب شعبي بعد رفع الدعم عن «المحروقات».. ومقتل امرأة خلال فض الاحتجاجات

اقتصاديون يحذرون من تأثر الطبقة الفقيرة ويطالبون بمعالجات متزامنة

ارشيفية
ارشيفية
TT

اليمن: غضب شعبي بعد رفع الدعم عن «المحروقات».. ومقتل امرأة خلال فض الاحتجاجات

ارشيفية
ارشيفية

اشتعلت شوارع العاصمة اليمنية بالنيران، أمس، بخروج مئات المتظاهرين اليمنيين احتجاجا على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود.
وقال شهود عيان إن امرأة قتلت أثناء تفريق قوات الجيش والأمن للمظاهرات، فيما بررت الحكومة رفع الأسعار لتلافي وصول البلاد إلى حالة الانهيار الاقتصادي.
وفرقت قوات من الجيش والأمن مئات المحتجين، بعد إغلاقهم معظم الشوارع الرئيسة داخل العاصمة، إضافة إلى قطع الطرق التي تصل المدن بها، وتمكنت السلطات من السيطرة على المظاهرات، وفتح الشوارع الرئيسة داخل العاصمة، بعد إطلاق الرصاص في الهواء، وأكد شهود عيان مقتل امرأة أثناء فض هذه المظاهرات في شارع كلية الشرطة وسط العاصمة.
وأفادت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، بأن «توجيهات عليا صدرت برفع الجاهزية القصوى لقوات الجيش والأمن، خاصة بالعاصمة صنعاء، لمواجهة أي تهديدات أو أعمال تخريبية بسبب رفع الدعم، وأكدت المصادر أن القوات الجوية وضعت في استعداد قتالي تام، وشاهد سكان محليون طائرات حربية ومروحيات تحوم في سماء صنعاء، بينما جرى تشديد الحراسة الأمنية على المنشآت الحيوية والمرافق والمصالح العامة وتفعيل دور الحزام الأمني بالمحافظات». وأقر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق التي يتقاسمها حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، رفع الدعم عن المشتقات النفطية بعد أربعة أشهر من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، وقال مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»: «القرار وافقت عليه جميع الأطراف بعد سلسلة لقاءات بين هادي وقيادات الأحزاب السياسية المشاركة في حكومة الوفاق».
وأصدرت شركة النفط تعميما إلى محطات الوقود في جميع المدن بالتسعيرات الجديدة للوقود، والتي زادت من (60 إلى مائة في المائة)، حيث ارتفع سعر 20 لتر بنزين إلى 4000 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 20 دولارا (الدولار 214 ريالا)، في حين زاد 20 لتر ديزل إلى 3900 ريال، ما يعادل 18 دولارا، وزادت أسعار الكيروسين إلى 4000 ألف ريال، ما يعادل 20 دولارا، بينما بقيت أسعار الغاز المنزلي كما هي.
وقال ووزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد إن «هذه الخطوة اتخذتها حكومة الوفاق لمنع الوطني لدعم الاقتصاد، حيث كان يستفيد من الدعم الحكومي مهربو المشتقات النفطية، وبعض المتنفذين، والجماعات، والشركات الأجنبية، بينما لا يصل للمواطن سوى الشيء الزهيد».
ودعا الوزير بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الحكومية «الشعب إلى مؤازرة قرارات الحكومة».
وينفق اليمن ثلاثة مليارات دولار، على فارق أسعار المشتقات النفطية، لبيعه في السوق المحلية بسعر أقل، وهو ما يوازي ثلث إيراداتها، وعممت الحكومة بالتزامن مع قرار رفع الأسعار، تقريرا اقتصاديا على وسائل الإعلام الرسمية، يكشف إنفاق الحكومة نحو خمسة تريليونات ريال (22 مليار دولار) خلال العشر سنوات الماضية في دعم المشتقات النفطية.
وأشار التقرير الذي بثته وكالة الأنباء الحكومية، إلى أن «رفع الدعم عن المشتقات النفطية بصورة عاجلة، أصبح ضرورة وطنية حتمية لتلافي وصول البلد إلى حالة الانهيار الاقتصادي»، وذكر أن «المبالغ الهائلة التي سيجري توفيرها بعد رفع الدعم يمكن توجيهها إلى تحسين خدمات التعليم والصحة والأمن، وكذلك الاستثمار في البنى التحتية وخلق الوظائف».
ورحب الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية، وهو كيان اقتصادي خاص، يضم البيوت التجارية والصناعية باليمن، بقرار الحكومة، وقال في بيان صحافي إنه «يتفهم دوافع الحكومة لاتخاذ هذه الإصلاحات ضمانا لمصالح الوطن والشعب»، ودعا الاتحاد الحكومة إلى «اتخاذ إجراءات فورية تصحيحية أخرى في ذات المسار، خدمة للصالح العام، وإنعاشا للاقتصاد وللارتقاء بمستوى معيشة المواطن».
من جانبه، قال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر إن «الحكومة لجأت إلى الخيار السهل لمعالجة المشكلة الاقتصادية التي تمر بها، بعد أن فشلت في وقف مخربي الأنبوب وضبط المهربين، وأوصلت البلد إلى حالة شلل»، مشيرا إلى أن «رفع الدعم هو أقل كلفة من انهيار الاقتصاد أو توقف شبه كامل لكثير من قطاعاته بسبب الأزمة الخانقة منذ أشهر»، موضحا أن هذا القرار «سيكون له تبعات كبيرة على الفقراء، لذا على الحكومة أن تحسن الإنفاق على التعليم والصحة والطرق، وتعالج مشكلة الطاقة».
وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الميتمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من كارثة، وانهيار اقتصاد، في حال لم تتخذ الحكومة حلولا عاجلة لذلك. وقال الميتمي: «على الحكومة اتخاذ قرارات قوية، وفق خطة اقتصادية سلمية، بهدف تقليل الآثار الاجتماعية والسياسية لقرار رفع الدعم»، مشيرا إلى أن الطبقة الفقيرة ستتضرر من القرار، موضحا: «ينبغي على الحكومة أن تعتمد على إدارة محنكة وفاعلة وشفافة، لتقليل الضرر إلى أدنى مستوياته، حيث يمكن تحويل الوفورات المالية الناتجة عن رفع الدعم، لحماية المتضررين من الشرائح الفقيرة والمنتجين الصغار»، مضيفا: «نحن على حافة الهاوية، ولا توجد خيارات بديلة، فالعمليات الجراحية قد تكون مؤلمة، لكنها تنقذ المريض من الموت، وبالتالي ينبغي أن تجري هذه العملية بيد جراح ماهر، وفي المكان الصحيح».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.