مهرجان مراكش في سابع أيامه... فرح «الجمهور الناشئ» بالسينما

تسدل أمسية اليوم، بمراكش، على فعاليات المهرجان الدولي للفيلم، في دورته الـ17، بإعلان لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، برئاسة المخرج الأميركي جيمس غراي، عـن المتوجين بالجوائز الخمس المخصصة للأفـلام الـ14 المتنافسة: النجمة الذهبية (الجائزة الكبرى للمهرجان) وجائزة لجنة التحكيم وجائزة أفضل إخراج وجائزة أفضل دور نسائي وجائزة أفضل دور رجالي.
وشهد اليوم السابع من الدورة عرض باقة من الأفلام، في فقرات «المسابقة الرسمية» و«بانوراما السينما المغربية» و«الجمهور الناشئ» و«عروض خاصة» و«القارة الحادية عشرة» و«السينما بالوصف السمعي» و«أفلام جامع الفنا»، فضلاً عن برمجة آخر موعد ضمن فقرة «حديث مع...».
وفي قاعة «كوليزي»، تواصلت فرحة الأطفال بالسينما، ضمن فقرة «الجمهور الناشئ»، حيث كان الموعد مع فيلم التحريك «الثعلب الماكر الكبير وقصص أخرى» لبينجامين رينر وباتريك إمبير.
فيما استعرض المخرج الروماني كريستيان مونجيو، تجربته السينمائية أمام جمهور قاعة «السفراء» بقصر المؤتمرات، قبل أن ينصب الممثل الأميركي لورينس فيشبورن نفسه نجماً لأمسية العرض بساحة جامع الفنا، التي شهدت تقديم فيلم «الرجل النملة والمرأة الدبور» لمخرجه بايتون ريد، وبطولة بول رود وإفانجيلين ليلي ومايكل بايبيا وميشل فايفر ومايكل دوغلاس ولورينس فيشبورن.
- مخرج ومجتمع
تتميز أفلام المخرج الروماني كريستيان مونجيو بطابع حميمي وكوني في الآن ذاته. فهو يرسم في كل واحد من أفلامه صورة مفعمة بالحساسية لأشخاص وجدوا أنفسهم متورطين في دوامات يستحيل الخروج منها. سواء تناول موضوع الإجهاض المحظور في رومانيا، أو قصة مأساوية لطرد الجن في أحد الأديرة، أو حكاية طبيب مستعد للقيام بأي شيء لمساعدة ابنته على مغادرة البلد، فإن مونجيو يرسم لنا، في كل مرة، صورة مجتمع ينخره التطرف الديني والجهل والفساد.
نستشف من طريقة اختيار مونجيو لموضوعات أفلامه وتناوله الدقيق لحكاياته المستلهمة من الحياة اليومية، والأحداث المرتبطة بها، ذلك الانشغال الذي يميز التحقيقات الصحافية، الشيء الذي يجعلنا أمام تجربة مهمة لمخرج يطرح وجهة نظر تستدعي الانتباه، كما تحظى أفلامه بالتقدير حيث إن «4 أشهر، 3 أسابيع، ويومان» توج بالسعفة الذهبية في «كان» 2007، و«باكالوريا» بجائزة الإخراج في «كان» 2016. وقبل ذلك فاز «خلف التلال» بجائزة السيناريو وجائزتين عن أحسن أداء نسوي للممثلتين كوسمينا ستراتان وكريستينا فلوتور في «كان» 2012.
- دم وحروب
شهدت المسابقة الرسمية للدورة عرض فيلمين آخرين: «روخو» لمخرجه الأرجنتيني بنيامين نايشتات، من بطولة داريو غرادينيتي وأندريا فريغريو وألفريدو كاسترو ودييغو كريمونيسي، و«أكاشا» لمخرجه السوداني حجوج كوكا، وبطولة إكرام ماركوس وكمال رمضان وغانجا ومحمد شاكادو وعبد الله النور ونجلاء كمال.
تدور أحداث الفيلم الأول في الأرجنتين، قبيل الانقلاب العسكري سنة 1976، حيث يدخل رجل غريب إلى مطعم صغير بمدينة ريفية هادئة، ليشرع فجأة في توجيه إهانات وشتائم لكلاوديو، المحامي المعروف، الذي سيحظى بدعم وتعاطف الحاضرين الذين ألقوا بالغريب خارجاً. لاحقاً، في المساء، سيعترض الغريب سبيل كلاوديو الذي كان مرفوقاً بزوجته، لتنفتح الحكاية على عالم من الأسرار.
يستخدم المخرج، بذكاءٍ، الإشارات المرئية لأفلام السبعينات، لاستثارة إحساس عميق ومزعج إزاء جنون الارتياب والخوف الذي يتناسب تماماً مع مجتمع أرجنتيني في خضم تغيير دموي. بحيث، يسمح الفيلم بالتأمل في الحاضر على أساس ظروف الماضي، كما يتيح فرصة إجراء قراءة لمعرفة كيف تفاعل المجتمع المدني مع هذه الظروف.
من جهته، يفكك «أكاشا» الفيلم الساخر والقائم على التخيل في آن معاً، الصور النمطية لسرديات الحرب وصمود المجتمعات. وتتمحور قصة الفيلم حول عدنان، المحارب الذي تخلف عن العودة إلى وحدته العسكرية في جيش المتمردين بجنوب السودان، بعد إجازة بسبب موسم الأمطار. كان على عدنان أن يتفادى محاولات القائد الرامية إلى استعادة سلاحه، فيتوارى، رفقة صديقه عبسي الذي يرفض الانضمام إلى جبهة المقاتلين. يتنكر عدنان خوفاً من احتمال اعتقاله بسبب تغيبه من دون إذن، وملاحقات عشيقاته السابقات وحكم شيوخ القبائل.
- «ثعلب ماكر»... للأطفال
في فيلم «الثعلب الماكر الكبير وقصص أخرى» لمخرجه بينجامين رينر وباتريك إمبير، يكون الأطفال مع مسرح تقدم فيه فرقة من الممثلين من الحيوانات ثلاث مسرحيات. في إحداها، يجتمع أرنب معتوه وبطة شاردة الذهن وخنزير متزن، بينما يقرر لقلاق كسول التظاهر بالمرض. وفي ثانية، يتقمص ثعلب هيئة دجاجة لكي يساعد ذئباً جائعاً، وهو ما يفرح ثلاثة كتاكيت. وفي النهاية، يحل عيد الميلاد المسيحي فتقرر البطة أن تحل محل بابا نويل.
- «سرير الأسرار»
في إطار تكريم جيلالي فرحاتي ضمن فعاليات الدورة الحالية من المهرجان، كان الموعد مع ثاني أفلامه المبرمجة: «سرير الأسرار»، من بطولة فاطمة الزهراء بناصر وماجدولين الإدريسي وراوية وغيثة بلخدير وحسناء طنطاوي ونرمين جبلي.
يحكي الفيلم قصة امرأة شابة، تعمل مسؤولة عن دار للأيتام، يتم استدعاؤها في يوم من الأيام من طرف الشرطة لتحديد هوية جثة مجهولة. سيضع الحدث البطلة في مواجهة مؤلمة مع مدينة صغيرة، وعبرها مع ماضيها، بناسه وذكرياته.
- شرطي مزيف
في إطار عروضه السينمائية الموجهة للمكفوفين وضعاف البصر، ضمن فقرة «السينما بالوصف السمعي»، اقترح المنظمون، في دورة هذه السنة، خمسة أفلام. كانت البداية مع فيلم «وجوه وأماكن» لأنييس فاردا وجي إر، ثم «المتصنت» لتوماس كرويثوف، ليأتي الدور على «الحنش»، من إخراج إدريس المريني وبطولة عزيز داداس وماجدولين إدريسي وفضيلة بنموسى ومحسن مالزي وعبد الغني صناك، وفي انتظار برمجة «بلايد رانر 2049»،من إخراج دينيس فيلنوف وبطولة رايان غوسلينغ وهاريسون فورد وآنا دي أرماس وسيلفيا هويكس وروبين رايت، و«ليدي بيرد» من إخراج كريتا كيرويك، وبطولة أدوار رئيسية ساويرس رونان ولوري ميتكاف وتريسي ليتس وموكاس هيدكس وتيموثي غالمات مايري كاي بايس وجايك لايسي وديردره وكونل وجلينس وكونور وجويس فان باتن وفيليس سومرفيل وأندريا ممارتن وإستل بارسونز.
يحكي «الحنش» قصة فريد الذي يقمص دور شرطة، فيلبس زياً مزيفاً قبل أن يبدأ جولته الاعتيادية للاحتيال على بعض التجار وأصحاب المحلات التجارية، دون أن يعرف أن الشرطة تراقب تحركاته.
- ارتياح
يقول المنظمون إن التظاهرة تحقق نجاحها. بالنسبة لعلي حاجي، المنسق العام للمهرجان، فالدورة في طريقها إلى تحقيق «نجاح جماهيري كبير»، مبرراً ذلك، في تصريح صحافي، بالحضور الكثيف بقاعات عرض الأفلام، أو الجمهور المتابع للقاءات المبرمجة مع عدد من الأسماء البارزة في سماء السينما العربية والعالمية، ضمن فقرة «حديث مع...»، أو خلال أمسيات فقرة ساحة جامع الفنا، حيث كان الموعد من آلاف المراكشيين وزوار المدينة، الذين تابعوا عروضاً سينمائية مغربية، عربية وعالمية في حضور عدد من المخرجين والممثلين، بينهم الممثل الأميركي روبيرت دي نيرو والمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي والمصريون يسرا ويسري نصر الله وليلى علوي. كما تحدث حاجي عن فقرة «الجمهور الناشئ»، فقال إنها شهدت نجاحاً كبيراً في ظل الحضور اللافت للأطفال لمتابعة العروض المبرمجة ضمن هذه الفقرة بسينما «كوليزي». وأبدى حاجي ارتياحه للمكانة التي خص بها المهرجان السينما المغربية، حيث إنها تحضر، على مستوى كمي، بشكل ملحوظ، ضمن عدد من فقرات الدورة، من قبيل «بانوراما السينما المغربية»، فضلاً عن تنافس فيلم «طفح الكيل» لمحسن بصري على جوائز المهرجان، ضمن المسابقة الرسمية، مع الإشارة إلى تكريم المخرج جيلالي فرحاتي، في إطار فقرة التكريمات، وهو ما يشكل، برأيه، فرصة للسينما المغربية لتحقيق إشعاع فني والترويج لها بين الإعلاميين والضيوف والمتتبعين الأجانب.