حملة لمئات الجنرالات الإسرائيليين لتبني مبادرة السلام العربية

TT

حملة لمئات الجنرالات الإسرائيليين لتبني مبادرة السلام العربية

أطلق المئات من كبار الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي والموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (المخابرات العامة) والشرطة، حملة جماهيرية تحت عنوان «آن الأوان للطلاق من الفلسطينيين».
وقد ملأت لوحات إعلانات بهذا المعنى الشوارع في المدن الكبرى على طول البلاد وعرضها، موقعة باسم «قادة من أجل أمن إسرائيل»، وهي حركة أسسها 103 ضباط كبار ممن يحملون درجة عميد فما فوق في سنة 2014، ومنذ تأسيسها انضم إليها 170 شخصية قيادية بالدرجة نفسها. وتضم الحركة رؤساء الموساد السابقين؛ تسيفي زمير وداني ياتوم وشبيط شبتاي، ورؤساء جهاز الشرطة السابقين؛ يعقوب تيرنر وهرتسل شبير، ورئيس مجلس الأمن القومي السابق إيلان مزراحي، وأكثر من 30 ضابطاً برتبة لواء.
وجاءت مبادرتهم في حينه لمطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتبني مبادرة السلام العربية أساساً لمفاوضات سياسية وأمنية وتحريك عملية السلام مع الفلسطينيين. وتوجهوا برسالة بهذا المعنى إلى نتنياهو في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من تلك السنة. وأكدوا أن مجموع الخدمة العسكرية والأمنية التي نفذها الجنرالات المبادرون تبلغ 9 آلاف سنة خدمة أمنية أكسبتهم خبرة في أعماق الشؤون الاستراتيجية، وبناء على ذلك يرون أن الجيش الإسرائيلي قادر على حماية إسرائيل في زمن السلام، وأنه لا يوجد مبرر أمني حقيقي يمنع الحكومة من التقدم نحو مسيرة سلام تقوم على أساس مبدأ «دولتين لشعبين». بل إن سلاماً كهذا هو أفضل ضمانة لأمن إسرائيل.
وقال داني ياتوم، رئيس الموساد الأسبق، إن الحجة التي يتذرع بها نتنياهو للامتناع عن تحريك عملية السلام، بالادعاء أنه لا يوجد شريك فلسطيني، هي حجة واهية. ولكن حتى لو أردنا تصديقها، فهذا لا يعني أن علينا الوقوف مكتوفي اليدين، بل «يجب أن نبادر نحن في إسرائيل إلى تحريك الوضع وعدم انتظار الآخرين». وأضاف ياتوم أن نتنياهو «يعرف بالضبط ما الذي عليه فعله، لكنه يكبل يديه بالحسابات الحزبية الضيقة وقصيرة الأمد. ولو أنه يمتلك الشجاعة، لطرح مبادرة لخطوات أمنية من طرف واحد تخفف الضغط الأمني على الفلسطينيين وتشجع القيادة الفلسطينية على تغيير موقفها وتجند دولاً عربية على الانخراط في العملية، وعندها تتهيأ ظروف للمفاوضات». وقال ياتوم إن هناك خططاً أمنية مفصلة لدى الحركة، يعرفها نتنياهو، ويستطيع التقدم بها بلا أي عقبات، لو أراد ذلك. وهذه المبادرات تحتوي على كل ما يمكن من إجراءات تجعل المغامرة محسوبة أمنياً ولا تمس أبداً الأمن الإسرائيلي.
وزاد أن «السياسة الإسرائيلية الحازمة ضد حماس وحزب الله جيدة، ولكن علينا ألا ننسى الموضوع الفلسطيني فهو الأساس. علينا أن نتوقف عن التلهي بالتهديدات المحيطة بنا ونهتم أيضاً بالفرص الكبيرة المفتوحة أمامنا».
وأضاف ياتوم محذراً: «على الحكومة أن تضع سياسة مسؤولة لمنع ضم الأراضي، وتقود مبادرة مدنية للانفصال، قبل أن نزعزع استقرار الأغلبية اليهودية ونعرّض مواطني إسرائيل للخطر. لقد أجرينا بحثاً شاملاً تبين منه أن ضم أراضي المنطقة (ج) في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل يؤثر علينا تأثيراً هداماً من نواحٍ أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية. وتبين، من بين أمور أخرى، أنه إذا تقرر ضم الأراضي، حتى إذا تم ضم الأراضي (ج) وحدها، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى تأثير الدومينو الذي يتضمن وقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، ويعزز مخاطر حدوث تدهور، ونشوب العنف في الأراضي، ما يؤدي إلى احتلال منطقتي (أ) و(ب) مجدداً اللتين تتضمنان 2.6 مليون فلسطيني، وذلك ليس بمحض الإرادة، بل بدافع الدواعي الأمنية الناشئة».
وتوجه ياتوم إلى نتنياهو ووزرائه نفتالي بينيت وأييلت شاكيد وموشيه كحلون وإلى أعضاء الكنيست الكبار الآخرين، مطالباً بوقف عمليات ضم الأراضي ودفع مبادرة للانفصال المدني عن الفلسطينيين، وحماية الرؤيا الصهيونية للدولة اليهودية الآمنة والديمقراطية. وأوضح: «نستخدم مصطلح الطلاق أو الانفصال، الذي يعبّر تماماً عن طبيعة العلاقات التي يرغب فيها معظم الإسرائيليين في التعامل مع الفلسطينيين: الانفصال، وإنهاء العلاقات السيئة عديمة الثقة والمليئة بالعنف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».