البراميل المتفجرة.. سلاح القتل العشوائي

«هيومان رايتس ووتش»: النظام السوري يستهدف بها حلب بمعدل خمس ضربات يوميا

سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
TT

البراميل المتفجرة.. سلاح القتل العشوائي

سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)
سوريان يحملان أحد البراميل المتفجرة في موقع قصفته قوات النظام السوري بها في حلب أمس (رويترز)

تتصدر «البراميل المتفجرة» واجهة الأسلحة التي يستخدمها النظام السوري بشكل ممنهج لقصف التجمعات السكنية الواقعة في مناطق نفوذ المعارضة السورية، متعمدا إيقاع عدد أكبر من الخسائر في صفوف المدنيين. وإذا كان استخدام النظام للسلاح الكيميائي العام الماضي قد أثار ردود فعل دولية متشددة وصلت إلى حد التلويح بضربة عسكرية على سوريا، فإن التنديد الدولي باستخدام البراميل المتفجرة لا يرقى بعد إلى حد الضرر الذي يسببه، وأرواح المدنيين التي يحصدها. ورغم مطالبة مجلس الأمن الدولي، بموجب قراره رقم 2139 الصادر في 22 فبراير (شباط) الماضي: «جميع الأطراف بالكف فـورا عــن جميع الهجمات التي تشنها ضد المدنيين، فضلا عن الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك عمليات القصف المدفعي والقصف الجوي، كاستخدام البراميل المتفجرة»، فإن أيا من المعنيين باستخدام أسلحة مشابهة لم يمتثل. أكثر منذ ذلك، وثقت منظمات حقوقية دولية تصاعدا في استخدام النظام للبراميل المتفجرة منذ صدور القرار الدولي في شهر فبراير الماضي.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، أمس، أنها وثقت منذ صدور القرار حتى الـ14 من الشهر الحالي «أكثر من 650 ضربة كبيرة (بالبراميل المتفجرة) على أحياء في حلب واقعة تحت سيطرة مجموعات مسلحة معارضة للحكومة، أي بمعدل خمس ضربات في اليوم الواحد».
وقالت إن هذا الرقم يشكل «ضعف عدد المواقع المستهدفة في فترة زمنية مماثلة تقريبا قبل صدور القرار الدولي»، على خلفية توثيقها في الأيام الـ113 التي سبقت قرار مجلس الأمن استهداف 380 موقعا على الأقل بالبراميل المتفجرة في حلب.
وأكدت المنظمة، في تقرير نشرته، أمس، قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن لتقييم قراره بهذا الصدد أن «الحكومة السورية تمطر براميل متفجرة على المدنيين متحدية قرارا صدر بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي»، وشدد على أنها «واصلت، لا بل زادت، وتيرة القصف على حلب منذ صدور القرار».
وتشكل مدينة حلب، التي تخضع أحياء منها لسيطرة المعارضة، مسرحا دائما، في الأشهر الأخيرة، للقصف النظامي بالبراميل المتفجرة. وكان أكثر الاعتداءات دموية أخيرا استهدف حي السكري في 16 يونيو (حزيران) الماضي، وتسبب بمقتل 50 مدنيا، بينما قتل 20 آخرون في قصف لحي الشعار في التاسع من الشهر الحالي. ونقلت منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن مركز محلي لتوثيق الانتهاكات إحصاءه مقتل 1655 مدنيا في حلب نتيجة الغارات الجوية في الفترة الممتدة من 22 فبراير إلى 22 من الشهر الحالي. وكان النظام السوري بدأ في شهر أغسطس (آب) 2012 باستخدام البراميل المتفجرة للمرة الأولى، مستهدفا مناطق في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، وتحديدا في منطقة سلمى، ليعيد استخدامها بشكل لافت في مناطق أخرى، تحديدا في درعا، وسط سوريا، وداريا بريف دمشق، وبشكل مكثف في مدينة حلب.
وتعد البراميل المتفجرة، وهي تقليد لسلاح سوفياتي التصميم، صناعة محلية بدائية ينتجها النظام السوري في عدد من قواعده العسكرية. ويقول ناشطون وقياديون في المعارضة إن مطار حماه العسكري يشكل حاليا أحد أبرز مراكز تصنيع البراميل المتفجرة، التي يرميها سلاح الجو النظامي على أحياء حلب تحديدا، علما بأنه اعتمد في وقت سابق على تصنيعها في مركز الدراسات والبحوث العلمية في مدينة مصياف.
وتقود كتائب في المعارضة السورية منذ أيام حملة عسكرية مكنتها من التقدم إلى مسافة عدة كيلومترات من مطار حماه العسكري، الذي تقلع منه المروحيات محملة بالبراميل المتفجرة لقصف أحياء حلب. وارتبط استخدام النظام لهذا السلاح في قرى سلمى بابتكار تصنيعه في قواعد عسكرية في اللاذقية، قبل نحو عامين.
وفي حين كان قياديون في «الجيش الحر»، عدّوا، عند بدء استخدام البراميل المتفجرة، أن لجوء النظام إليها ناتج عن كلفة تصنيعها الرخيصة، في ظل نفاد الذخيرة لدى قواته العسكرية، يفسر خبراء عسكريون اعتماد هذه الاستراتيجية النظامية على أنها ترجمة لمبدأ «الأرض المحروقة»، نظرا للدمار الناتج عن استخدامها، الذي يصل إلى دائرة يبلغ قطرها نحو 300 متر. ويصطدم سعي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات وإدانة النظام السوري لاستخدامه أسلحة تستهدف المدنيين بشكل خاص بعرقلة كل من الصين وروسيا، حليفتي نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مجلس الأمن.
وفي هذا الصدد، دعت مديرة منظمة «هيومان رايتس ووتش» للشرق الأوسط، سارة ليا ويتسون، كلا من روسيا والصين، إلى «السماح للمجلس بأن يبدي التصميم نفسه الذي قاد إلى الإجماع على مسألة إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، من أجل وقف هذه الاعتداءات القاتلة على المدنيين».في إشارة إلى قرار أصدره مجلس الأمن بالإجماع، منتصف الشهر الحالي، يتيح دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المحتاجين إليها داخل سوريا، حتى لو لم تحظ بموافقة سابقة من دمشق.
من جهة أخرى، نددت «هيومان رايتس ووتش» بمشاركة «مجموعات مسلحة غير حكومية باعتداءات لا تميز بين مدنيين وغيرهم، بما فيها السيارات المفخخة والقذائف الصاروخية في مناطق يسيطر عليها النظام». وشددت مديرة المنظمة في منطقة الشرق الأوسط على أن «البراميل المتفجرة والسيارات المفخخة وإطلاق القذائف الصاروخية من دون تمييز تقتل آلاف السوريين، أكثر بكثير من عدد الذين فقدوا حياتهم في اعتداءات بالسلاح الكيميائي»، في إشارة إلى هجوم في ريف دمشق العام الماضي حصد أكثر من ألف قتيل.
وتساءلت: «ما الذي يجب أن يحصل بعد لدفع روسيا والصين إلى السماح لمجلس الأمن بتنفيذ كلامه واتخاذ خطوات عملية لوضع حد لهذه الاعتداءات غير القانونية؟».



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.