«أوبك» وروسيا تنتقدان تدخل ترمب في سياسات منتجي النفط

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح متحدثاً إلى صحافيين قبيل انطلاق اجتماعات «أوبك» في فيينا أمس (رويترز)
وزير الطاقة السعودي خالد الفالح متحدثاً إلى صحافيين قبيل انطلاق اجتماعات «أوبك» في فيينا أمس (رويترز)
TT

«أوبك» وروسيا تنتقدان تدخل ترمب في سياسات منتجي النفط

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح متحدثاً إلى صحافيين قبيل انطلاق اجتماعات «أوبك» في فيينا أمس (رويترز)
وزير الطاقة السعودي خالد الفالح متحدثاً إلى صحافيين قبيل انطلاق اجتماعات «أوبك» في فيينا أمس (رويترز)

بدأت دول منظمة البلدان المصدِّرة للنفط (أوبك) اجتماعها في فيينا، أمس (الخميس)، للاتفاق على خفض في الإنتاج يهدف إلى الحد من تراجع الأسعار، ولم تتردد في انتقاد تدخلات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سياساتها.
وبعد مطالبات متتالية من ترمب لدول «أوبك» بعدم خفض الإنتاج، كان آخرها تغريدته عشية اجتماعات المنظمة التي قال فيها: «نأمل أن تبقي (أوبك) على تدفق النفط كما هو دون قيود. العالم لا يريد ولا يحتاج أن يرى أسعار النفط ترتفع»، شن أعضاء في «أوبك» وروسيا هجوماً مضاداً على الرئيس الأميركي.
وصرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، قبل بدء الاجتماع أمس، بأن واشنطن «ليست في موقع يسمح لها بأن تقول لنا ماذا علينا أن نفعل»، مضيفاً: «لا أحتاج إلى إذن أحد لخفض الإنتاج».
كما أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أن الدول المشاركة في اتفاقية «أوبك+» تسترشد بمؤشرات السوق، لا بتغريدات الرئيس الأميركي، عند اتخاذ قرارات تقليص إنتاج النفط. وقال: «نحن لا نسترشد بالتغريدات؛ بل نعتمد على الوضع الحقيقي... التقييم الحقيقي للسوق، والتوقعات، وتوازن العرض والطلب، والاحتياطات، ونركز بشكل أساسي على المؤشرات الموضوعية للقطاع».
وبعدما أكد أنه يعارض خفض إنتاج بلاده بسبب العقوبات الأميركية، سخر وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقنه، أمس (الخميس)، من تغريدة ترمب وقال: «إنها المرة الأولى التي يقول فيها رئيس أميركي لـ(أوبك) ماذا عليها أن تفعل». وأضاف الوزير الإيراني: «عليهم (الأميركيون) أن يعرفوا أن (أوبك) ليست فرعاً من وزارة الخارجية الأميركية». وأوضح أن معظم دول «أوبك» تريد سعراً للخام يتراوح بين ستين وسبعين دولاراً.
وفي ما يخص التوجهات المقبلة للمنظمة والتي يترقبها السوق، أشار الفالح إلى أن المجتمعين «يسعون إلى خفض كافٍ، لتحقيق توازن السوق». وتريد «أوبك» التي تضخ ثلث الإنتاج العالمي، الحد من تراجع الأسعار التي انخفضت بنسبة 30% في الشهرين الأخيرين.
وقال الفالح إن خفضاً بمقدار «مليون برميل يومياً» مرغوب فيه، مشيراً إلى أن الخفض الذي قد يتقرر خلال الاجتماع «يجب أن يتم توزيعه بالتساوي بين الدول الأعضاء» وفق النسبة المئوية لإنتاجها. لكنه أضاف أيضاً: «نأمل في التوصل لشيء ما بنهاية يوم غد... يتعين أن نشرك الدول غير الأعضاء في (أوبك)»، وتابع: «إذا لم يرغب أحد في المشاركة والمساهمة بقدر مساوٍ فسوف ننتظر حتى يتسنى لهم ذلك».
ونقلت «رويترز» عن مندوب في «أوبك» قوله إن المنظمة توصلت أمس، إلى اتفاق أوّلي لخفض إنتاج النفط لكن لا يوجد رقم نهائي بعد. فيما قال مصدر في قطاع النفط الروسي عصر أمس، إن نوفاك لم يناقش بعد تخفيضات «أوبك+» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث غادر فيينا، أمس، متجهاً إلى موسكو لإجراء مباحثات مع بوتين، قبل أن يعود، اليوم، لحضور الاجتماعات.
ويبدو أن الأسواق كانت تترقب الإعلان عن خفض أكثر من ذلك لدعمها، إذ انخفضت أسعار النفط أكثر من 4% في المبادلات الأوروبية، فتراجع سعر برميل برنت إلى أقل من ستين دولاراً، قبل أن تعوّض بعض خسائرها لاحقاً.
وبلغ إنتاج «أوبك» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 32.99 مليون برميل يومياً، حسب وكالة الطاقة الدولية، فيما أعلنت السعودية عن زيادة في إنتاجها في نوفمبر (تشرين الثاني).
ويتوقع معظم المحللين إعلاناً عن خفض في الإنتاج يبقى حجمه مجهولاً، بهدف تحسين سعر النفط الذي بات يبلغ نحو ستين دولاراً لبرميل برنت المرجعي الأوروبي. ويبقى حجم الخفض الحقيقي للإنتاج النقطة الرئيسية المجهولة في اجتماع أمس، وفي الاجتماع الذي يُعقد، اليوم (الجمعة)، بين «أوبك» وشركائها وعلى رأسهم روسيا. وهاتان المجموعتان اللتان تضمان معا نحو عشرين دولة وتمثلان أكثر من نصف العرض العالمي، أبرمتا منذ نهاية 2016 اتفاقاً للحد من الإنتاج.
من جهة أخرى، صرح وزير النفط الروسي نوفاك الذي سيحضر اجتماع اليوم في فيينا، بأن «الأحوال الجوية» خلال فصل الشتاء الروسي «تجعل من الصعب على روسيا الخفض أكثر من دول أخرى»، ملمحاً بذلك إلى أن جهداً روسياً في هذا الاتجاه قد لا يأتي إلا في وقت لاحق. وذكر محللون في مجموعة «كوميرتسبنك» في وقت سابق الخميس، أن «لروسيا دوراً أساسياً تلعبه في هذا الإطار».
ورأى المحلل ستيفن برينوك من مجموعة الوساطة اللندنية «بي في إم»، أن الاتفاق حول خفض جديد شبه «مبرم مسبقاً». وأضاف أن سيناريو معاكساً سيؤدي إلى «موجة بيع بكميات كبيرة وسيضمن عودة إلى الفائض العالمي من النفط. النقطة المجهولة الوحيدة في هذه المرحلة هي حجم تخفيض الإنتاج».
وما زالت «أوبك» تعاني من ركود الأسعار الذي جاء بعد قرارها زيادة الإنتاج في نهاية 2014، من أجل استعادة حصص السوق من النفط الصخري الأميركي. وتراجعت الأسعار إلى 45 دولاراً للبرميل الواحد في يناير (كانون الثاني) 2015، ما أضعف اقتصادات الدول النفطية.
ومنذ ذلك الحين، سمح تحالف المنظمة مع منتجين آخرين بينهم روسيا، لها بالمساهمة في زيادة أسعار الخام حتى مطلع أكتوبر 2018. وفي يونيو (حزيران) الماضي، خفف المنتجون قواعد الانضباط بهدف السماح باستخراج كميات أكبر من النفط من أجل تعويض الخروج المتوقع للنفط الإيراني من الأسواق.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت إعادة فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية في نوفمبر، ما كان يفترض أن يؤدي إلى خفض العرض العالمي. لكنها استثنت في اللحظة الأخيرة من القرار ثماني دول مستوردة لهذا النفط بمستويات أكبر من تلك التي كانت تتوقعها الأسواق. وأدى هذا القرار إلى انخفاض الأسعار في الشهرين الأخيرين، ما ألغى الأرباح التي تحققت منذ مطلع 2017.


مقالات ذات صلة

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).