في الوقت الذي وصلت فيه الدفعة الثانية من الأموال القطرية لدفع رواتب مناصري حركة «حماس» في قطاع غزة، أمس (الخميس)، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب «الآليات التي يتم اتباعها لكي تتأكد إسرائيل من خلالها بأن هذه الأموال وزعت كما ينبغي ولم تذهب لتمويل الإرهاب»، حسب قولها. وأكدت أن جميع القوائم التي أعدت للصرف تمت الموافقة عليها من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، لضمان عدم ذهاب الأموال لتمويل نشاطات الجناح العسكري لحركة «حماس».
وقالت هذه المصادر للإذاعة الإسرائيلية الرسمية إن موظفي «حماس» الذين يستحقون قبض الرواتب، يوقعون خطياً على مستندات تثبت تسلمهم مستحقاتهم في بنك البريد في غزة، ويوقعون بصمة محبرة على المستند للتأكد من عدم القبض مرتين ويرفقون صورة عن بطاقة هويتهم. والهدف هو الشفافية أمام السلطات الإسرائيلية وأمام الدول الأخرى التي توسطت في الموضوع. وقام مكتب المندوب القطري، محمد العبادي، الذي جلب الأموال من الدوحة إلى تل أبيب، ومنها على حاجز «إيريز» قرب بيت حانون، بتسليم إسرائيل عشرات الآلاف من هذه المستندات لتقوم بفحصها.
والمعروف أن قطر قررت دفع رواتب عناصر «حماس» لـ6 أشهر، قيمتها 90 مليون دولار. والدفعة الشهرية الأولى، التي جلبها العمادي بالحقائب في سيارته في الشهر الماضي، كانت بقيمة 15 مليون دولار. وحسب المصادر نفسها، تبين أن ما دفع من الأموال بلغ 14 مليوناً و900 ألف دولار بالضبط. وقد فاض عملياً مبلغ 100 ألف دولار. فأعادته «حماس» إلى الدوحة بواسطة إسرائيل ومكتب العمادي.
وجاء هذا الكشف من إسرائيل أمس، بسبب الضجة التي حدثت في إسرائيل والمناطق الفلسطينية وفي عدة دول في العالم بسبب نقل الأموال بالحقائب. ففي المناطق الفلسطينية اعتبروا هذا الشكل من جلب الأموال مهيناً وقالوا إن هدفه الأساسي هو تعزيز الانقسام الفلسطيني الداخلي وتقوية «حماس» في مواجهة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير. وفي إسرائيل اعتبروه «تمويلاً مكشوفاً وصريحاً للإرهاب». وشكا ممثلو المعارضة البرلمانية في تل أبيب من أن «حكومة نتنياهو تحارب السلطة الفلسطينية التي تؤمن بحل الدولتين وتخصم عنها مئات ملايين الدولارات، وفي الوقت ذاته تقوم بتمويل (حماس) التي تدعو لإبادة إسرائيل». وفي الولايات المتحدة، بدأت تعلو أصوات تطالب بمحاكمة قطر بتهمة تمويل الإرهاب.
وأكدت المصادر الإسرائيلية أن قطر توجهت إلى تل أبيب بطلب تسليمها كتاباً خطياً تؤكد فيه تأييدها ورضاها عن نقل الأموال القطرية إلى «حماس» وأنها ترى فيها جزءا من الجهود لإعادة أعمار غزة وأنها - أي إسرائيل - تدعم علناً جهودها في إعادة الإعمار، كشرط لتحويل الشحنة الثانية من الأموال إلى القطاع.
وتابعت المصادر أن إسرائيل تجاوبت مع الدوحة عن طريق نشر تغريدة على «تويتر» من السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، رون درمر، المعروف بقربه من نتنياهو. واحتوت التغريدة على «شكر قطر ومصر ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي مالدانوف على جهودهم لتحسين الوضع في غزة كمقدمة للتوصل إلى اتفاق تهدئة طويل الأجل من شأنه أن يحافظ على أمن إسرائيل»، كما نقل موقع «واللاه» العبري.
وردت السفارة القطرية في بروكسل على تغريدة درمر، بتغريدة استثنائية أخرى، نشرتها على صفحتها الرسمية، جاء فيها أن «قطر ملتزمة بإيجاد حل لغزة، وتعمل مع إسرائيل والأمم المتحدة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة الفلسطينيين».
يذكر أن الدفعة الثانية من الأموال القطرية التي تم إرسالها، أمس (الخميس)، إلى غزة بقيمة 15 مليون دولار، ستوزع على 10 فروع للبريد في القطاع، لصرف رواتب موظفي «حماس» المدنيين، اليوم (الجمعة)، على غرار الإجراءات التي اتبعت في صرف الدفعة الأولى من المنحة في الشهر الماضي.
وبحسب ما ذكرت مصادر في تل أبيب، فإن هذا الراتب هو عن شهر سبتمبر (أيلول)، بمبلغ يتراوح ما بين 100 دولار حتى 1600 دولار، حسب موقع الموظف وأقدميته. وتبلغ قيمة الرواتب التي ستصرف للموظفين 10 ملايين دولار، بينما ستصرف بقية المنحة البالغة 5 ملايين دولار على 50 ألف أسرة محتاجة، تحصل كل أسرة منها على 100 دولار.
وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال جولته قرب الحدود الشمالية، أمس (الخميس)، لمسألة إدخال الأموال القطرية إلى قطاع غزة، قائلا: «الأموال كانت في السابق تدخل عن طريق السلطة الفلسطينية، لكن أبو مازن اختار خنق قطاع غزة، لذلك تفاقمت المشكلة الإنسانية التي أثرت على إسرائيل، فعلى سبيل المثال، مياه الصرف الصحي التي تتدفق باتجاه عسقلان، ومسألة كيفية معالجتها. وعندما جاءت الأموال من قطر، قلنا إننا سنشرف عليها. تريدون المال؟ نحن نريد صوراً وتوقيع وبصمة أصبع. وهذا ما حصل. والمبعوث القطري ينقل أموال المنحة بصورة منظمة، وهكذا نحن نعلم أين تذهب هذه الأموال».
«الشاباك» يدقق في أموال قطر لـ«حماس» لضمان عدم وصولها إلى الجناح العسكري
الفلسطينيون يرون أنها تعزز الانقسام والإسرائيليون يعتبرونها تمويلاً لـ«الإرهاب»
«الشاباك» يدقق في أموال قطر لـ«حماس» لضمان عدم وصولها إلى الجناح العسكري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة